الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما التشخيص والعلاج للشعور المرعب بالكآبة والوحدة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة في المرحلة الجامعية، أعاني من الشعور بالوحدة والكآبة إلى درجة كبيرة، حاولت تكوين بعض الصداقات، وبصعوبة وبعد تردد صارت لي صديقات، ولكني لا زلت أشعر بأني غير قريبة منهن إلى درجة الصداقة، فأنا لا أقدر أن أفتح قلبي لأحد لأني إن فعلت لا أجد من يفهمني فأصاب بالإحباط، وهذا حصل معي كثيراً في الماضي، زميلاتي يشعرن أني غريبة الأطوار، وربما قاسية وغير ودودة، على الرغم من أني أخاف أحياناً أن أبدو ضعيفة وحساسة أمام الآخرين؛ مما يدفعني لمحاولة الظهور بمظهر عديمة الإحساس.

ربما أكون فعلاً عديمة الإحساس؛ لأني لا أفهم زميلاتي وطريقة تفكيرهن ولا أهتم بذلك، فقد يئست من أن أكون جزءاً ينتمي فعلاً للعالم، كل شيء حولي من مشاكل الناس وحياتهم أراها أمامي كتلفزيون، كشيء عجيب أتأمله ولا دخل لي فيه.

رغم إصراري على الوحدة إلاّ أني أخافها خوفاً شديداً وأكرهها، تنتابني نوبات بكاء دائماً بسبب شعوري بالوحدة، وبأني غير مقبولة لدى أحد شكلاً أو مضموناً، عرفت رجالاً كثيرين عبر الأنترنت ولكني لم أكن أفعل ذلك بدافع إشباع الرغبة الجنسية، حيث لم أكن أقيم علاقات مع من يرغبون في كلام الحب والجنس، بل من يكلمني كصديقة عادية أو أخت أو ابنة، أعرف أن لذلك مضار، وأنا ألمسها، وذلك في شعوري بالمزيد من الوحدة، حيث أن لهؤلاء الأشخاص الذين أتعرف عليهم حياة خاصة وعالما آخر ومشاغل يهتمون بها غيري، وأنا لا أمثل لهم إلا جزءاً صغيراً يبدأ بفتح الكمبيوتر وينتهي بإغلاقه.

أشعر بالسآمة من البنات، أشعر أن الرجال يتكلمون بمنطقية أكثر، ويستمعون أكثر، ولا يتصرفون بشكل مزعج ولحوح، لا أمل لي في الزواج لأسباب عائلية، وإن جاءتني فرصة زواج فعلى الأغلب سأرفض؛ لأني لا أريد أن أعيش مع رجل غريب لا يفهمني كما يحصل مع الكثيرات! أو ربما يهينني أو يضربني أو يهملني، وكل ما أتمناه هو إنسان يسمعني ويفهمني وأكون محور حياته ويكون محور حياتي، لكنه حلم بعيد المنال إلى حد الاستحالة! أرجو أن أجد لديكم قبساً من نور يضيء دربي ويرشدني إلى الخلاص من هذا الشعور القاسي بالوحدة والاكتئاب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سعاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

جزاك الله خيراً على رسالتك.

نستطيع أن نتلمس من خلال رسالتك أن البناء النفسي لشخصيتك يحمل السمات الاكتئابية، مما جعلك تعيشين بين مطرقة التفكير السلبي وسندان اهتزاز الثقة بالذات، والإجحاف في حق تقدير النفس بالصورة الصحيحة.

أرجو أن تتركي هذه السلبيات جانباً، وتبحثي في كل ما هو إيجابي في حياتك، ومن ثم يكون العمل بجد واجتهاد على تأصيل وتثبيت وتجسيم هذه الإيجابيات مهما كانت بسيطة في نظرك، فالتفكير فيها بتأملٍ وثقة يؤدي إلى تغيير المزاج الاكتئابي، وذلك من خلال تغيير خارطة التفكير من السلبية إلى الايجابية، وقد اتضح أن الإنسان يمكنه إعادة صياغة مزاجه ووجدانه إذا كان له الرغبة والدافعية في ذلك، وأنا أرى أن لك الرغبة في التغير أو التغيير، والحمد لله فأنت علي وعيٍ كامل بمضار الاتصالات عبر الإنترنت، فأرجو الابتعاد عنها؛ لأنه لا خير فيها أبداً.

أرى من المناسب جداً أن أصف لك علاجاً دوائياً يساعدك بإذن الله في أن تقبلي ذاتك بصورةٍ أفضل، كما أنه سيزيل الاكتئاب، ويُشعرك بالسلام مع نفسك والآخرين، الدواء يُعرف باسم (بروزاك)، أرجو أن تتناوليه بمعدل كبسولةٍ واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، علماً بأنه علاجٌ سليم وفعال .

ألتمس لك العذر تماماً في موقفك من الزواج، ولكن أرجو إعادة النظر في هذا الموقف، وأنا على ثقة أنه بعد أن تنقشع الحالة الاكتئابية سوف تتبدل مشاعرك، وأسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً