الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأخر زواجي..هل السبب إخفاء خطبتي السابقة؟

السؤال

أعلم أني أخطأت، ولكن أريد أن أفهم، هل سبب هذا الخطأ ما يحصل لي الآن؟ وما العلاج والحل؟

لدي اكتئاب شديد، عانيت في صغري من صراعات عائلية أثرت على شخصيتي، وجعلتني أريد أن أتزوج زواجاً ناجحاً كي يعوضني عن ما مررت به، فهو حقاً قاسي، ويصعب علي وصفه.

الشخص الوحيد الذي كنت أريده، في اليوم الذي تقدم لي فيه وهو ذاهب إلى بيته عمل حادثاً وتوفي، وبعد أعوام تمت خطبتي على شخص لم أكن أقتنع به بسبب بعض الأمور، وأثناء الخطبة كنت أخفي أنني مخطوبة تحسباً مني أن يتقدم لي شخص أفضل -أعلم أن هذا خطأ كبير-، والأمور أثناء الخطبة كانت شديدة التعسر، وبها الكثير من الخلافات من حيث لا أدري، ثم انتهت الخطبة، وبالتأكيد نادمة على هذا الشخص، وعلى نيتي أثناء الخطبة.

بعدها كان هناك شخص متزوج يلاحقني، ويقول: إنه يحبني، وغير سعيد في حياته الزوجية، ويريد أن يتزوجني، ولكن عندما تصبح الأمور صالحة؛ لذلك كنت أهرب بكل الطرق، وأرفض التحدث، وأقول له: يحرم الكلام بيننا، وأنت شخص متزوج، ولكنه يقول: إننا لم نفعل شيئاً حراماً، نحن نتحدث فقط بكلام لا أكثر.

مر الزمن بين فترات انقطاع وفترات كلام، وأنا غير راضية، ولكنه يضغط ويلاحقني، وكنت أدعو الله كثيراً أن أتزوج كي أتخلص من هذا الشخص؛ لأن بزواجي سيختفي هذا الشخص من حياتي؛ لأنني لا أقدر على جعله بعيداً عني.

علماً أنه بسبب كثرة ضغطه وملاحقته لي على النت والموبايل وكلامه لي جعلني أنجذب إليه، ولكن لم أبادله كلاماً عن المشاعر أبداً، بالعكس دائماً أقول له: ابتعد عني.

مر الوقت بين بعد وقرب، ولكن فترات القرب لم أرض عنها أبداً، وأشعر بالضيق الشديد خوفاً من الله، ولكن كنت أشعر أنه لا توجد في يدي أي حيلة، ولم أقدر على صرفه عني أبداً.

أعلم أني على خطأ، وأنا شخصية ضعيفة جداً، وذلك الشخص يلعب على ذلك الأمر؛ لأني لا أملك الموقف الحازم الشديد؛ لأن شخصيتي ضعيفة.

أخطأت كثيراً في حياتي، فهل ما يجري في حياتي من تعسر وعدم زواج رغم أن كل من حولي تزوج وأنجب، وأولادهم كبروا، هل كل ما يحدث لي بسبب نيتي السيئة أثناء الخطبة، وتحدثي مع شخص متزوج؟

‎كيف أتوب؟ وكيف يصلح حالي؟ أنا شديدة التعاسة لا أقدر على فعل شيء حتى ترتيب الغرفة! ليس لدي طاقة أو نفسية، ولا أريد الخروج من المنزل، أشعر بالاكتئاب والندم الشديد، كل هذا بسبب خوفي الشديد من الزواج الفاشل، كنت أتحرى كل الأمور ولكني أخطأت بسبب جهلي وعدم خبرتي.

أرجوكم ادعوا لي بالزوج الصالح، حتى لو لم أستحق ذلك، لعلكم أقرب إلى الله مني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختنا: لماذا لا تستحقين الزوج الصالح؟! لماذا تركت هذه الهواجس الشيطانية تتمدد في حياتك الاجتماعية؟!

أختنا، ليس معنى الخطأ أو الوقوع فيه أن الحياة قد انتهت، وأن الرزق قد تخلف، وأن الضياع والوحدة هو الطريق الوحيد لك!

هذه أوهام وضعها الشيطان في رأسك، وقد أسلمت نفسك له، وتعالي بنا نحلل كل ما حدث معك:
- على المحيط الاجتماعي لم يتقدم لك سوى رجلين:
أحدهما: مات في حادث -رحمه الله تعالى-.
والثاني: أنت كنت غير مقتنعة به، ولعل الله صرفه عنك.

هذا أمر طبيعي يحدث في كل البيوت، وإذا تابعت موقعنا لعلمت أن كثيراً من الأخوات يتقدم لهن الرجل تلو الرجل تلو الرجل، وعند آخر مرحلة لا يتم الزواج، حدث هذا مع أخت لنا سبع مرات، ثم في الثامنة أكرمها الله بزوج صالح.

الشاهد أن وقوع الحدث مرة أو مرتين أو ثلاثاً لا يعني قواعد لبناء هموم ضخمة تعيشين فيها.

ثانياً: قد وقعت في خطأ كبير وهو التواصل مع رجل أجنبي متزوج، وهذا لا يصلح لك زوجاً من كل الطرق، فهو شخص لم يتق الله في بنات المسلمين، حدثك بدون علم أهلك وضغط عليك، وخان زوجته بالحديث عنها إلى غيرها، ويعطي وعوداً ولا يفعل شيئاً، وهذا يحدث كثيراً، وتنخدع كثير من بناتنا بذلك، إلى أن تقع في حبائل الشيطان فتتوهم محبته، ثم تحاول التضحية لأجله، ثم يهرب بها سريعاً قطار العمر لتكتشف أنها على مشارف الخمسين ولما تتزوج، وهكذا وقعت في المحظور وهو الحديث المحرم، ولم تربح المطلوب وهو الزواج الحسن، وعاشت الألم بأبعاده كلها.

نصيحتنا لك -أيتها الفاضلة- ما يلي:
1- ما أنت فيه لا يعد شيئاً خارجاً عن الإطار العام للسنن الكونية والطبائع الاجتماعية، فلا تتوهمي ذلك.
2- الآن فوراً اقطعي علاقتك به، وامسحي رقم هاتفه بعد أن تحظريه، وغيري كل وسيلة تواصل كان يصل بها إليك، واجعلي هذه توبة لله صادقة.
3- حافظي على علاقة بالله جيدة ومتوازنة، واعلمي أن كل تعب نفسي أصله في البداية البعد عن الله، وعن الصلاة، وأن العبد قد يحرم الخير بالذنب يقيم عليه.
4- حافظي على أذكار الصباح والمساء والنوم، واعلمي أنها حصن حصين لمن أراد السلامة.
5- اطردي أي أفكار سلبية من رأسك، ولا تيأسي من رحمة الله واعلمي أنها قريبة منك، وتفاءلي بالخير تدركينه.
6- اخرجي من عزلتك واصنعي لك عالماً موازياً من الأخوات الصالحات، واجتهدي أن تكوني معهن فاعلة.
7- وثقي علاقتك بأهلك جيداً، وخاصة أهل التدين منهن.
7- أكثري من الدعاء أن يرزقك الله زوجاً صالحاً، ومتى ما تقدم الزوج الصالح -إن شاء الله- اقبلي به، واعلمي أنه لا يوجد أحد كامل، واقبلي بعض العيوب في مقابل الحسنات، تلك طبيعة الحياة الزوجية، يا أختنا، واحذري أن تخبري القادم بأي أمر سلبي لك.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً