الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد التوبة والتخلص من أكل الحرام.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي ثلاثة أبناء وزوجة، وأعمل في إحدى الجهات ذات المعاملات الربوية، ولا أمتلك أي مصدر رزق آخر، ابتلاني الله تعالى مؤخرًا بابتلاء عظيم، ولا أعلم هل هو ابتلاء، أم غضب واستدراج من الله؟

أريد التوبة لله تعالى، وأسعى إليها، ولكن كيف يتقبل الله مني توبتي، ودعائي، وأنا أشعر بأن مطعمي حرام، لحديث الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله آكل الربا"، وقد بحثت عن عمل آخر أرعى به أسرتي، ولكن دون جدوى، يعلم الله وحده ما أنا فيه، فماذا أفعل؟

وجزاكم الله خيرًا جميعًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يكفيك بحلاله عن حرامه، وأن يرزقك ما تستعفّ به من الرزق الحلال، وقد أصبت -أيها الحبيب- حين أدركت بأنك واقع في إثم الربا، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبر بأن الله لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: "هم سواء". [رواه الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه]، واستدلَّ العلماء بهذا الحديث على أن مَن أعان على الربا فهو شريك في الإثم.

ولهذا يجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى، والتوبة تعني ترك المعصية، والعزم على عدم الرجوع إليها في المستقبل، والندم على فعلها في الزمن الماضي، ونصيحتنا لك أن تعزم هذا العزم، وأن تُدرك بأن أكل الربا جرم عظيم، وإذا علم الله تعالى في قلبك الخير فإنه سيُيسّر لك الخير، كما قال سبحانه في كتابه الكريم في آخر سورة الأنفال: {إن يعلم الله ما في قلوبكم خيرًا يُؤتكم خيرًا ممَّا أُخذ منكم ويغفر لكم}.

فإذا علم الله تعالى في قلبك صدق التوبة والإنابة والتألُّم والانزعاج من فعل هذا الذنب، واستعنت به سبحانه وتعالى، وبحثت عن رزقٍ حلال آخر، وإن كان أقلَّ دخْلًا من العمل السابق، بحيث تجد ما تُطعم به نفسك وأولادك، فإذا علم الله تعالى منك هذا الحرص، وأخذت الأسباب، فإنه لن يُضيّعك، فإنه قد أخبر في كتابه الكريم فقال: {ومن يتق الله يجعل له من أمره يُسرًا} وقال سبحانه وتعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

فخذ بالأسباب، وابحث عن الرزق الحلال، واستعن بالله تعالى أوَّلًا ثم بعباد الله، ولا تشترط أن يكون عملك الذي ستنتقل إليه مثل عملك السابق، فإن الحلال -وإن كان قليلًا- سيُبارك الله تعالى فيه، وقد قال سبحانه في كتابه: {قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث}.

وإذا ألجأتك الضرورة إلى البقاء في هذا العمل، لتجد منه لقمة العيش التي تدفع بها الضرورة عن نفسك وعن أسرتك؛ فيجوز لك أن تفعل ذلك إلى أن تجد ما يُغنيك الله تعالى به عن هذا الحرام؛ فإن الضرورة تُبيح للإنسان أن يأكل المحرَّم ليدفع الهلاك عن نفسه وعن أسرته، أي عن مَن يلزمه أن يُنفق عليهم.

نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يُغنيك بحلاله عن حرامه، ونصيحتنا لك أن تتوجه إلى الله بصدق واضطرار، وتُكثر من دعائه، وتلتزم بأداء الفرائض التي فرضها الله تعالى عليك، وتجتنب المحرمات؛ فإن الإنسان كثيرًا ما يُحرم بسبب ذنوبه، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يُصيبه".

نسأل الله تعالى لك التيسير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً