الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي تسيء التعامل مع أهلي، فما توجيهكم لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا وزوجتي مرتاحان في البيت، تنصت لما أقول، وتخدمني كما ينبغي، لكن مشكلتي هي عندما آخذها إلى بيت أهلي تفتعل المشاكل، فتكون على غير طبيعتها المعهودة، وتراقب كل تصرفات أهلي بدقة، وأي تصرف لم يعجبها تدخل في حالة غضب وبكاء، وكأنها حالة اكتئاب، وبعدها تتصل بأمها فتشتكي لها.

وكل تصرفاتها في بيت أهلي تصرفات غير محترمة، حيث تنعزل في غرفة الضيوف وحدها في كل مرة آخذها، ورغم ذهاب أخواتي إليها لا تتكلم معهنَّ، فقط تُحرِّك رأسها لهنَّ بنعم أو لا.

ومؤخرًا ذهبت وإياها مجددًا إلى بيت أهلي، فكان منها ما كان مرة أخرى، تنعزل وكأن ضيقًا يطبق على صدرها في بيت والدي، فعدتُ بها سريعًا إلى منزلي حتى لا تحدث أي مشاحنة مع إحدى أخواتي من لا شيء.

بعدها اتصلت بي أختي وبدأت تذكر لي بعض تصرفات زوجتي الصبيانية، كمثل "لا أريد الأكل" أو تنام وتتركهم يتحدثون دون استئذانهم.

وفي إحدى المرات كانوا يتناولون الفطور في الصباح، فقامت وأغلقت النافذة عليهم بقوة لتظهر لهم أنهم لم يتركوها تنام، وتقول لهم في كل مرة يدعونها للأكل في وقته بأنها ليست جائعة.

ذات ليلة لم أستطع صبرًا وقلت لها كل ما قيل لي، ولماذا تفتعل تلك المشاكل، وأنه يجب عليها التعامل بشكل لائق حتى يحبوا تصرفاتها، لكنها غضبت وبدأت تبكي وتقول: "هم منافقون، يضحكون لي في وجهي ويشتكون لك أنتَ، أنا لا أستطيع الجلوس في بيت أهلك، كلما ذهبتُ أختنق وأنعزل، وأنا نفسي لا أعرف لماذا".

بعدها أرسلتها إلى بيت أهلها حتى يزول ذلك التوتر بيننا، لكنها أرسلت رسائل صوتية لأختي تخبرها بأنها وأهلي منافقون ويريدون بها الشر، وأنهم لن يستطيعوا الوصول لما أرادوا.

بعدها راسلتني أختي لتشتكي وتطلب مني أن أرد لها الاعتبار بالانفصال عن زوجتي، فما هو حكم تحريض أختي على طلاق زوجتي؟ وما الواجب علي عمله مع زوجتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يحفظك، وأن يرعاك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.

موقف زوجتك من أهلك عَرَضٌ عن مرض، بمعنى أن تلك الآثار السلبية الحاصلة هي نتيجة تراكمات سابقة، وهذه التراكمات إمَّا أنها أخطاء على الحقيقة، أو توهمات من الزوجة، والشاهد أن ما تحدثت عنه آثار، فإذا أردنا العلاج فلا ينبغي تغيير الآثار أو مناقشتها، وإنما يجب معرفة الأسباب، وهذا أول العلاج.

ثانيًا: قد ذكرت أن الزوجة معك في وئام، وأن المشاكل هي مع الأهل حين تكون معهم، وهنا نؤكد على أمر هام يتغافله البعض: وهو أن الزوجة ليست مطالبةً شرعًا بصلة أهلك، ولا بالتواجد عندهم، هي مكلفة شرعًا بطاعتك، والإحسان إليك، أما برك بأهلك فهذا شأنك أنت، وننصحك في هذه الفترة ألا تأخذ زوجتك معك إلى أهلك حتى تفهم بالضبط أساس المشاكل، وتحاول تفكيكها، ومعالجتها.

ثالثًا: حديث أختك إليك لا يوجب عليك فعل ما طلبت منك، من حقها أن تغضب من زوجتك، ومن حق زوجتك أن تغضب من أختك، وهذا أمر طبيعي يحدث حتى بين الأخوات، ولكن هذا لا يدفعك إلى ظلم زوجتك، ولا إلى قطع صلتك بأختك؛ لذا نقول لك: صل أختك، ولا تظلم زوجتك.

رابعًا: إننا ننصحك أن تعيد زوجتك، وأن تعاتبها عتاب المحب، وأن تظهر لأختك أنك ستتخذ موقفًا، وأنك لن تسكت عن أي إهانة تحدث، ورطب قلب أختك في الوقت الذي تحسن فيه العلاقة مع زوجتك، وهذه هي الموازنة التي يجب عليك السير إليها.

خامسًا: بعد أن تعود زوجتك إلى بيتك اجتهد في ترميم العلاقة بينها وبين أهلك من بعيد، وهذا يكون عبر طريقين:

1- الإحسان إلى أهل زوجتك؛ فإن هذا سيدفعها إلى مراجعة موقفها.

2- تقريب وجهات النظر بين الطرفين على قدر المستطاع؛ حتى تصل إلى الحل الأدنى، وحتى تكون الرغبة في الذهاب إليهم منها لا منك.

وإلى أن تفعل ذلك، أحسن إليها، وإلى أهلها، دون أن تخبر أهلك بذلك، واجتهد في وصل أهلك بما يعوض غيابها، وهذا هو الطريق -أخي الحبيب- لأسرة مستقرة.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً