الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رجع إليّ الوسواس نتيجة توقفي عن الدواء، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم.

عانيت من الوسواس والاكتئاب، ولجأت لطبيب نفسي، ووصف لي الفافرين، وأخذته بالتدريج حتى وصلت لجرعة 200 ملغ، واستمررت عليه 5 أشهر، مع العلاج السلوكي؛ كتحقير الأفكار، والانشغال عنها وتجاهلها.

عندما تحسنت حالتي خلال خمسة أشهر، تهاونت في أخذ الدواء، وكنت أنساه إلى أن تركته نهائياً، وبعدها بأربعة شهور عاد إلي الوسواس والشعور بالاختناق النفسي مرة أخرى، وهي وساوس تأتي على هيئة أفكار، وخوف من الناس، وهلع، ومشاعر اختناق تزداد في الصباح.

ذهبت للطبيب مرة أخرى، فنصحني بالعلاج السلوكي، ومنذ شهرين وأنا أحاول تنفيذ العلاج السلوكي، ولا أستطيع تنفيذ التعليمات في كثير من الأيام، فيتمكن مني الوسواس، فهل أعود للفافرين مرة أخرى؟ وما هي الجرعة الصحيحة والمدة الصحيحة لأخذه؟ ولماذا يعود الوسواس مرة أخرى؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

أبدأ بالنقطة الأخيرة في استشارتك، وهو: لماذا يعود الوسواس مرة أخرى؟

الوسواس يعود مرة أخرى لأن هذه طبيعته، وهو مرض انتكاسي، لكن الإنسان إذا كان صارمًا مع نفسه ولجأ إلى مبدأ التجاهل والتحقير، وصرف الانتباه والتنفير من الوساوس -وهذه هي الأسس السلوكية في علاجه- فغالبًا الوسواس لا يعود، لأن الإنسان إذا شعر ببدايته سيزجره ويحقّره ويصرف انتباهه عنه.

هذه هي الأسس العلاجية السلوكية، وأرجو أن تكون هي الوسيلة الرئيسة لعلاجك، لأن الأدوية تساعد وتساعد بصورة ممتازة جدًّا، كما جربت أنت فيما مضى، لكن الدواء بعد أن يتم التوقف عنه بالنسبة للذين لم يُدرّبوا ولم يُعالجوا أنفسهم سلوكيًّا واجتماعيًّا؛ ستحدث هفوات، وقد تحدث انتكاسات كاملة للمرض.

إذًا اجعلي مبدأك الرئيسي في العلاج هو الإصرار على رفض الوسواس، وعلى تحقيره، وعدم حواره، وعدم مناقشته، وأن تكوني إيجابية في أفكارك ومشاعرك وأفعالك، وأن تُحسني إدارة وقتك، وأن تتجنبي الفراغ، الفراغ الذهني والفراغ الزمني، لأن الوسواس يأتي للناس ويتصيّدهم من خلال الفراغ الشديد، واحرصي على النوم الليلي المبكّر، واحرصي على التواصل الاجتماعي الإيجابي، كوني إنسانة رائعة في عملك، وكل هذه علاجات تضيّق الخناق على الوسواس، و-إن شاء الله تعالى- لن يجد الوسواس إليك سبيلاً.

بالنسبة للعلاج الدوائي أقول لك: نعم ارجعي إلى الفافرين، وابدئي بنفس الجرعة 50 ملغ إلى أن تتدرّجي وتصلي إلى 200 ملغ يوميًا، وهذه جرعة علاجية معقولة.

علمًا بأن الجرعة العلاجية الكلية هي 300 ملغ، لكن لا أراك في حاجة إليها، واستمري على جرعة 200 ملغ كجرعة علاجية لمدة أربعة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، ثم خفضي الجرعة إلى 150 ملغ يوميًا لمدة شهرين، ثم إلى 100 ملغ يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه مدة وقائية كافية، بعد ذلك خفضي الجرعة واجعليها 50 ملغ ليلاً لمدة شهرٍ، ثم 50 ملغ يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

يتميز الفافرين بأنه دواء فاعل جدًّا لعلاج الوساوس، كما أنه سليم وغير إدماني، ولا يؤثر أبدًا على الهرمونات النسائية، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به.

بجانب العلاجات السلوكية التي تحدثنا عنها سلفًا، والذي أنت الآن تطبقينه منذ شهرين، أريدك أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرجة، تمارين قبض العضلات وشدِّها ثم استرخائها، ويمكن للمختص النفسي أن يُدرّبك عليها، ويمكنك الاستفادة من هذه الاستشارة: (2136015).

الحكمة من وراء الحرص على تمارين الاسترخاء هي أنها تمتص القلق، وحين يمتص القلق ويكون ضعيفًا ومعقولاً هنا ستقل الوساوس؛ لأن القلق هو الطاقة النفسية الرئيسة التي من خلالها ينفذ الوساوس إلى الإنسان.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً