الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما أوشكت على عقد القران، تصرفت بطريقة تفشل الزواج!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

كلما حاولت أخذ خطوة في موضوع الزواج وأجلس مع فتاة رشحتها لي أمي مثلاً، أكون في البداية مقبلاً جدًا على الموضوع؛ لكن عندما تبدأ الأمور تتطور، لتصل إلى مرحلة قراءة الفاتحة مثلاً ينقبض قلبي، وأكره الفتاة كرهًا شديدًا، وأبدأ بالتصرف بغرابة معها لكي أجعلها لا توافق، وينتهي الموضوع، وعندما ينتهي فعلاً أفكر في الذي حدث، وأستغرب كيف فعلت هذا؟! ولماذا أنهيت العلاقة قبل أن تبدأ! ولا أفهم ما يحدث.

تكرر الأمر بأشكال مختلفة مع أشخاص مختلفين، والآن أنا خائف من أخذ هذه الخطوة مرة أخرى؛ لكي لا أسبب أذيةً لمشاعر بنت أخرى مثلما حدث مع السابقات، أصبح لدي رعب من شعور الذنب هذا، بسبب ما أفعله معهن، ولا أفهم السبب!!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما تتحدث عنه له أسبابه، ومتى ما عرفت السبب هان عليك علاجه، ومن تلك الأسباب ما يلي:

- الخوف من الزواج: بعض الشباب عنده هاجس أو خوف شديد من الزواج؛ إما خوفًا من تحمل المسؤولية، أو خوفًا من الفشل فيه، أو مرت به تجارب سلبية يخشى أن تتكرر معه، وهذا الخوف متى ما وجد في صدر أي أحد فإنه يحدث له ما حدث معك، ولا يرتاح إلا بعد أن تنتهي قصة الزواج لتبدأ غيرها، والمشكلة أنه يظن في كل مرة أن المخطوبة هي السبب، والحق أن الخوف من الزواج هو السبب، وعلاجه التحرر من ذلك.

- البعض يضع صفات مثالية في المرأة التي يريدها، ويجعل هذه الصفات كأنها معايير لا ينبغي التنازل عن أحدها؛ فإذا ما رأى الفتاة وقد سقطت منها صفة، أو بضعة صفات، فإنه يترجم ذلك مباشرة إلى أنها لا تصلح، وأنه يجب التخلص منها، وعلاج هذا أن يعلم أن الزواج يبنى على المجموع لا على الجميع، فلن يجد المرء كل ما يتمنى في امرأة قط، لكن أصول ما يتمناه من الدين والخلق لا يجب التنازل عنه.

- تلاعب الشيطان بالإنسان: الشيطان عدو ظاهر عداوته، وهو لا يريد للعبد أن يستقر أو يهنأ؛ ولذلك يأتي إليه منغصًا ومبغضًا له أي فتاة، يمكن أن تحصنه من الوقوع في المحرمات، وعلاج هذا يكون بالمحافظة على الأذكار.

أخي الكريم: نوصيك بما يلي:

1- المحافظة ابتداء على طاعتك وعلاقتك بالله عز وجل، والمداومة على الأذكار، وخاصة أذكار الصباح والمساء، والنوم فإنها حصن حصين من الشيطان.

2- اجعل لك عدة معايير لا يمكن التنازل عنها وهي: الدين، والخلق، فإذا كانت الفتاة متدينة تصلي فرضها، ولا عداوة لها مع الدين، وهي على خلق تحفظ حق الله في نفسها، وتضبط لسانها عن القول الذي لا يليق؛ فهذه من تصلح لك زوجة.

3- لا يعني ما مضى التنازل عن كونها جميلة، أو أي مرغوب لك آخر، المهم أن يكون الدين والخلق هما المعيار الأولي.

4- لا تدقق كثيرًا في الفروع، ولا تتوقف عند الهنات الصغيرة، فليس هناك امرأة كاملة كما لا يوجد رجل كامل.

5- إذا أعجبتك الفتاة فاكتب الأسباب التي لأجلها رغبت فيها، واكتب السلبيات عند التردد، وقس الأمور بمقياس الأغلب؛ فمن غلبت عليها صفات الخير فهي الأولى.

6- استشر قبل أن تفعل أي شيء، والاستشارة تكون من اللاتي يعرفن المخطوبة؛ إما جيرانها، أو زميلاتها، على أن تقوم بذلك إحدى محارمك.

7- قبل الموافقة استخر الله تعالى، والاستخارة لا تفضي إلا إلى خير، فعن جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ: (إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ). وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ، ثم وافق على الخطبة بعد صلاة الاستخارة؛ فإن أتم الله الزواج فهو الخير، وإن صرفه فهو الخير.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يكتب لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً