الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدعو الله وأتخيل الإجابة عكس ما أريد، فما نصيحتكم لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا على يقين تام بالله تعالى وقدرته، ولكن في بعض الأحيان عندما أتخيل شيئاً وأدعو أن يحصل معي (كالنجاح بعلامة عالية ----)، لا أعلم لماذا أتخيل عكس هذا الشيء؟ أو وأنا أدعو الله يخيل لي أن يحدث عكسه، فماذا أفعل حيال هذا الأمر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Noura حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى أن يبلّغك آمالك، ويُقدّر لك الخير، ويكتب لك النجاح الذي ينفعك في دنياك وآخرتك.

ثانيًا: أحسنت – أيتها الأخت الكريمة – حين توجّهت إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والسؤال، فإن الله سبحانه وتعالى يحبّ دعاء عباده له، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ ‌يَرُدَّهُمَا ‌صِفْرًا)، فالله تعالى لا يُخيّب ظنَّ من أحسن به الظنَّ، وقد قال في الحديث القدسي سبحانه وتعالى: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، ‌فَلْيَظُنَّ ‌بِي مَا شَاءَ).

فوصيتنا لك – أختنا الكريمة وابنتنا العزيزة – أن تُحسّني ظنّك بالله، وأنه سبحانه وتعالى كريم، واسع العطاء، رحيم، فتذكُّرك لأوصافه سبحانه وتعالى وأسمائه، هو الذي يبعث في قلبك حُسن الظنِّ به، ويقوى لديك الرجاء والطمع في فضله وكرمه، فالله تعالى الغني الحميد، فهو غني غنىً مطلقًا، ومع هذا الغنى هو الحميد في أفعاله، فإنه لا يفعل سبحانه وتعالى إلَّا ما يستحق أن يُحمد ويُشكر عليه، وهو سبحانه وتعالى القدير الذي لا يُعجزه شيء، إذا أراد شيئًا إنما يقول له كن فيكون، وهو سبحانه وتعالى الجوَاد المنَّان، يدُهُ سحَّاء الليل والنهار، لا تُغيضها نفقة، وإذا سأله الناس جميعًا حاجاتهم ومسائلهم فأعطاهم، فإن ذلك لا يُنقص من ملْكه شيئًا.

فهذه هي صفات الباري سبحانه وتعالى، وهذه هي أسماؤه، فإذا أيقن القلب بهذه الأسماء والصفات؛ فإنه حين يسأل ربَّه يسأله وهو يعلم أنه قادر على أن يفعل سبحانه وتعالى ما يشاء، ولكن الله تعالى رحيم بعباده، لطيفٌ بهم، فإنه يُجيب دعوتهم، ولكنّه يُجيب دعوتهم بما فيه مصلحة هؤلاء العباد، وقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن مظاهر هذه الإجابة، ليس بالضرورة أن يُعطيه الله تعالى نفس الشيء الذي طلبه وسأله، فربما يكون الخير في غير ذلك، فالله تعالى يُجيب الدعوة بواحد من أشكال الإجابة:

- إمَّا أن يُعطيه نفس الشيء الذي سأل وطلب.
- وإمَّا أن يصرف عنه أقدارًا مكروهةً، ومصائب كانت ستنزل به، ولكنّ الله تعالى يصرفها ويُبطلها عنه بسبب هذا الدعاء.
- وإمَّا أن يدّخر له هذا الثواب، ثواب هذا الدعاء إلى الآخرة، فيُعطيه سبحانه وتعالى ثوابه مكمَّلاً في الدّار الآخرة.

والله جلَّ شأنه رحيم بعباده، يختار لهم من هذه الأمور الثلاثة ما يتناسب مع مصالحهم، وهو أعلم سبحانه وتعالى بمصالح هذا الإنسان.

هذا الشرح الطويل – أيتها البنت الكريمة والأخت العزيزة – حول صفات الباري سبحانه وتعالى وتصرُّفه وتدبيره لأمر المخلوق – لأمر عبده – هذا الشرح الطويل هو من شأنه أن يصنع في قلبنا الأمل، ويغرس في قلبنا حُسن الظنِّ بالله والطمع في ما عند الله، فحينها سندعوه ونحن متيقّنون أنه سبحانه وتعالى سيُجيب، وهذه هي وصية النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ قال عليه الصلاة والسلام: (ادْعُوا اللَّهَ ‌وَأَنْتُمْ ‌مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ).

فإذا وجدتِّ الأمور على خلاف ما كنت تطمعين فلا تيأسي من رحمة الله، فالله تعالى أرحم بك من نفسك، وأعلم بما يُصلحك، فربما يُقدّر لك الخير في غير ما تظنّين.

ولكن أهمّ نصيحة ننصحك بها، ونوصيك بها: أن تجتهدي بالفعل في تحسين علاقتك بالله تعالى، فتؤدي فرائض الله، وتجتنبي ما حرّم الله تعالى عليك، وبعد ذلك فوضي أمورك إلى الله تعالى يُقدّر لك ما هو خير.

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً