الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي هم الكمال في كل شيء مما يضايقني، فما الحل ؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله كل خير على مجهودكم، وجعله الله في ميزان حسناتكم.

عمري 22 سنة، تخرجت هذه السنة، والآن أنا لا أعمل، وهذا الأمر يضايقني جداً، لدي الكثير من صفات ما تسمى: النسوية، بدأت أكره أو أتضايق من كون الرجل هو من يتحكم في الإنفاق، وأرى أنه حر في هذا الأمر، ويشتري ما يريد ويشتهي دون عناء، على عكسي كبنت، أتكلف في طلب مبلغ معين من أبي، -ولله الحمد والمنة- أبي لم يقصر معي أبداً، ولم يحرمني أي شيء أبداً، لكني ما زلت أتكلف جداً، وأحمل هماً كبيراً جداً عندما أريد شراء شيء، ولو كان يسيرًا، وأشعر أني مثقلة على أبي، وخصوصاً لأن لديه الكثير من المسؤوليات، كالإنفاق على دراسة أخي في الجامعة، وطلبات بيتنا، وغيره.

أصبح لدي هم الكمال في كل شيء، وأشعر دائماً بضيق شديد، وخنقة حال وجودي في المنزل، ومع أهلي، وكذلك دائماً لدي رغبة شديدة في الخروج بمفردي، لكن أبي لا يوافق، بحجة أني بنت، وأنا -ولله الحمد- مسلمة مؤمنة، محافظة على صلاتي، وورد القرآن، وأحفظ القرآن، لكن صار لي فترة أمر بفتور شديد، فأصلي الفرض بثقل، وأحياناً لا أصلي النافلة.

أجد ثقلاً وتكاسلاً شديداً في حفظ القرآن، وطلب العلم الشرعي، على العكس من قبل، وأيضاً أكره الزواج جداً، وغير قادرة على استيعاب هذا الأمر، سواءً العلاقة أو المسوؤلية، وليس لدي أي رغبة في إنجاب طفل أو تربية طفل.

هذه الأمور كلها تشعرني عند ذكرها بالاستفزاز والتقزز، لقد تعبت من محاولاتي لإصلاح نفسي، وفي كل مرة أفشل وأرجع للصفر، أنا عصبية جداً، ودائماً ما أتعامل مع أمي وأبي بأسلوب سيء، ولا أتحمل منهما أي كلمة أو فعل، فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Yasmine حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونهنئك على التخرُّج، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يُقدّر لك مَن يُسعدك وتُسعدينه، واعلمي أن الحياة الزوجية وممارسة هذه الحياة لها الطعم ولها الحلاوة، ولكن هذه الحلاوة تختلط بغيرها، فالوردة حولها أشواك، والجنّة حُفّت بالمكاره، ولكن ستتغيّر كثير من المفاهيم عندما تدخلين في الحياة العملية، والإنسان عليه أن يحمد الله على النعم.

قد سعدنا تقديرك لظروف الوالد وتحمُّله المسؤوليات، وجاء الأوان الذي نعوّض فيه الأب ونعوّض فيه الأم على تعبهما وسهرهما، وسعدنا أنك تحافظين على وردك من القرآن، وتحفظين القرآن، وتطلبين العلم الشرعي، وهذه مبشرات، والفتور الذي يعتريك الآن سيزول، وندعوك إلى أن تنظري للحياة بأملٍ جديدٍ وبثقةٍ في ربِّنا المجيد، وحاولي دائمًا أن تتفهمي أحكام الشرع، فمن مصلحة الفتاة والمرأة دائمًا أن تشعر بالعزة عندما تشعر أن معها من الرجال مَن يحميها من المحارم، أو الزوج الذي يغار عليها.

الرجل يُعبر عن حبه لزوجته بالغيرة عليها، والآباء أيضًا يُعبّرون عن حُبّهم لبناتهم بشدة المحافظة عليهن، ونتمنَّى ألَّا تتحرجي من طلب ما تُريدينه، واعلمي أن من إكرام الله تبارك وتعالى للمرأة أنه لم يُكلّفها بالإنفاق.

المرأة عندنا تحتاج أن يُنفق عليها الأب، يُنفق عليها الزوج، يُنفق عليها الابن، يُنفق عليها بيت مال المسلمين، ونحن نشكو من غياب شرع الله، لكن الكثير من الدول عندها ما يُسمَّى بالضمان الاجتماعي، وليس معنى ذلك أنك تحتاجين أو تطلبين منه، ولكن حتى تعرفي عظمة هذا الدّين، فإن أخطاء الناس والمواقف التي تكون فيها قسوة من الرجل، هذه خارجة عن الدّين، وإلَّا فأكرم الرجال -عليه صلاة الله وسلامه- كان في مهنة أهله، ضحّاكًا بسَّامًا، يُدخل السرور عليهم، ولم يكتف بهذا حتى قال: (وخياركم خياركم لنسائهم)، وقال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)، كأنه يقول: (لا خير في من لا خير فيه لأهله).

إذا كنت -ولله الحمد- قارئة للقرآن، فينبغي أن تعلمي أن الله تبارك وتعالى أكرم الأنثى، هذا الإسلام أكرم المرأة أُمّاً، فجعل الجنّة تحت أقدام الأمّهات، وأكرمها بنتًا وأختًا فجعل الجنة مكانًا لمن أحسن للأخوات، وأكرمها حفيدةً، فحمل النبي -صلى الله عليه وسلم- أُمامة في صلاته يرفعها إذا قام، ويضعها إذا سجد، وأكرمها زوجةً فقال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).

أمَّا ما تشعرين به من العصبية عند الحديث مع الوالد والوالدة فتعوذي بالله من الشيطان، وكوني دائمًا البنت المطيعة لهما، ولا تفسّري المواقف التي تحصل منهما إلَّا على وجهها وعلى محملها في الخير، وأنا أكلّمك بمشاعر أب له أبناء وبنات، فنحن جميعًا كآباء وأمهات نحب أبناءنا ونحب بناتنا، بل تجد البنت مِنَّا مزيدًا من العناية، ومزيداً من الصيانة والحفظ والاهتمام.

عليه: أرجو أن تنظري إلى هذه الجوانب الإيجابية، وحُقّ لك أن تسعدي، وخالفي النسويات الشريرات اللائي يردن أن تتحدى الرجل وتخرج عن طوع أهلها، وهذا خروج عن فطرتها، وإلَّا فالقوامة فطرة، والقوامة لا تعني السيطرة، إنما تعني الشفقة، وفي ذلك يقول تعالى: {وللرجال عليهنَّ درجة}، قال المفسرون: هي درجة الشفقة والعناية والرعاية والاهتمام.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يُعيننا على فهم هذا الشرع وتطبيقه على الوجه الصحيح الذي يُرضي الله، وشكرًا لك على التواصل مع موقعك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً