الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أتزوج بالشاب الذي تقدم إلى أختي سابقًا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ سنة تعرفت أمي إلى صديق أخي بالصدفة، وقد أخبرها أنه يريد الارتباط بفتاة من عائلتنا، وبعد أن حصلت على وظيفة حكومية جيدة زارني بمقر عملي، وطلب رقم هاتفي حتى نتعرف، وأعطيته إياه، غير أنه اختفي ولم يعاود الاتصال، وعندما التقى أمي طلب منها رقم هاتف أختي! ولم تعطه إياه، ولقد استغربنا تصرفه جداً.

وبعد فترة اتصل بي، وخرجت معه في لقاء للتعارف، ولقد أخبرني أن أختي إنسانة جيدة، وهو يحس بالراحة معها، وهو سيحاول الآن التعرف إليّ، تفاجأت من حديثه، وصدمني، وبما أن أختي لم تكن مرتبطة، فقد التقيت به، وأخبرته بما أنه يرتاح مع أختي فيمكنني التوسط بينهما، لم أتلق أية إجابة.

بضغط من عائلتي بعد مدة عاودت لقاءه، ولقد أبدى استغرابه مما عرضت عليه في وقت سابق، وفي إحدى المرات أخبرني أن أمي قد عرضت عليه الزواج بي، ولقد اختار التمهل حتى يتحسن وضعه المادي، أخبرته إن لم يكن قد تقدم لي عن رغبة ذاتية فأنا لا أريد الاستمرار في رؤيته.

بعد (6) أشهر تزوجت أختي، والتقى هو بأمي وأخبرها أنه يريد الزواج بي، وأنا أرفضه، ولا أعطيه فرصة، أنا الآن أتكلم معه بالهاتف، وهو يريد التقدم لخطبتي، وهو شخص يؤدي واجباته الدينية، ووضعه المادي جيد، وأنا أخاف أن أرفضه، وأفوت فرصة للزواج، وأخاف قبوله، أنا أعيش في شك دائم، من أنه أراد أختي بالأساس، ولم يردني، وأنا مجرد تعويض.

أرجوكم أجيبوني، فأنا في حيرة شديدة، ولا أريد التسرع في أي من القرارين، القبول أو الرفض.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور الهدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإننا نشكر لك تواصلك معنا، ونتمنى لك أن نقدم لك رأيًا سديدًا، ويكون سببًا في سعادتك إن عملت به، وما نظنه -أيتها الأخت الكريمة- أن هذا الشخص كما وصفته مناسب لك في دينك ودنياك، إذ أنه يتمتع بوضع مادي جيد، وأهم من ذلك أنه يؤدي واجباته الدينية، وإذا كان الأمر كذلك وقد تقدم لخطبتك راغبًا فيك، فنصيحتنا أن لا تترددي في القبول، ولا ينبغي أن يكون حائلاً دون قبوله، كونه كان يرغب في أختك مثلاً، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها الله -عز وجل- كيف شاء.

نصيحتنا لك أن تستخيري الله تعالى، تصلي ركعتين وتدعي ربك سبحانه وتعالى بدعاء الاستخارة بأن تقولي: (اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن زواجي من هذا الشخص خير لي في ديني ومعاشي وعاجل أمري وآجله؛ فاقدره لي ويسره لي، وإن كنت تعلم أن زواجي من هذا الشخص شر لي في ديني ومعاشي وعاجل أمري وآجله؛ فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّني به).

وتستشيرين العقلاء من أهلك كالوالدين ونحوهما، ثم تُقدمين على ما تطمئن نفسك إليه، ونحن رأينا ونصيحتنا أن لا تترددي في القبول بالزواج به، ما دام شخصًا مناسبًا بالوصف الذي تقدم ذكره، فإن الزوج إذا حضر لا ينبغي تأخير الزواج للشاب وللشابة، ويمكن أن يكون تضييع هذه الفرصة ترك للأخذ بالأسباب التي كلفنا الله عز وجل بها لتحصيل النتائج والثمار.

لكن هنا أمر مهم نحب أن ننبهك إليه، ونحن ندرك ابتداء أنه قد يكون مخالفًا لعادات مجتمعك الذي تعيشين فيه، لكن نلفت انتباهك إليه لأهميته ولآثاره البالغة عليك في حياتك، ألا وهو علاقة المرأة بالرجل الأجنبي عنها، فإن الخاطب قبل إتمام العقد لا يزال أجنبيًا عن المرأة، وهذه العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه قد ضبطها لنا القرآن الكريم، وبينها لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بجملة من الآداب والتكاليف التي هي سبب أكيد لتحصيل السعادة في الدنيا والآخرة، إذا التزمتها المرأة والتزمها الرجل.

فقد أمر الله سبحانه و تعالى الرجال بغض الأبصار، وأمر النساء كذلك بغض الأبصار، فقال سبحانه وتعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} ثم قال: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنَّ ويحفظنَ فروجهنَّ}.

وأمر المرأة بالاحتشام والاحتجاب، فقال سبحانه وتعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدْنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ}، ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الخلوة، خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية، وأخبر أنه لا يخلو رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان، ونهى -عليه الصلاة والسلام- وشدد في مس الرجل المرأة الأجنبية عنه.

فكل هذه التعليمات الإلهية، والوصايا النبوية، المقصود منها حفظ المرأة وحفظ عفتها وحيائها، ودر المفاسد عنها، ونحن على ثقة بأنك إذا التزمت بأحكام الله تعالى ستنالين رضا الله أولاً، ثم تنالين احترام من حولك من المجتمع، ومعرفتهم قدرك، وعفتك وحياءك، ونوصيك أيتها الكريمة بالتزام هذه التعاليم بعلاقتك مع هذا الرجل حتى يتم إجراء عقد النكاح وتصيرين بذلك زوجة له.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُقدر لك الخير وييسره لك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً