الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نتف الحواجب والرموش بسبب حالة نفسية منذ الطفولة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
سأحاول اختصار مشكلتي قدر المستطاع، عشت طفولةً قاسية بسبب المشاكل العائلية التي كانت تحدث أمام عيني، وكان يؤثر ذلك على العلاقة مع والدي، وحدثت مشاكل بيني وبين الوالدة في أول فترة المراهقة أثرت في كثيراً، وكنت عندما أغضب أو أحزن أقوم بنتف شعر حواجبي ورموشي، مما أثر على شكلي الخارجي، ولا زلت أمارس هذه العادة عندما أحزن، خصوصاً في بعض الأوقات التي أكون فيها مكتئبة.

هذه مشكلتي الأولى، أما الثانية فهي العادة السرية، أرجو توجيهكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ WA7Ida حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأيّاً كانت نوعية المشاكل التي عشتها في طفولتك ونوع العلاقة الأبوية، أقول لك: أنت الآن في مرحلة تؤهلك لأن تستفيدي من الماضي بالرغم من الصعوبات التي حدثت فيه، وتنظري إلى الجانب الإيجابي فيه، وتستفيدي منه كتجربة قد مضت، وكعبرة من أجل التنمية الذاتية في حياتك الآن، وكذلك من أجل تطوير المستقبل.

رؤيتنا لماضينا قد لا تكون صحيحة في كل الأوضاع، والإنسان يجب أن لا ينظر بظلامية وتشاؤم وسوداوية لماضيه؛ فهذا لا يفيد أبداً، إنما الذي يفيد هو أن يستفيد من الخبرات السابقة، وأن يحاول أن يبني الحاضر والمستقبل.

بالنسبة للمشكلة الأساسية التي تعانين منها الآن هي ممارسة العادة السرية، ويأتي في المقام الثاني نتف الشعر، لذا يجب أن تجلسي مع نفسك جلسة صادقة وبتركيز وتعمق وقدرة على اتخاذ القرار الصحيح وهو التوقف عن هذه العادة، فهي من وجهة نظري مهينة للفتاة، وأمر مقزز ولا شك في ذلك، والضرر العضوي كبير فيها، وكذلك الأذى النفسي الذي يحدث منها، لذا أيتها الفاضلة يجب أن تتسامي وترفعي من مقام نفسك، وذلك لأجل التوقف عن هذه العادة القبيحة، والمهم جدّاً هو أن تعرفي أن الإنسان إن كانت لديه مشاكل في شخصيته أو صعوبات نفسية أو اجتماعية لا يمكن أن يحلها من خلال تدمير الذات، وممارسة العادة السرية هي نوع من تدمير الذات ولا شك في ذلك، ونتف الشعر أيضاً أمر فيه بوادر تدمير الذات، ولكنه بالطبع أقل ضرراً من ممارسة العادة السرية.

نتف الشعر يرى الكثير من علماء النفس أنه نوع من السلوك الوسواسي المرتبط بالقلق النفسي، وهو نوع من التنفيس عن الذات بصورة خاطئة جدّاً، وعلاج هذا الأمر وبقية الأعراض القلقية التي تعانين منها تأتي من خلال ممارسة تمارين الاسترخاء، فعليك أن تتدربي على هذه التمارين، وذلك من خلال مقابلة أخصائية نفسية، أو بالاطلاع على أحد المواقع على شبكة الإنترنت، والتي توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، وأيضاً التمارين الرياضية في هذا الجانب مفيدة جداً.

عليك أن تربطي نتف الشعر بما نسميه بالمنفرات السلوكية، ومنها أن تركزي وتتأملي في عملية نتف الشعر وكأنك تمارسيها، وقومي في نفس اللحظة بالضرب على يدك بشدة وقوة حتى تشعري الألم.

كرري هذا التمرين عدة مرات -أي الربط بين نتف الشعر وبين الألم- وإن شاء الله بالتركيز والمثابرة وتطبيق هذا التمرين باستمرار سوف تحسين بعد فترة من الزمن أن رغبتك في نتف الشعر قد قلت كثيراً، وهذا نتاج لما يعرف في علوم النفس والسلوك بفك الارتباط الشرطي.

حاولي أن تجتهدي وتجعلي لحياتك معنىً أفضل، وأنصحك حقيقة بإدارة وقتك بصورة صحيحة، والتفكير المستقبلي الإيجابي، والذي يقوم على التفاؤل، وعليك أيتها الفاضلة الكريمة بأداء الصلاة في وقتها، ويجب أن يكون لك ورد قرآني يومي، وعليك بالدعاء والذكر، ومن المهم جدّاً أن تكون لك الرفقة الطيبة والحسنة، خاصة أنك تعيشين في بلد غير إسلامي.

بقي أن أقول لك: إنه توجد دراسات كثيرة جدّاً، تفيد أن أحد الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب والوساوس وجد أنها ذات فعالية خاصة جدّاً لعلاج نتف الشعر القهري، ومن هذه الأدوية الدواء الذي يُعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine) أرجو أن تتحصلي عليه وتبدئي في تناوله بجرعة حبة واحدة، وقوة الحبة هي خمسون مليجراماً، تناوليها بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً، واستمري على هذه الجرعة العلاجية لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضي جرعة الدواء إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناول الدواء، ويعتبر الدواء من الأدوية السليمة والبسيطة والفاعلة جدّاً.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً