الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عقدت على فتاة ثم طلقتها وأشعر أني ظلمتها وأهلها!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خطبت فتاة ذات دين وخلق، وكان قلبي غير مطمئن لهذه الخطبة قبل وقوعها، وكنت أشعر بالضيق الشديد، وتعسرت بعض الأمور أثناء تجهيزات الخطبة، مثل: عطل السيارة، ونحو ذلك، ولثقتي بأن الفتاة على دين وخلق لم أصلِ صلاة الاستخارة قبل الخطبة.

بعد عقد النكاح شعرت بضيق، وكان هذا الشعور يزداد يومًا بعد يوم، وكنت أبكي كثيرًا، وكرهت المخطوبة وأهلها بدون أي سبب واضح، وصرت أحلم أحلامًا تنفرني من الزواج بتلك الفتاة، وأراها بيني وبين نفسي بصورة قبيحة، وأتخيل بعض الخيالات التي تنفرني منها، وهي ليست كذلك، ومن شدة الضيق الذي ألمّ بي قررت الطلاق، فقام والد الفتاة وأحضر راقيًا شرعيًا، فقام برقيتي ظنًا أن ذلك بسبب العين أو السحر.

استخرت على مدى ثلاثة أيام في مسألة الطلاق، فارتحت لذلك، -وقدر الله- وحصل الطلاق وارتحت بعدها، وقمت بتأمين نصف المهر الذي هو حق للزوجة؛ لأن الطلاق وقع قبل الدخول والخلوة.

بعد الطلاق أصبح ضميري يؤنبني؛ ليس على الطلاق إنما على شعوري نحو الفتاة وأهلها، أشعر أني ظلمتهم، فهل أنا آثم بهذا الطلاق؟ مع العلم أني وعدت والدها قبل ثلاث سنوات بخطبة ابنته، ولم يرض أن يزوجها لأحد غيري، ولم تكن نيتي سيئة، ولم يخطر على بالي ذلك، خفت أن أظلم نفسي والفتاة لو استمرت الحياة الزوجية ونفسي غير مطمئنة، فهل يلزمني التصريح بسبب الطلاق؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –ولدنا الحبيب– في موقعك إسلام ويب، نشكر لك تواصلك مع الموقع، ونسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان ويُرضّيك به، كما نشكر لك أيضًا –أيها الحبيب– كرم أخلاقك وشدة حرصك على عدم إيذاء الآخرين، وهذا من علامات الخير فيك، نسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا.

وأمَّا بشأن الطلاق فما دامت نفسك نفرت من هذه الفتاة كل هذا النفور، وخشيت أن يستمر الحال على ما هو عليه، فقد أصبت في الطلاق ولم تُخطئ، فإن الله سبحانه وتعالى أخبر عن أن الطلاق أنه ربما كان مفتاح خير للطرفين عند عدم إمكان إصلاح الحال، فقال سبحانه وتعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء: 130].

فليس عليك إثم بهذا الطلاق، وليس عليك ظلم؛ فإنك لم تظلم به أحدًا، وشعورك بما يتعرّض له أهلُ هذه الفتاة وتتعرض هي أيضًا بسبب هذا الطلاق، هذا شيءٌ راجع إلى كريم أخلاقك وجميل إحساسك، وهو وإن كان شاقًّا عليهم بالفعل، ولكنه قدر الله تعالى الذي كان خارجًا عن رغبتك وقدرتك.

وننصحك بأن تستعمل الكلمات الجميلة والاعتذارات الحسنة، وأن تُبيّن لهم حقيقة ما وقعت فيه، وأنه أمرٌ خارجٌ عن قدرتك وطاقتك، فهذا الكلام من شأنه أن يُطيّب خاطرهم، وإذا قدرت على أن تُهدي لهم شيئًا فإن الهدايا تجلب المودة والمحبة بين الناس.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعوض كلَّ واحدٍ منكما خيرًا ممَّا فَقَدَ، وأن يُقدّر لكما الخير حيث كان ويرضّيكما به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً