الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخلافات بين الزوجين وكيفية التعامل معها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا امرأة عمري (23) عاماً، متزوجة منذ سنة تقريباً، ولدي طفل، وزوجي أكبر مني بثمانية أشهر، بداية حياتنا كانت مستقرة نوعاً ما ولا تخلو من المشاكل التي نحلها بأنفسنا، ولكن في الفترة الأخيرة كثرت مشاكلنا لأسباب تافهة جداً، مثل تدخله بلبسي بشكل غير طبيعي، بدأ يدخل الناس في مشاكلنا مثل أهلي وأهله، مع العلم أنه من أقاربي.

وقد بدأت المشاكل تكبر جداً، ومع هذا أنهينا مشكلتنا بتدخل أهلي، ولكن بمجرد أن يطلع من المكان التي حلّت فيه المشكلة يتغير كلياً ويرجع للمشكلة من جديد، وأصبحت لنا أيام كثيرة على هذا الحال.

علماً بأن أهله ملتزمون ومتشددون جداً، وأنا عادية، وهو كذلك، وعندما خطبني كان يعرفني ويعرف طباعي، ورغم أن لبسي من المعقول إلا أنه صار يعقد المشكلة كل يوم أكثر من الأول، ويستمع لأهله في أشياء كثيرة، فأرجو مساعدتي في حل هذه المشكلة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم نايف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الحياة الزوجية لا تخلو من خلافات بين الزوجين في بعض الأحيان، ولكن هذه الخلافات لا ينبغي أن تكون مكدرة للصفو والود بين الزوجين، فالحياة بطبعها هكذا، ولكن ينبغي أن نضع هذا الخلاف في موضعه، فلا نعطه أكبر من حجمه، ولا ينبغي أن نسمح له أن يكون سبباً لإحداث بغضاء أو كراهية في قلب أحد الزوجين لصاحبه أو لقرابته وأهله.

ونحن من خلال قراءتنا لاستشارتك لم نجد خلافاً حقيقياً يُخاف منه أو يُسعى في محاولة علاجه والتغلب عليه، فما ذكرته من خلاف خلاف سهل، وهو كما ذكرت أنت أن الخلافات بينكما قد تكون في أحيان كثيرة لأسباب تافهة، ولهذا فنحن نوصيك - أختنا الكريمة - بأن تتجنبي الخلاف مع زوجك لمثل هذه الأسباب حتى لا تصبح الخلافات دأباً وعادة في منزلكما.

وننصحك بأن تطيعي زوجك فيما يأمرك به من لباس ما دام لا يأمرك بمنكر، وهذا من حسن العشرة مع الزوج، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر في الحديث أن الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة، وفي رواية أخرى بيان لهذه المرأة الصالحة وهي التي إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله.

فلا شك ولا ريب أن نظر الزوج للزوجة من المقاصد المهمة في النكاح، فينبغي أن تحرصي أيتها الفاضلة وتحتسبي أجرك عند الله تعالى في أن تكوني متصفة بهذا الوصف الذي ورد في الحديث: (إذا نظر إليها سرته) فإذا أمرك بأنواع من اللباس في حال الخلوة بك أو أمرك بأنواع من اللباس في حال خروجك من البيت أو جلوسك مع أهله أو نحو ذلك فلا ينبغي لك أبداً أن تخالفي الزوج في مثل هذه القضايا، فتكون سبباً للخلاف بينكما، وكوني على ثقة بأنك كلما كنت لزوجك أطوع كلما كنت في قلبه أحب وأعلى.

ولا تظني أبداً بأن دخولك في أمورك الخاصة كاللباس ونحو ذلك فيه إنقاص من حريتك أو إنقاص من قدرك أو نحو ذلك، على العكس من ذلك، فحبه لمشاركته لك في الرأي أو في الطلب في كل ما يخصك دليل على شدة تعلقه بك، ومن ثم ينبغي أن تستغلي هذه المشاعر فتنميها في زوجك لا أن تكون سبباً لإحداث الخلاف أو الشقاق بينكما.

وما ذكرته من كون أهل زوجك ملتزمين أو بما وصفته أنت متشددين – وإن كنا لا نشاركك على هذا الوصف؛ فإن الإنسان المسلم ما دام ملتزماً لأوامر الله تعالى قائماً عند حدوده فإنه لا يوصف بمثل هذه الأوصاف إلا إذا كان يغلو ويتجاوز الحدود، فهنا نعم يوصف بالتنطع، أما إذا كان يلتزم بما أمر الله تعالى به ويجتنب ما نهى الله عز وجل عنه، ويسارع إلى امتثال الأفضل والأحوط في دينه فهذا ليس تشدداً – وعلى كلٍ فكون أهل زوجك بهذه المنزلة، نحن نظن أن في هذا خير كثير لك، وعامل من عوامل الأمان الأسري، وضمان من ضمانات قيام أسرتك واستمرارها بدون نزاع أو خلاف أو شقاق، فإن كون الأهل ملتزمين سيفرض على هذا الزوج أن يقف عند حدود الله تعالى، وسيكون هؤلاء الأهل عوناً لك على هذا الزوج في حال إذا أراد أن يتجاوز الحدود، وإن كنا لا نظن به هذا، لكن نقول كون أهل زوجك بهذه الصفة ينبغي أن تكون صفة تستدعي منك الإيجابية معهم، والتقرب منهم، والاستفادة من أعمالهم وأخلاقهم فيما يوافق شرع الله تعالى، فكوني لهم بنتاً ليكونوا لك أمّاً وأباً وأهلاً، وبهذا تكسبين قلب زوجك وتضمنين استمرار أسرتك على نوع من الوفاق والوئام والمحبة.

فنتمنى إن شاء الله أن تكوني متقبلة لهذه الوصية عاملة بها، ونأمل أن تري من ورائها كل خير، نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً