الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطيبتي لا يعجبها أسلوبي في النصح والإرشاد، فهل أتركها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب طب وخاطب، وتم عقد قراني، وعمري 22 سنة، وخطيبتي 18 سنة، ولدي بعض المشاكل التي أريد مساعدتكم فيها.

1- خطيبتي تدقق على كل كلامي، حتى لو كان تافهًا، وتفسره بشكل سلبي، وتنكد علي بكل صغيرة وكبيرة، وأنا أريد أن أشعر بالراحة مع زوجتي، وهذه الصفة جعلتني أخشى على حياتي المستقبلية، وأن أنفر من بيتي.

2- خطيبتي تكره غيرتي عليها، وغيرتها غير عادية ومؤذية، ولكنها لا تصل للشك أو التحكم، حتى وقوفي بجانبها وعدم تركها لوحدها، بالنسبة لها غيرة مبالغة، وتقول: أنا أحب الغيرة المحمودة، لكن الغيرة المبالغة بالنسبة لي أشد من الخيانة، وأنا أرى في كلامها تناقضاً كبيراً.

3ـ الفتاة غامضة ولا تخبرني بتفاصيل حياتها، ولو سألتها من باب الفضول، تفسر سؤالي على أنه تحقيق، وتنفر مني، أشعر أن تصرفاتي لا تعجبها، تريدني أن أدعمها فقط، ولا أتدخل في حياتها، صارحتها في هذا وقالت لي: أنا شخصية غامضة بشكل عام، وأنت أكثر شخص أحاول التعامل معه بشفافية، وقدرت هذا كثيرًا، ولكن هذا لا يبرر تعاملها معي بهذه الطريقة، وأن تشعرني بعدم أهميتي في حياتها.

4- خطيبتي محجبة، ولكنها تكتفي بالحجاب على رأسها فقط، وترتدي البنطال والقميص، ولم أمنعها من ذلك، لكنها لا تحب نصيحتي لها بالتستر، ولو شرحت لها الحكمة من فرض الله للحجاب، تتهكم ولا يعجبها، مع العلم أن لديها نفس الرأي، ومقتنعة بالحجاب الكامل، وتسمع نصائح صديقاتها وتتقبلها، ولكنها لا تقبل مني نفس الكلام، وهذا يشعرني بالسوء، كأنها لا تقبل كلامي، كل ما تريد سماعه هو الكلام الجميل والمدح والدعم، ولا تريد النصيحة والتوجيه.

أفيدوني ماذا أفعل؟ أعلم أن الإجابة ستوجهني للحوار، لكني تحاورت معها كثيرًا، ونفس الكلام المكتوب قلته لها وتقبلته، ولكنها لم تغير أسلوبها حتى بعد الحوار، أفيدوني!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ آدم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخانا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يُعزز الألفة والمودة بينك وبين زوجتك، وأن يهديكما جميعًا لما فيه مرضاته سبحانه وتعالى، وأن يعينكما على طاعته.

ونحن سنبدأ كلامنا معك من حيث انتهيت أنت، ففي آخر سطور استشارتك ذكرت أنك حاورتها بمقتضى النصح الذي قُدِّم لك، واستعملت الكلام الذي نُصحت بأن تتكلم به معها، وأدى ذلك إلى ثمرة إيجابية، وهو قبول زوجتك لهذا الكلام، وموقفها تَحسن حينما تكلمت معها بهذا الكلام، وهذا التحسن تمثل في قبولها للكلام وعدم معارضته ونقده أو الطعن فيه، وإن لم تحصل على الثمرة الكاملة في التغيير الذي تأمله وترجوه، ولكنه في الحقيقة يضع مؤشرًا إلى أن التعامل مع زوجتك هو السبب في تغيير مواقفها، أو في عنادها.

ولهذا ننصحك بألَّا تتعجل باتخاذ قرار الفراق لهذه الفتاة، لمجرد ما ذكرتَ من المواقف، إن كان الخلل في طريقة التفاهم معها، أو محاولة عرض الأمر عليها؛ فإن النفوس مجبولة على النُّفرة مما يُؤذيها، فإذا يسَّر الله تعالى لك العرض عليها بالطريقة التي تُحبها هي، فإن ذلك قد يؤدي إلى تغيرات إيجابية في حياتك وحياتها.

وهناك أمور ينبغي أن تقف فيها موقفا جادًا، وليست قابلة للتنازل، مثل: الحفاظ على الزوجة، بأمرها بالحجاب الشرعي، ومصاحبتها حيث كان الموقف يحتاج إلى مصاحبة، والوقوف بجانبها، وإن سمَّت ذلك (غَيْرَة)، فحاول أن تتلطف بها، وتبرز لها هذه المواقف، وهذه النصائح بأسلوب حسن يُبعدها عن أن تفهمه على أنه شكٌ فيها، أو انتقاص من حقوقها، أو غير ذلك ممَّا تُردده كثير من الفتيات اليوم.

فحاول أن تبرز لها مواقفك بالحب لها والغَيْرَة عليها، وأنك إنما تريد الحفاظ عليها، ونحو ذلك من الكلام الذي يُعبِّر عن حبك لها وحرصك عليها، وأنكما جميعا تُكمِّلان بعضكما، وأن كل واحد منكما بحاجة إلى تذكير الآخر، ونُصحه إذا هو قصَّر أو فرط، ونحو ذلك من الكلام الذي يُزيل عنها الشعور بأنك تشك فيها ونحو ذلك من المشاعر، فإذا أدركتَ أنها مُصِرَّة على هذه المواقف، وأنها لا تريد منك أن تمارس قِوامة الرجل، ولن تُطيع في لُبس الحجاب الشرعي، ومُصِرَّة على اتخاذ موقف المعاداة لك وتنكيد الحياة عليك، إذا رأيتها مُصِرَّة على هذه الأساليب، فربما يكون الفراق في هذه الحالة قبل الدخول بها وقبل الزفاف، أيسر وأهون من قرار الفراق بعد ذلك، لقلة التبعات والأضرار المترتبة على الفراق في هذه المرحلة.

فاستخر ربك، واسأله أن يُقدِّرْ لك الخير، وشاور العقلاء الصالحين من قراباتك، كوالدك ومَن حولك ممَّن يُخلصون لك النصح، ويحرصون على الخير، وبعد ذلك امضِ لِمَا يشرح الله تعالى له صدرك.

نسأل الله تعالى أن يُقدِّر لك الخير، حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً