الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل هناك علاقة بين الشعور بالوحدة ومشاهدة الصور الإباحية والاستمناء؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب كنت في مراهقتي شاباً عادياً أحب الرياضة، ولم يكن لدي هاجس الأفلام والصور الإباحية، ولكن منذ سنتين تقريباً وقعت في هذه المشكلة، وبصراحة بدأت أعاني جداً منها وبشكل غير معقول، صحيح أنني لا أشاهد أفلاما كاملة، أي أقصد أنني أقوم بهذا فقط عبر الأنترنت.

والمشكلة لدي لها فرعان:

1- أنا أعاني من وحدة رهيبة حيث إنني بلا أصدقاء، بالرغم من أن هذه الحالة بدأت منذ كان لدي صداقات، ولكنها استشرت بعد ذهاب معظمهم للسفر من أجل العمل، ومررت ببعض المشاكل أيضاً.

2- أنا أعاني أيضاً من ممارسة العادة السرية، المشكلة أنني أتوب لفترات ولكن أعود للحالة، وعندما أتوب أكون غارقاً في شعور رهيب (بعد المشاهدة)، وأحياناً أشعر برغبة في البكاء.

جامعتي ليس فيها دوام، لدي حب مطالعة ولكن أشعر أحياناً بطاقة زائدة فلا أستطيع البقاء والقراءة (على فكرة أحب نوعاً معيناً من القراءة وهو التاريخي والسياسي، ولكن أقرأ أيضاً في معظم المجالات)، أحياناً أشعر بالإحباط من الأوضاع العامة مما يزيد اكتئابي، أتألم لشعوري أنها معصية ولكنني أفقد الإرادة.

أنا أحب الفرع الذي أدرس فيه وناجح فيه، والمضحك المبكي في الموضوع أنني عندما كنت في جو الدوام في المعهد (أنا درست معهداً لا علاقة له بالفرع الذي أدرسه في الجامعة، ومرت فترة دراستهما سوياً)، وبالرغم من الضغط كنت أنجح في كل المواد في الجامعة وبمعدلات جيدة ولم أرسب ولا سنة في المعهد، ولكن وبعد تخرجي من المعهد وفقدان أصدقائي الذين هم من المعهد أيضاً بدأت بالرسوب في بعض المواد، وبدأت هذه المواد تكثر شيئاً فشيئاً رغم المحافظة على المعدلات الجيدة في المواد التي أنجح فيها.

أضف إلى ذلك أنني شاب عاطفي جداً (ربما لأنني وحيد لأهلي)، أحياناً أدخل الإنترنت فقط بحثاً عن ملء للفراغ العاطفي (أتمنى أن لا تفهمني بشكل خاطئ لأنني أبحث عن فتاة لأتحدث معها فقط ولأقول لها أفكاري، والدليل أنني لا أميل إلا لفتاة تساويني بالعمر أو أصغر بسنة، وأتمناها مثقفة نسبياً ومتفهمة ولا أغراض لها من محادثتي). المفارقة الغريبة أنني أصلي وأسعى للتقدم في الدين.

حسناً: هذا كل ما لدي، وبصراحة هذه أول مرة أتكلم بكل أريحية عن مشاكلي، وأسأل الله أن أكون صادقاً في كل كلمة كتبتها؛ لأنني فعلاً أحاول الوصول لحل.

شكرا جداً لسماعي وتحملي.

وآسف على الإطالة وكثرة الاستطراد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طريف حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله -جل وعلا- أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يأخذ بناصيتك إلى الحق والخير والصلاح والاستقامة.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه مما لا شك فيه أن الوحدة التي تُعاني منها الآن لها أكبر الأثر في هذه السلوكيات الغير مرغوبة، والمخالفة لشرع الله -جل وعلا-، إضافةً إلى عوامل ضعف الإرادة لديك، مع كونك عاطفياً، وتُعاني من فراغ، فحاول استغلاله بأي صورة من الصور، وهذه كلها عوامل ليس من المستحيل علاجها، بل إنها أهون من غيرها بكثير، ولا تحتاج إلى أكثر من قرار جاد وصادق من حضرتك في ضرورة تغيير هذا الواقع المؤلم، ويخرجك من هذه الدوامة كلها.

وأعتقد أنك تشخص واقعك بصورةٍ واضحة وسليمة، وتعرف نقاط الضعف لديك، وهذا في حد ذاته سيساهم كثيراً في حل المشكلة؛ لأن التشخيص نصف الحل، فأنت قد ذكرت الأمراض والعيوب، وذكرت الأسباب المؤدية إلى وجود المشكلة وتفاقمها، فما عليك الآن إلا أن تتخذ أولاً القرار الشجاع بضرورة التخلص من هذه السلبيات كلها، وأن تكون لديك الثقة في قدرتك على ذلك، خاصةً وأنك حسن العلاقة بالله، وحريصٌ على الصلاة، وتنمية دينك وعلومك الشرعية، وهذه كلها عوامل نجاح وقوة، فقف مع نفسك وقفةً جادّة وصادقة، وقل لها: إلى متى هذا الضياع وهذه المعاصي وهذا العبث اللا محمود؟

قف هذه الوقفة مع نفسك، وحاسبها بدقة، وهذه هي البداية، ثم نأتي إلى النقطة الثانية وهي بدء الحرب على هذه المعاصي، وابدأ بالآتي:

1- خذ قراراً بمقاطعة المشاهد المحرمة والمثيرة، ولا تؤجله أبداً، وإنما مجرد قراءتك لهذا الجواب قرر مع نفسك وبصوتٍ مرتفع لن أدخل على المواقع الإباحية بعد الآن مطلقاً بإذن الله، ولمساعدتك في ذلك لا تدخل على الإنترنت وحدك، أو في وقت متأخر من الليل، والأفضل أن تجعل الجهاز في مكانٍ بارز في المنزل، واجتهد في ذلك، فهذا من الحل.

2- أبحث لك عن صحبةٍ صالحة، واربط نفسك بهم، واجتهد وحاول، وستجد، ولكن تخيّر من يذكرك بالله، ويُعينك على طاعته، والأفضل أن تبحث عنهم في بيوت الله، وحلقات الدروس والمحاضرات الشرعية والندوات، وغير ذلك .

3- اربط نفسك ببعض الأنشطة الدعوية والاجتماعية أو العلمية والثقافية.

4- مارس بعض التمارين الرياضية بانتظام، ولا مانع من المشاركة في نادي من النوادي المحترمة تقضي فيه بعض أوقات فراغك.

5- حاول أن تتعلم تلاوة وحفظ القرآن الكريم، والأفضل على يد شيخ متقن، فإن ذلك من أفضل القربات، وأعظم الطاعات التي تضيع فيها الأوقات.

6- احرص على المواظبة على صلاة الجماعة والسنن الرواتب، وشيئاً من قيام الليل.

7- إذا كانت ظروفك المادية تسمح، فلماذا لا تبحث عن زوجةٍ صالحة تكون عوناً لك على طاعة الله ويزيد بها رزقك، وتغض بها بصرك، وتحصن بها فرجك، وترزق منها الذرية الصالحة المباركة؟

8- أكثر من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، مع سائر الأذكار، خاصةً أذكار الصباح والمساء.

وختاماً: أنا واثقٌ من قدرتك على تنفيذ هذا البرنامج، فتوكل على الله، واستعن بالله ولا تعجز، ولا تقل لا أستطيع، فأنت إنسانٌ عظيم، وحباك الله بقدرات هائلة، فاستعن بالله.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً