الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي أصدقاء صالحون لكنهم يسهرون إلى الفجر.. فهل أتركهم؟

السؤال

عندي أصدقاء ملتزمون وأهل دين، فيما يظهر على كثير من أخلاقهم، بعضهم آباء، وبعضهم عزاب، ولهم وظائف محترمة، وأغلبهم معلمون، ومؤذنون، ولكني ابتليت بالسهر معهم، وتضييع الكثير من الوقت بعد صلاة العشاء إلى الفجر، وفي بعض الأيام إلى الصباح في اللهو المباح، وأحيانًا نقرأ، ونتحدث في أمور الدين.

عندهم هذه الخصلة السيئة، وحاولت أن أقاطعهم في أغلب الأيام، وآتيهم في نهاية الأسبوع يومين، أو ثلاثة أيام، ولكن مع الأسف هذه الأيام قد تؤثر على باقي أيام الأسبوع، فماذا أفعل؟ هل أقاطعهم بالمرة، أم أشجعهم على تغيير سلوكهم هذا؟ والحضور في وقت مبكر بعد العصر مثلاً، والانصراف بوقت مبكر؟ وكيف لي أن أشجعهم على الحضور والجلوس بعد العصر، والمغادرة بعد العشاء مثلاً؟!

أنا أحتسب صحبتهم في الله، هل أغيرهم أم أغير نظامي معهم، أم أشجعهم على التغيير؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مما يظهر في رسالتك أن لديك نية صادقة في الحفاظ على علاقاتك الطيبة بأصدقائك، وهم أصدقاء يبدو عليهم الالتزام، ولكنك أيضاً تدرك أن بعض سلوكياتهم قد تؤثر سلبًا على وقتك وانتاجيتك، وهذا الإدراك في حد ذاته خطوة مهمة نحو التغيير الإيجابي.

خطوات التعامل مع الموقف:
1. بما أنك تحتسب صحبتهم في الله، فهذا مؤشر على نيتك الطيبة، استمر في الدعاء بأن يُصلح الله حالك وحالهم، وأن يعينك على اتخاذ القرار الصحيح. وتذكر حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات).

2. عليك بالاعتدال في الصحبة، فلا يجب أن تقطعهم بالكامل، خاصة إذا كان وجودك بينهم قد يُسهم في تغيير سلوكهم، أو استغلال وقتهم بشكل أفضل، يمكنك التوازن بين الحفاظ على الصحبة المفيدة، وتقليل الوقت المهدر، قال النبي ﷺ: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل).

3. حاول وضع جدول يناسبك، ويكون واضحًا لهم، على سبيل المثال، حدد لقاءات في أيام معينة بعد العصر، وانصرف بعد صلاة العشاء، أخبرهم أنك تجد صعوبة في السهر الطويل، وأنك تريد الحفاظ على نشاطك وقوتك لبقية الأسبوع.

الحزم مع النفس، ومع الآخرين في هذا الموضوع، هو مفتاح النجاح.

4. بدلاً من السهر حتى الفجر، اقترح عليهم وقتًا أنسب للقاء مثلما ذكرت، بعد العصر أو المغرب وحتى العشاء، حاول تقديم بعض الأنشطة المفيدة مثل: حلقات قراءة القرآن، أو مناقشة مسائل دينية، أو ثقافية تزيد من الاستفادة من الوقت، قال رسول الله ﷺ: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله).

5. حاول أن تنصح أصدقاءك بطريقة لطيفة وغير مباشرة، وقد يكون من الجيد أن تبدأ بالتحدث عن تجربتك الشخصية، وكيف أن التغيير في نظام يومك ساعدك في تنظيم حياتك والاقتراب من الله، قال الله تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ) (النحل: 125).

6. ربما يمكنك اقتراح أنشطة أخرى تُمارس خلال النهار، أو بعد صلاة العصر، مثل: القيام برحلات قصيرة، أو المشاركة في أعمال خيرية، مما قد يزيد من استفادتكم المشتركة، ويقلل من الوقت المهدر في السهر.

7. قد لا يكون التغيير فوريًا، ولكن إذا كنت صادقًا وحازمًا في الالتزام بوقتك وحدودك، فسوف تلاحظ تغييرًا تدريجيًا، قال الله عز وجل: (إن الله مع الصابرين).

ختامًا: من الأفضل أن تسعى للتغيير بالتدريج وبالرفق، دون أن تقطع علاقتك معهم بالكامل، يمكنك أن تكون قدوة لهم في حسن إدارة الوقت، وأيضًا تستفيد من صحبتهم بما يعود بالنفع على الجميع.

وفقك الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً