الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متوتر دائمًا وأخاف الوحدة وأتجنب الحديث مع الناس!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحيه طيبة، وبعد:

أُعاني من القلق والوسواس والتوتر بشكلٍ شبهٍ دائمٍ، وأخاف من الظلام والنوم وحيدًا، وعند قراءة القرآن في الليل لوحدي يقشعر بدني، وفي الصلاة حينما أصلي لوحدي في الليل وبصوت مسموع، أشعر وكأنّ شخصاً ما ورائي، وأرتبك، ويقشعر بدني، وأترك الصلاة! وكذلك في النهار لو كنت في البيت وحيدًا ينتابني شعور الخوف في بعض الأحيان، ويقشعر بدني.

أنا مُتعب من هذا، وأصبحت أفضل الجلوس لوحدي، ولا أستطيع الحديث مع الآخرين مطولًا، وفي بعض الأحيان أقلق وأتوتر أثناء الحديث، مع العلم أني كنت أتمتع بشخصيةٍ قويةٍ وقيادية واجتماعية، والآن ما زلت اجتماعيًا، وأجالس الناس، لكني أتجنب الحديث، هل هذا الشيء له علاقة بشيء معين؟

أفيدوني، وبارك الله فيكم، ودمتم بصحة وعافية، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ غسان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- مجددًا عبر استشارات إسلام ويب، ونشكرك على تواصلك معنا بهذا السؤال، وأنت أيضًا جزاك الله خيرًا على دعائك لنا، وللقائمين على هذا الموقع، داعين الله تعالى لنا بالقبول جميعًا.

أخي الفاضل: تسأل إن كان هذا الشيء له علاقة بأمرٍ معيَّنٍ؟ فنعم ربما له علاقة بهذا التوتر والقلق الذي تشعر به، وربما -وأرجِّحُ هذا- له علاقة بما ورد في سؤالك السابق من مشاهدة الإباحيات وغيرها، فلا شك أن هذا يُورث القلق والتوتر، وكما يقول ابن القيم عندما يتحدث عن عز الطاعة وذل المعصية، فلا شك أن للمعصية أثمانًا على الفاعل أن يدفعها، ومنها الشعور بعدم الاطمئنان، والقلق والتوتر..؛ هذا الذي وصفته، والذي جعلك تخاف عندما تكون بنفسك.

ولكن -أخي الفاضل- أطمئنك أيضًا أن هذا الخوف هو أمر مكتسب، فكما أنك اكتسبته وتعلمته بسبب تجارب الماضي أيضًا، يمكنك أن تتعلم ردود فعل أخرى مختلفة مطمئنة، طالما استقمت في سلوكياتك، وحافظت على صلاتك والتزاماتك الأخلاقية العامة التي أمَرَنا بها الإسلام.

أخي الفاضل: نعم يمكن للإنسان أن يكون اجتماعيًا، ولكنه في فترة ما قد لا يحب كثير الكلام، والأخذ والعطاء مع الناس، ولكن هذا أيضًا يمكن أن يزول من خلال الوقت، عندما تتحسن نفسيتك عن نفسك، وثقتك واطمئنانك لنفسك؛ أيضًا هذا يمكن أن يأتي من خلال الاستقامة، ولا شك أن التزام المسلم بصلاته وأخلاقه تُكسبه الكثير من الاطمئنان، قال تعالى: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

أخي الفاضل، ممَّا يمكن أن يُعينك على تحصيل هذا الاطمئنان: أن تعيد النظر في نمط حياتك اليومي، بحيث أنه -بالإضافة إلى المحافظة على الصلاة وتلاوة القرآن-، أن تحرص على نشاط بدني، ولو فقط عن طريق المشي نصف ساعة، ثلاث مرات في الأسبوع، بالإضافة إلى أخذ ساعات نوم كافية، والتغذية المتوازنة، طبعًا كل هذا مع العلاقة الطيبة مع زوجتك والتي ذكرتها في سؤالك السابق إلينا.

أخي الفاضل: لا أعتقد في هذه المرحلة أنك تحتاج إلى مراجعة العيادة النفسية، ولكن إن استمر انزعاجك، وزادت شدة الأعراض، فيمكنك أن تُراجع العيادة النفسية.

أخيرًا -أخي الفاضل-: ما ذكرته من أنك تشعر بالقشعريرة عندما تقرأ القرآن بصوت جهوري، أو عندما تصلي جهريًا في الليل؛ فهذا بحد ذاته ليس أمرًا معيبًا، بل على العكس ربما يُشير إلى قوة إيمانك وتفاعلك مع كلام الله عز وجل في كتابه المُحكم، فاستمر على ذلك، وحافظ على أذكارك -الصباحية والمسائية- واقرأ آيات الرقية، ففيها الشفاء بإذن الله تعالى.

أدعو الله تعالى لك بالقبول، وتمام الصحة والعافية، ولا تنسنا -أخي الفاضل- من دعوةٍ صالحة في ظهر الغيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً