الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من مشكلة فرط نشاط المثانة، فهل هي مرتبطة بالقلق؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني من فرط نشاط المثانة، بمعدل دخول الحمام كل نصف ساعة، علمًا أن هذه الحالة وصفها طبيب المسالك البولية بأنها مشكلة نفسية، وليس لها علاقة بالعلاج العضوي، قام الطبيب بإعطائي ميرابغرون بجرعة ٥٠ ملجم، مع فزيكير بجرعة ٥ ملغم، لكن لم تتحسن لدي كثرة الإدرار.

هل مفعول هذه الأدوية يأتي بالفائدة بعد ثلاثة أشهر، وهل فرط نشاط المثانة مرتبط بالقلق؟ فبعض الأيام عندما يتحسن فيها القلق والمزاج أرى الإدرار يقل لدي.

إذا كانت المشكلة نفسية؟ هل من الممكن علاجها بالأدوية العضوية؟ وهل هذه الأدوية جيدة؟ وهل تنصحونني بأدوية أخرى؟

علمًا بأن كثرة الإدرار سببها الضغط النفسي، نتيجة الدراسة في أواخر الدراسة الثانوية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالفعل فإنك تعاني من فرط حركة المثانة؛ مما يؤدي بك إلى التبول في فترات متقاربة وقصيرة نسبيًا، ونعم أتفق معك بأن الجانب النفسي والتوتر قد يلعب دورًا في مثل هذه الأمور.

ولكن قبل هذا وذاك يتوجب علي التأكد من وجود بعض العوامل المشتركة بين الكثير من المرضى، والتي قد تؤدي إلى نشوء حالات مشابهة لحالتك ككمية ما تشرب من سوائل، فيتوجب علي أن أتأكد أولاً من كمية ما تشرب من سوائل في اليوم الواحد، ولعله ونتيجة للنصائح الصحية المتناقضة أحيانًا والغير دقيقة في كثير من الأحوال، والتي تنتشر كثيرًا في وسائل الإعلام، والتواصل الاجتماعي هذه الأيام؛ فإن الكثير من الناس قد يبدأ بشرب كميات كبيرة جدًا من السوائل والماء على وجه الخصوص، ما من شأنه أن يؤدي إلى نشوء حالة مشابهة لحالتك؛ وذلك لأن الجسم يحتاج إلى كمية معينة من السوائل لإجراء عملياته الفسيولوجية المختلفة، ويقوم بعدها بالتخلص من الفائض من السوائل عن طريق العرق، والتنفس، والجهاز الهضمي، وبطبيعة الحال عن طريق الكلى والتبول.

وعندما يعود المريض نفسه على شرب كميات كبيرة من السوائل، فإن ذلك قد يؤدي إلى حدوث إدرار في البول، وبمرور الوقت فإن مثل هذا النشاط المتزايد على المثانة قد يؤدي بدوره إلى إحداث إجهاد في عضلاتها، وظهور ما يعرف بالمثانة المفرطة الحركة، ولمزيد من الايضاح، فإنها تصبح غير قادرة على تخزين كميات كبيرة وطبيعية من البول، بل إنها وبمجرد تواجد كميات ضئيلة من البول بها تعطي المريض رسالة بضرورة الإسراع إلى الحمام والتبول.

إذًا؛ وبناءً على طولك ووزنك: يتعين عليك ألا تشرب ما يزيد عن لترين ونصف إلى ثلاثة لترات من المياه يوميًا، وهذا الرقم بطبيعة الحال يتوقف على مدى تعرضك للحرارة والتعرق، ويلي هذا الأمر مقابلة الطبيب، وإجراء بعض الفحوصات الابتدائية البسيطة مثل تزريع البول، وإجراء فحص للمثانة، والكليتين عن طريق الموجات الصوتية، وبعد إتمام ما سبق يقوم الطبيب بوصف بعض العقارات الطبية.

وأحب أن أنوه هنا بأنني أتفق مع طبيبك في ما وصفه لك من عقارات، ولكن قد أختلف معه في جرعة الفيزيكير؛ لأنني أحب أن أعطي الجرعة العيارية، وهي 10 ملليغرامات يوميًا، وبعد مرور وقت مناسب يمكن تقييم العلاج، كما أن الطبيب قد يغير لك العقار بآخر مشابه من نفس عائلة مضادات الكولينات مثل: الديتروبان أو التولتيرودين.

وأحب هنا أن أضيف بأن هناك نوعًا آخر من العلاج قد يفيد المريض جدًا، وذلك على المدى البعيد بالطبع، ويسمى هذا العلاج بمحاولة إعادة تأهيل وتدريب المثانة لاستقبال كميات كبيرة من البول مرة أخرى، وإيقاف الاستخدام المزمن للعقاقير الطبية.

ويتم عن طريق قيام المريض بعملية قبض وبسط لعضلات الحوض والتحكم في المثانة، ولتقريب المسألة فإنني أطلب من المريض أن يتخيل أنه يتعرض للرغبة الملحة في التبول في مكان عام لا تتوفر فيه دورات للمياه! وحين تأكده من العضلات المقصودة فإنني أطلب منه إجراء عمليات تمرينية مستمرة بهدف تقويتها، ومن أمثلة ما أطلبه من المريض لتأهيل المثانة: هو أولاً محاولة معاندة المثانة بعدم الاستجابة الفورية لها، والإسراع إلى الحمام بمجرد الإحساس بالرغبة الملحة في التبول، وأطلب من المريض أن يزيد فترات المعاندة هذه بالتدريج، وأن يحاول الإكثار منها في حالات تواجده في المنزل، وذلك لتجنيب بعض المرضى حالات الحرج في بداية التمارين، وهناك تمرين آخر وهو القيام بتقوية العضلات المذكورة سابقًا، وذلك بالقيام بعمليات قبض وبسط لها بعدد 5 مرات بصورة طبيعية، وبالقيام بنفس القبض والبسط عدد 5 مرات، ولكن في هذه المرة بصورة بطيئة (مشابهة للإعادة البطيئة للأهداف في المباريات الرياضية).

ويقوم المريض بذلك في رأس كل ساعة على حسب الإمكان، وأن يقوم بزيادة عدد الانقباضات تدريجيًا بعد مرور أسبوعين ونحوها، وأن يستمر على هذه التمرينات لفترات طويلة، فإنها ستفيده كثيرًا بإذن الله.

كما عليك أيضًا أن تتأكد من خلوك من الإمساك، ويجب أن لا ننسى الإفراط في ممارسة العادة السرية لما له من مقدرة على إحداث تهيجات واحتقانات في المنطقة، وإلى نشوء أعراض مشابهة لحالتك.

وفي حالات نادرة، وعند شكوى المريض من عدم الاستجابة للخطوات المذكورة سابقًا، قد يقوم الطبيب المعالج بإجراء منظار للمثانة، وحقن جدار المثانة بمادة البوتكس، وهذه تؤدي عادة إلى استجابة مرضية للمريض لمدة قد تمتد إلى ستة أشهر أو عام كامل.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً