الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطيبتي لا ترتدي الخمار ووالدتها تعينها

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أنا خاطبٌ منذ 3 سنوات، وأنا وخطيبتي على وفاق، ولكن أهلها لا يريدون مني بأن أصدر لها الأوامر، ولا أن أقوم بتوجيهها، فأنا خطبتها وهي ترتدي الحجاب، وتمنيت منها بأن ترتدي الخمار؛ لأنني أغير عليها وأحبها بجنون، وأريد أن أسترها، فهي على قدر عالٍ جداً من الجمال، وهذا هو ما يسبب غيرتي عليها، والحمد لله فقد ارتدت الخمار، ولكن بعد فتره -أي بعد 6 أشهر- حدثت مشاكل بين العائلتين، وفوجئت بأنها قالت لي أنها خلعت الخمار وعادت للحجاب، وحينما سألتها ولماذا ارتديته من قبل ما دمتِ غير مقتنعة به؟ قالت: ارتديته من أجلك، وحينما زال الخلاف عادت وارتدت الخمار، وبعدها وبسبب زواج أخيها تحدتني وخلعت الخمار مرةً أخرى، وتزينت، بالرغم من أنني قلت لها أن هذا يغضبني، قالت (أنا عايزه أفرح زي البنات، الخمار جعلني كبيره في السن) وتخاصمت معها، وفوجئت بأنها شكت لوالدتها، وقامت الأم بمعاتبتي في هذا، وحينما واجهاني بأنني ليس لي الحق في أن آمرها لأنها ليست في عصمتي، وتحدت حماتي رغبتي، وأقسمت بأنها لن تجعلها أيضاً بعد الزواج ترتدي الخمار وهي في عصمتي، مما جعلني أغضب وأتوعدها بأن ترجع عن رأيها لأنها في عصمة رجل، وهذا لا يجوز شرعاً، ومن حقها أن تجعل ابنتها تفعل ما تشاء ما دامت ليست في عصمتي، ولكن حينما تكون في عصمتي فليس لها الحق في ذلك، مما جعلها تقول لي (كل واحد من طريق) ومما يجعلني خائفاً أن خطيبتي لم ترد ولم تنطق بأي كلمة في وجود والدتها، وهذا ما يحيرني، هل تريدني أم لا؟ أخاف أن أظلمها وأتركها من أجل أهلها، وأنا أشعر بأنها تريدني ولكن لماذا تطيع أهلها وتكون معهم في مثل هذا؟! وقد نصحني البعض بأن أتقبل الإهانات منهم حتى أتمكن وتصبح في عصمتي، ومنذ هذه اللحظة أفعل ما أشاء، فهل هذا صحيح أم خطأ؟ وهل أنا على صواب أم لا؟ وهل أتركها أم لا؟ ماذا أفعل؟ فأنا في حيرة من أمري.

أرجو سرعة الرد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يوفقك للخير، وأن يرزقنا جميعاً السداد والرشاد، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا شرور أنفسنا.

جزاك الله خيراً، وزادك حرصاً، وأصلح لنا ولكم النية والذرية.
أرجو أن تسارع في إكمال مراسيم الزواج، وبعدها سوف تتمكن من التأثير على زوجتك، وهي ولله الحمد فيها خيرٌ كثير؛ والدليل على ذلك سرعة استجابتها لطلباتك وتوجيهاتك مع ما كانت عليه من خير.

ولا شك أن طول فترة الخطوبة لها آثار سالبة على الطرفين، والخطوبة ما هي إلا وعدٌ بالزواج، لا تُبيح للخاطب الخلوة بالفتاة أو التوسع في العلاقات، كما أن طول فترة الخطوبة يسبب قلق واضطراب لأهل الفتاة، وهذا ظاهر من تصرفات والدة الفتاة وكلامها وعنادها.

ويظهر أن هذه الفتاة تواجه ضغوط عائلية، والحل هو الإسراع في إكمال الزواج حتى تتحلل من تلك القيود ويصبح التزامها بالخمار طاعة لربها ثم لزوجها، وهي مأمورة بطاعة الزوج، (وإذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها...وأطاعت بعلها دخلت جنة ربها).

لابد أن نعلم أن هناك شبهات كثيرة يُثيرها الجهلاء في وجه حجاب المرأة المسلمة، فربما قالوا لها أنت لا زلت صغيرة، مع أن الفتنة بالفتاة أشد، وقد يُقال لها لماذا تخفي الجمال وهو نعمة من الله؟! وينسى أتباع الشيطان أن من شُكر النعمة أن يستخدمها في طاعة الله ورضوانه، وأحياناً يقولوا لها: القلوب صافية وليس بين الأهل إنسان غريب! مع أن الشريعة تبين أن (الحمو الموت) والمقصود أقارب المرأة، فالفتنة بهم أعظم؛ لأن الوصول إلى المرأة بالنسبة لهم أيسر، ولا يُتهمون في دخولهم وخروجهم، والشيطان حاضر والعياذ بالله، ولم تُفرق الشريعة بين القلوب الصافية وغيرها، بل قال تعالى في حق أطهر نساء وأتقى رجال وهم الصحابة: ((ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ))[الأحزاب:53].
ولقد أحسن الشاعر حين قال:
لا تأمنن على النساء ولو أخاً ما في الرجال على النساء أمين
فكل رجل يحل له الزواج من المرأة هو أجنبي عنها، لا يجوز له النظر أو الخلوة.

أخي إبراهيم: لا تترك هذه البنت من أجل ما حدث من أهلها، فلم يكن أمامها حل، فهي في موقف ضعيف وأنت مجرد خاطب، ويصعب عليها إغضاب والدتها، ولا تعرض نفسك للإهانات، واجتهد في إعداد نفسك للزواج، فإذا أصبحت زوجتك عندك، فلك أن تأمرها بما تريد في طاعة الله المجيد، واحرص على أن تكون توجيهاتك وملاحظاتك بأسلوب طيب، واحرص على اختيار الأوقات المناسبة، ولا تنصح أي إنسان أمام الناس، وتوجه إلى الله بالدعاء، ولا تنس صلاة الاستخارة، وشاور أهل الصلاح والخبرة، ثم توكل على الله، واحرص على طاعة الله وسارع في مرضاته، وسوف يجعل الله لك بعد عسرٍ يسراً، وأرجو أن تتوقف عن مجادلة والدة هذه الزوجة؛ حتى لا تدفعها إلى العناد، فتضطر هذه البنت إلى مجاملة أمها، واتفق مع زوجتك بعد الزواج على عدم نقل المشاكل إلى الخارج، والتزم أنت بذات المنهج.

نسأل الله أن يصلح لنا ولكم الذرية، ربنا هب لنا من أزوجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين أماماً.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً