أنا شاب، عمري ٢٨ عاماً، أعاني من وسواس قهري في الطهارة والصلاة منذ أكثر من ٦ سنوات، وقرأت في استشارة على صفحة إسلام ويب للدكتور محمد عبد العليم -جزاه الله خيراً- عن دواء الزيروكسات وصفه لمريض نفس حالتي، بأن يتم تناوله لمدة سنة ونصف.

دكتور محمد عبد العليم جزاك الله خيراً، أرجو أن تفيدني كيف أتناول دواء الزيروسكات لعلاج الوساوس القهري، وكم فترة التناول؟ وكيف ومتى أوقف الدواء؟ وهل له من آثار سلبية؟ وما هو اسم الدواء في بلدك؟ أرجو إفادتي لعدم توفر أطباء نفسيين في المنطقة التي أعيش فيها.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيهم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قبل أن أتكلم عن الدواء أريدك أولاً أن تصل إلى قناعات قاطعة أن الوسواس القهري يمكن علاجه، ويجب أن تجتهد في هذا السياق، وأول شيء -يا أخي- يجب أن تصحح مفاهيمك حول الطهارة وحول الصلاة، الإنسان يجب أن لا يتنطع في الطهارة أبداً، هذا أمر ضروري وأمر شرعي، وأنا أعرف أن جميع الإخوة والأخوات الذين يعانون من الوساوس القهرية الدينية هم -إن شاء الله- من الأكارم والفضلاء، والذين يريدون أن يجيدوا طهارتهم وعبادتهم، وهذا السعي نحو الإجادة المطلقة قد يدخلهم في الوساوس، الأمر أبسط -يا أخي الكريم-.

الطهارة مثلاً -يا أخي- لا تبنى على الشك، إنما تبنى على اليقين، ولا تسرف في الماء أبداً، الوضوء أمره سهل جداً، أريدك أن لا تتوضأ من ماء الصنبور أبداً، تضع الماء في إبريق أو في قنينة أو في إناء، ويجب أن تعلم -يا أخي- أنه قد ورد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يتوضأ بمد من الماء وهو لتر إلا ربع تقريباً بمقاييس اليوم، والرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا في كل شيء، فحضر كمية الماء، اجعلها لتراً إلا ربع، أو قل لتراً، وبعد ذلك ابدأ في وضوئك تبدأ بسم الله، تغسل يديك وتؤكد على نفسك أنك قد غسلت يديك بكمية معقولة من الماء، تتمضمض وتستنشق وتغسل وجهك، ولا بد أن تراقب كمية الماء، ما تبقى لك هذا هو الماء الوحيد وهكذا، وأريدك -يا أخي الكريم- أن تصور نفسك عن طريق كاميرا التليفون، تضع التليفون أمامك، اشرع في الوضوء وصور هذا الفيديو، وبعد أن ينتهي الوضوء افتح التليفون، انظر للفيديو، سوف تجد أن وضوءك كان وضوءاً صحيحاً وجيداً ولم تسرف في الماء أبداً، هذا يجب أن يثبت لديك القناعة التامة بموضوع الطهارة.

كذلك الصلاة -يا أخي الكريم- لا تتردد وصلّ مع الجماعة، ودائماً حين تصلي النوافل في البيت -مثلاً- أكد على نفسك أن هذه نافلة، وأنه ليس مطلوباً منك أبداً أن تتشدد، وأنك تقف في أحسن المقامات، وتحدد الوقت -يا أخي-، ركعتين، يجب أن لا تستغرق أكثر من 5 دقائق، يجب أن تعلم نفسك ذلك وهكذا، فإذاً -أخي الكريم- المجاهدات السلوكية مهمة جداً.

أما بالنسبة للدواء: الأدوية كثيرة جداً التي تعالج الوساوس القهرية، هنالك عقار فلوكستين والذي يعرف باسم بروزاك، هنالك عقار فافرين والذي يعرف باسم فلوفكسمين اسمه العلمي، هنالك عقار زيروكسات -كما تفضلت- والذي يسمى علمياً باروكستين، هنالك عقار سيبرالكس والذي يسمى استالبرام، وهنالك عقار انفرانيل والذي يعرف باسم كلوأميبرامين، فبفضل من الله تعالى لدينا عدد ممتاز جداً من الأدوية، بالنسبة للزيروكسات هو دواء ممتاز ودواء فاعل جداً، له آثار جانبية بسيطة مثل بقية الأدوية، قد يفتح الشهية نحو الطعام، كما أنه بالنسبة للمتزوجين عند الجماع ربما يؤخر القذف المنوي قليلاً، لكنه لا يؤدي أبداً إلى أي خلل في الصحة الإنجابية والصحة الذكورية عند الرجل.

الجرعة المطلوبة في حالتك هي 40 مليجرام، تبدأ بنصف حبة أي 10 مليجرام يومياً لمدة 10 أيام، بعد ذلك تجعلها حبة واحدة أي 20 مليجرام يومياً لمدة أسبوعين، ثم تجعلها 40 مليجرام يومياً وهذه هي الجرعة المطلوبة في حالة علاج الوساوس القهرية، تستمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، حبتين 40 مليجرام لمدة ثلاثة أشهر، من المفترض خلال هذه الثلاثة أشهر أن تختفي أعراض الوسواس تماماً، وإذا تناولت الدواء بالصورة الصحيحة وطبقت المفاهيم التي ذكرتها لك، من تصحيح السلوك الوسواسي -إن شاء الله تعالى- سوف تلاحظ أن الوساوس قد اختفت، بعد انقضاء الثلاثة أشهر تجعل الجرعة 30 مليجرام أي حبة ونصف لمدة شهراً، ثم تجعلها حبة واحدة يومياً لمدة 6 أشهر، وهذه هي الجرعة الوقائية وهذه المدة مطلوبة وليست طويلة أبداً، بعد ذلك اجعل الجرعة نصف حبة أي 10 مليجرام يومياً لمدة شهراً، ثم 10 مليجرام يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

لا بد أن يكون هنالك جدولة لهذا البرنامج، وأن تلتزم به -يا أخي الكريم-، ويجب أن تبدأ الدواء تدريجياً وتتوقف عنه تدريجياً بنفس الكيفية التي ذكرتها لك، حتى لا تكون عرضة لأي آثار جانبية انسحابية.

يوجد دواء داعم يسمى رسبيريادون، أريدك أن تتناوله بجرعة 1 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله، داعم جداً لفعالية الزيروكسات لعلاج الوساوس القهرية، الزيروكسات يعرف علمياً باسم باروكستين، وهذا هو اسمه العلمي العالمي، وربما تجده تحت مسميات تجارية مختلفة في سوريا.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.