الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة الزوج في البقاء في بلاد الكفار

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوجة منذ 13 عاماً ولدي ستة أولاد أعيش في الغرب وأواجه مشكلة العناد والتسلط من زوجي فمنذ عدة سنين أطلب منه أن يوافقني على الرجوع إلى بلدي مع الأولاد فرارا بهم من الفساد الشنيع المحيط بهم ولكنه يرفض دائماً بحجة أنني سأعرضهم للضياع بسبب بعدهم عنه وعدم خوفهم من غيره، وأن الفساد موجود حتى في البلاد العربية، وأنني إن أصررت على الذهاب فلن يتحمل مسؤوليتهم وسأكون سبباً في كل انحراف أو فساد يتعرضون له .
وكلامه هذا يجعلني في حيرة شديدة وتردد مع يقين تام أن بقاءنا في الغرب ليس حلاً، وأنه إغضاب لله عز وجل، ودخول في زمرة الذين تبرأ منهم نبينا عليه الصلاة والسلام خاصة أن إصراره على البقاء ليس من باب الدعوة، ولا من باب الدراسة، ولكن اعتياد على سهولة العمل وجمع المال، ولا يريد أن يتعب في البلاد العربية، والمشكلة أنه لا يدري إلى متى سيبقى على هذا الحال حيث أن ابنتي الكبرى في الثانية عشرة من عمرها وقد قاربت على البلوغ، علماً أن الحجاب ممنوع في المدارس.

فماذا أفعل .. هل أستسلم لتهديداته وتخويفاته لمستقبل لا يعلمه إلا الله .. أم أتمسك برأيي الذي لا أراه إلا خيراً لي ولهم وأتوكل على الله الذي لا يضيع من يفوض أمره إليه وأن العاقبة للمتقين ... فهل أنا على صواب أم على خطأ؟ وهل أجبره على الرجوع ولو أدى ذلك إلى الطلاق؟ علماً أنني أفكر في الطلاق منذ عدة سنين لخوفي من تعدي حدود الله معه ودائماً أنتظر الفرصة المناسبة حتى لا أظلمه، وأن حياتي معه مستحيلة إلى درجة أنني أطيعه مكرهة إرضاء لربي فقط، ولا أريد أن أستمر على هذه الحال بل أريد أن أنجو بنفسي من سخط الله، وأتخلص من الحقوق الزوجية التي أؤديها كرها بسبب اهمال الزوج لحقوقي وحقوق أبنائي.
فهل تعتبر هذه الفرصة مناسبة لحسم هذا الموضوع؟ وكيف نعرف التصرف الصحيح من الخطأ خاصة إذا ترتب عليه مستقبل أسرة بكاملها؟ والله المستعان.
هذا وأسألكم الدعاء لي ولأولادي بالصلاح والثبات وحسن الاختيار، وأن يعوضنا الله خيراً مما نفقد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة / أم علي حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بدايةً أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يحفظك وزوجك وأولادك من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقك للذي هو خير، وأن يلهمك الصواب في أمر دينك ودنياك.
ويسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، ونشكر لك ثقتك الغالية بموقعنا، ونحن على استعداد لتلقي أي سؤال منك ومن جميع الإخوة والأخوات، في أي وقت وفي أي موضوع .

وأما بخصوص سؤالك فأقول لك وبالله التوفيق :

مادامت إقامتكم في هذه البلاد ليست لغرض شرعي، كدعوة أو طلب علم شرعي أو غيره، وأن أولادكم وصلوا لهذه السن الحرجة، فأرى أن تتوكلوا على الله، وتعزموا أمركم على الرجوع إلى بلاد الإسلام الأصلية؛ لخطورة الإقامة -في هذه الفترة- على أولادكم في هذه السن الحرجة، وغداً ستواجهون التحدي الحقيقي، عندما تُفرض عليكم قوانين الكفر، وليس بمقدوركم مخالفتها بالنسبة لحرية الأولاد، واعلمي أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وأن الله لا يضيع أهله، وعليك بإقناع زوجك بالعودة معكم، فإن صمم على البقاء، فلا داعي لعرض مسألة الطلاق هذه، وليظل هو في هذه البلاد مادامت تلك رغبته، على أن يزوركم بين الحين والآخر، وأن يتولى إرسال النفقات اللازمة لكم، فأرى عدم عرض فكرة الطلاق مطلقاً الآن؛ لأن الظروف - فعلاً ً- في البلاد العربية قد يكون فيها بعض الشدة التي لا تقدرين وحدك على تحملها، فحافظي على شعرة معاوية - كما يقولون - واحتفظي بالعلاقة الزوجية كما هي عليه، خاصة وأنه لن يقيم معكم غالباً، وبذلك ستخفف حدة المشاكل أو تنعدم، وستذهب أسباب طلب الطلاق إن شاء الله، وأفضِّل كذلك أن تصلي الاستخارة، ولا مانع من تكرارها حتى يطمئن قلبك إلى القرار الصحيح، وعليك كذلك باستشارة بعض الصالحين لديكم، مع تمنياتنا لك بالتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً