السلام عليكم

لقد طرأت على شخصيتي العديد من التغيرات، فأولها كانت في الرابعة عشرة من عمري، حيث كانت هذه الفترة بالنسبة إلى محور التغير في حياتي، وأنا أعلم أن هذا الشيء طبيعي في فترة البلوغ، وكان التغير أني بدأت الالتزام بالصلاة والقرآن والسنن؛ لأني نشأت في بيئة متدينة ولله الحمد، ولا أخفي عنكم سراً أن أبي هو المؤثر الأكبر علي وأعتبره المثل الأعلى، حيث أن شخصيته متدينة وحنون جداً ولكنه صارم ولا يأبه بآرائنا وكل من في البيت يخشاه، وأنا شخصياً أعمل ألف حساب قبل أن أكلمه في أي شيء حتى ولو كان بسيطا.

وبعد أن بدأت بالتدين بدأت معي الوساوس، وكنت أعيد الوضوء والصلاة أكثر من مرة، ولكني قاومت هذه الوساوس بإصرار حتى تغلبت عليها حتى تلاشت تقريباً، ولكن بدأ معي اكتئاب شديد وخوف من الناس وانعزالية وحب البقاء في البيت، ولكن عزائي الوحيد أني كنت متفوقة في دراستي حتى تخرجت من الثانوية وأنا الأولى على المدرسة، ولم أكن ألاحظ الانعزالية والاكتئاب في شخصيتي حتى دخلت الجامعة ولله الحمد وتعرفت على صديقات صالحات، ولكن كانت شخصياتهم مرحة جداً ويحبون الاختلاط بالفتيات وأنا لم أكن كذلك، وهنا لاحظت الانعزالية والخوف من الناس والاكتئاب في شخصيتي، وقد حاولت أن أقاومه وفعلاً تغلبت على الانعزالية، حيث بدأت أختلط بالفتيات وأسلم عليهن وأجلس معهن، ولكني لم أستطع التغلب على الاكتئاب والخوف من مواجهة الناس، حيث أني أشعر بتشنج في ذراعي وساقي وأسرح كثيراً ولا أضحك من قلبي، حتى بدأ أغلبهن بالابتعاد عني وأصبحوا لا يحبون مرافقتي.

وقد بدأ معي القولون العصبي الحاد وذهبت إلى الطبيب وأعطاني دواء لبراكس وانتظمت على هذا الدواء وأحسست بتحسن كبير وسعادة بالغة وانشراح في الصدر، ولكن بعد أن انتهى الدواء رجعت هذه الحالة مرة أخرى، فما توجيهكم؟!

وشكراً.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ متفائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن الواضح أنك قد تدرجت في سلم القلق والتوتر، وتحول ذلك إلى عسر بسيط في المزاج، وبما أنك مصابة بالقولون العصبي فهذا دليل أنك في المقام الأول تحملين شخصية قلقة، ولكن أيضاً أنت لا تعبرين عن قلقك بشكل واضح وظاهر، وهذا الكتمان أو الانكفاء الذاتي الداخلي يؤدي إلى هذه الأعراض الجسدية فيما يخص آلام القولون العصبي، ولا شك أن الحالة المزاجية لديك هي التي جعلك تحسين بالإحباط، وكذلك عدم القدرة على الاختلاط والتواصل مع الأخريات.

وحقيقة أنت يجب أن تكوني فخورة جداً بهذا الوالد المثالي الذي قام بتربيتكم على الأصول الصحيحة، وإن كانت شخصيته صارمة، فالصرامة أيضاً في بعض الأحيان فيها خير كثير للأبناء، وعموماً أرجو أن تنظري لهذه التجربة - أي طريقة الوالد في التربية - بالمعيار الإيجابي، فهي في نظري إيجابية مهما كان فيها شيء من السلبيات.

وأريد منك أن تعرفي أن المشكلة التي تعانين منها حقيقة هي مشكلة بسيطة بالرغم من أنها مزعجة بالنسبة لك، فواصلي واجبري نفسك على التواصل مع الفتيات الصالحات، واعزمي وقولي: أنا سوف أكون أكثر إقداماً، وسوف أناقش وأطرح بعض الأمور التي من الواجب أن أتكلم فيها مع البنات الأخريات، أي حضري موضوع، حتى موضوعاً لو كان صغيراً، واطرحي هذه المواضيع حين تلتقين بزميلاتك، فهذا إن شاء الله يجعلك أكثر إقداماً وأكثر انفتاحاً.

والشيء الآخر هو أن تديري وقتك بصورةٍ صحيحة، فإدارة الوقت بصورةٍ فعالة تجعل الإنسان لا يحس بالإحباط، قسمي وقتك ونظميه بشرط أن يشتمل على الراحة، الترفيه المعقول، النوم، القراءة، العبادة، التواصل، إدارة الوقت تعتبر ركيزة مهمة جداً للاستقرار النفسي ولعلاج معظم الحالات النفسية.

ومن الأشياء المهمة جداً لك بالطبع هي أن تحولي أفكارك إلى أفكار إيجابية، وحقيقة أنت لديك الكثير من الإيجابيات في حياتك، أنت في مقتبل العمر، والحمد لله متفوقة في دراستك، ومتمسكة بدينك، فهذه أشياء عظيمة وإيجابية جداً، انظري إلى الأشياء الإيجابية في حياتك وحاولي أن تقويها وتدعميها، وهذا إن شاء الله يؤدي إلى تلاشي السلبيات.

وأنصحك أيضاً بممارسة أي نوعٍ من الرياضة، وفي بلدٍ مثل إسبانيا سوف تكون رياضة المشي دائماً هي الأفضل، والرياضة تؤدي إلى الاستقرار النفسي، وتؤدي إلى إفراز بعض المواد الكيميائية الداخلية التي تبعث على الارتياح وسوف تساعدك الرياضة كثيراً في علاج القولون العصبي.

ويأتي بعد ذلك دور العلاج الدوائي، فأنت في حاجة لأحد الأدوية المضادة للمخاوف والاكتئاب، اللبراكس هو دواء جيد ولكنه لا يعالج هذه الحالات، ويعالجها فقط عن طريق إزالة القلق وإزالة التقلصات التي تحدث في القولون العصبي، وهذا لا يعتبر كافياً.

والدواء المثالي لك هو العقار الذي يعرف باسم زيروكسات، وحالتك لا تتطلب جرعة كبيرة وإنما جرعة صغيرة، فابدئي بنصف حبة يومياً ليلاً بعد الأكل، واستمري عليها لمدة أسبوعين، ثم ارفعي هذه الجرعة إلى حبةٍ كاملة، ومدة العلاج على هذه الجرعة يجب أن لا يقل عن ستة أشهر، فهذه هي المدة التي تحتم عليها كل الأبحاث، وبعد انقضاء الستة أشهر خفضي الجرعة إلى نصف حبة يومياً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوم بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن الدواء .

ولا شك أنك لن تتوقفي عن التفكير الإيجابي، ولن تتوقفي عن الرياضة، ولن تتوقفي عن التواصل مع الآخرين، فهذا النوع من التأهيل هو الذي يضمن إن شاء الله أن لا تحدث معك أي انتكاسات وأن تكوني في صحة إيجابية نفسية ومتفائلة.

أسأل الله لك التوفيق والشفاء، وبالله التوفيق.