الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل البلاء يصيب الصالح والطالح؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قلتم بأن الله يبتلي الشخص بحسب مؤهلاته وصفاته الظاهرة والباطنة، فما المقصود بمؤهلاته وصفاته الظاهرة والباطنة التي تحدد الابتلاء؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ TABARK حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –أختنا الفاضلة– في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونحب أن ننبّه بدايةً إلى أن المؤمن والمؤمنة يسألون الله العافية، فلا يتمنّى الإنسان البلاء، ولا يتمنّى الموت، وهذا البلاء والابتلاء الذي ينزل من الله تبارك وتعالى على خلقه، ورد أن المرء يُبتلى على قدر دينه، فإذا كان في الدّين قوة شُدِّد عليه في البلاء ليرتفع منزلة ودرجات عند الله تبارك وتعالى، وجاء في الحديث: (أشدّ الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل).

والبلاء من الله تبارك وتعالى قد ينزل أحيانًا على جميع الناس، وينقسم الناس أمامه إلى طوائف ثلاث:
- طائفة كانت على الخير، تصبر، فترتفع لتنال درجات ما كانت تبلغها إلَّا بالصبر على البلاء.
- وطائفة ثانية كانت غافلة يردّها البلاء إلى الله، لقوله: {لعلّهم يرجعون}، {لعلَّهم يتضرعون}، وهذه أيضًا على خير.
- والطائفة الثالثة –عياذًا بالله – كانت غافلة، والبلاء ما زادها إلَّا بُعدًا، لقوله تعالى: {ولكن قست قلوبهم وزيّن لهم الشيطان ما كانوا يعملون}.

فنسأل الله أن يجعلنا وإيَّاكم ممّن إذا أُعطي شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر، والإنسان عند البلاء ينبغي أن يتذكّر الثواب، ويتعظ ويعتبر، ومن فوائد البلاء أنه يجعل الإنسان يرجع إلى الله تبارك وتعالى، {لعلَّهم يضَّرَّعون}، {لعلهم يتضرّعون}.

إذًا يُدرك المؤمن أنه في خيرٍ في كل الأحوال، إذا جاءته نعمة شكر، وإذا جاءه البلاء صبر، لذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (عَجَبًا ‌لِأَمْرِ ‌الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ).

وليس الأمر كما يفهم الناس عمومًا أن الذي يأتيه البلاء هو الشرير، البلاء ينزل على أهل الشر وأهل الخير، والصحابة الذين هم أعظم الناس ابتلوا بطاعون عمواس، وقد مات أكثرهم، وغيرها من الابتلاءات، لكن الفرق في النتائج، الفرق في تقبُّل المؤمن بأقدار الله تبارك وتعالى ورضاه بها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُلهمنا رُشدنا، وأن يُعيذنا من شرور أنفسنا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً