الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من الضعف الاجتماعي والانعزال عن الناس، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا حالياً في السابعة عشرة من عمري، وحالتي الاجتماعية ضعيفة جداً، ليس بسبب ضعف الشخصية بل بسبب البيئة التي لست أتقبلها شخصياً.

لدرجة أنه في يوم عيد الأضحى لا أذهب إلى الخارج، بسبب عدم وجود أي شخص أحب أن أزوره، وأنا أؤمن بأن هذا الشيء كتبه الله عز وجل فيّ، وأنا متقبل -ليس بنية الإساءة لإيماني بربي عز وجل-، وأحاول أن أتقرب إلى الله عز وجل، بعدم تقصيري في الصلاة.

هل الأمر طبيعي أن أكون وحيداً طول عمري، أطيع لله تعالى وأعبده، وأكون اجتماعياً بضعف، حتى مع ضعف الصلة مع الأقارب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك الصحة والعافية.

أولًا: الإنسان –ابننا العزيز– خُلق في هذه الدنيا لعبادة الله سبحانه وتعالى، وليعمّر الأرض، ولا يكون ذلك إلَّا باختلاطه بالناس لكي يفيد ويستفيد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (الْمُؤْمِنُ الَّذِي ‌يُخَالِطُ ‌النَّاسَ، ‌وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ) فالمسلم الذي يخالط الناس أفضل من الذي يعتزلهم، اللهم إلَّا إذا لم يأمن الفتنة في دينه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صدقة، فأنت مع الله ومع الناس إذا أدّيت الصلاة في جماعة، وأنت مع الله ومع الناس إذا قمت بزيارة مريض، وأنت مع الله، ثم مع الناس إذا شاركت في مناسبة فرح، أو تعزية، أو مواساة، وأنت مع الله، ثم مع الناس إذا حضرت حلقة علم مع جماعة، أو ذكر، كتلاوة القرآن.

أنت مع الله، ثم مع الناس إذا ساهمت في نصرة مظلوم، وهكذا الأمثلة كثيرة، وحياة المسلم مبنية على التكافل والتراحم والمشاركة، وهذا من شأنه أن يقوّي شوكة المسلمين كما في الحديث الشريف: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ ‌فِي ‌تَوَادِّهِمْ ‌وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)، و (يَدُ ‌اللَّهِ ‌مَعَ ‌الجَمَاعَةِ)، و (إنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ ‌مِنَ ‌الغَنَمِ ‌القَاصِيَة).

إذا رأيت أن المجتمع الذي تعيش فيه فاسدًا فقم بمحاولة إصلاحه، ولك الأجر في ذلك، فالصالح المصلح أفضل من الصالح، هكذا علَّمنا الإسلام، وإذا فعلت أي عمل فيه خير فلك أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة، كما في حديث: (مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ).

هذا لا يتأتى إلَّا بمخالطة الناس، فكن قدوة حسنة للآخرين تكسب الأجور العظيمة –بعون الله سبحانه وتعالى– وأفضل من أن تكون منعزلًا حتى ولو عبدت الله سبحانه وتعالى لوحدك طول الوقت، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ ‌أَعْتَكِفَ ‌فِي ‌هَذَا ‌الْمَسْجِدِ شَهْرًا).

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً