الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموقف من إرادة الوالدة زواج ابنها بابنة خالته التي لا يرغب فيها

السؤال

عندما فكرت في الزواج تحدثت إلى أمي راغباً في الزواج من فتاة محافظة ملتزمة تكون زوجة وأماً مثالية، وكنت لا أرغب في الزواج من أقاربي خوفاً من المشاكل العائلية والصحية (الصفات الوراثية)، فما كان من أمي إلا أن قدمت لي بنت خالتي وهي أكبر مني سناً بثلاث سنوات، علماً بأن عمري 29 سنة، فقلت: لا أرغب فيها، وقدمت لأمي عائلة أخرى لا تعرفهم، عائلة محترمة محافظة، فما كان من أمي إلا أن قالت: لا أعرفهم، ما أعرف إلا بنات خالتك وأنت حر، هنا بدأت أحتار في أمري: لا أريد أغضب أمي، علماً أن أبي حينئذ كان طريح الفراش وكان يرغب أن آخذ إحدى بنات خالتي، فماذا أفعل؟ وفكرت ملياً في الأمر وسألت أختي عن الفتاة فقالت: ما فيها عيب، لكن تحب النظافة كثيراً، وعصبية، وهذا شيء بسيط، علماً أنه لم تكن بيننا زيارات إلا في المناسبات، وعندما اشتد المرض بأبي قلت في نفسي: ربما بزواجي هذا تقوى العلاقات وربط لصلة الرحم، واستخرت الله ووافقت، فذهبت أمي ومعها أخي الكبير وتقدم في طلب يد الفتاة لي، ووافقت الفتاة بعد أن قدمت شروطها أنها تريد بيتاً مستقلاً لها وتمت الموافقة على طلبها، ولكن لم تتم الخطبة وقالوا: نتحدث عنها وعن أمور الزواج بعد شهرين، وخلال هذه المدة توفي أبي فحضر أهل خالتي وبدأ التقارب والترابط أقوى، ولكن ملاحظاتي على هذه الفتاة من تصرفات أخذت تقلب علي رفضي الأول، فتصرفاتها فيها نوع من التكبر الملاحظ، ومرت الأيام وأمي في عدة الوافاة، فتأتي أم الفتاة وأخواتها لزيارة الأهل إلا أنها لا تأتي، وتحتج أنها كانت معزومة ومرة راحت السوق، أعذار واهية! وحينئذ قلت: لا أرغب في هذه الفتاة، حتى أختي التي كانت تمدح في الفتاة تغيرت نظرتها وقالت: لا تناسب أخي. ورأيت أمي كأنها غير موافقة لرأيي ولكنها محتارة.

علماً بأن أخا الفتاة كان إنساناً عظيماً يفوق الوصف، فقد خفف المصاب عنا، فمشكلتي تكمن بأن أخاها قد جاءني بعد ذهاب أمي وأخي لخطبة أخته، وقال: هل ترغب في أختي زوجة لك؟ قلت: نعم. فكيف أعود وأقول له: لا أرغب في أختك؟! فتكون حساسية وتفرقه بين العائلتيين، فدلني على الطريق الصحيح والمخرج السوي لهذه المشكلة، فأنا لا أرغب في الفتاة، أم أتزوجها درءاً للمشاكل والإحراجات، علماً أنني في حالة نفسية صعبة جداً، أصابني القلق والأرق، ودائماً أتنازل عن أبسط حقوقي لتفادي أي مشكلة حتى لقبني أكثر من واحد بحمّال الأسية، فهل أتحمل هذه المرة؟ أكرر أنني لا أرغب في هذه الفتاة لا من عيب فيها ولكن نفسيتي غير مرتاحة، فما هو الحل لهذه المشكلة المحيرة؟

وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هتان حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أولاً: أحسن الله عزاءك، ورحم الله والدك، وأسكنه فسيح جناته.

ثانياً: مرحباً بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، ونشكرك على ثقتك التي نعتز بها.

ثالثاً: اعلم أخي أن الله قدر المقادير، وقسم الأرزاق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، ومن هذه المقادير الزواج، فما كان من نصيبك في علم الله القديم سيكون من نصيبك في الدنيا، ونحن قد أمرنا الشرع بالاستخارة والاستشارة، وحسن الاختيار، وما دمت لا ترى لديك رغبة في ابنة خالتك، وترى أن أمك لديها الرغبة في ارتباطك بها، وأن أختك تقف في صفك في عدم القناعة بابنة خالتك؛ أرى أن تستعين بأختك في إقناع والدتك بالعدول عن رأيها، وأنها لا تصلح لك، وأن بها صفات غير حميدة، وأما أخوها فأرى أن تتحدث معه، وأن تعتذر له عن مواصلة المشوار حرصاً على صلة الرحم؛ لأن الخسارة الآن أخي هتان محدودة، خاصة أن الأمر لم ينتشر، في حين أنه لو تم الزواج وبدأت المشاكل لأصبح الأمر أعظم وأشد مما هو عليه الآن بكثير، لذا أنصحك ما دامت هذه قناعتك أن تبحث عن غيرها من ذوات الخلق والدين، حتى ييسر الله لك حياة زوجية مستقرة تشعر خلالها بالسعادة في الدنيا قبل الآخرة.

مع تمنياتي لك بالتوفيق وأن يرزقك الله ما تقر به عينك وأن يكون عرسك قريباً، وأن نبارك لك عبر موقعك (الاستشارات).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً