الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كره الناس والنظر للحياة نظرة تشاؤمية... وكيفية التخلص من ذلك

السؤال

السلام عليكم.
أشكركم على هذا الموقع الرائع، جزيتم خيراً.

لدي مشكلة بدأت معي منذ 5 أشهر، وهي حالة اكتئاب شديدة، كرهت كل شيء في الحياة، لم يعد لدي أي شيء أحس أنه جميل فيها، كرهت أهلي وصديقاتي وأقاربي ووطني، لم أعد أستطيع الاستمتاع بشيء، أصبحت أفكّر دائماً بالمستقبل (لماذا نحن هكذا؟ لماذا لسنا مثل هذه الدول؟) أتحسّر على أشياء في الماضي لم أفعل فيها كذا، لم أعد أستطع النوم، إذا نمت واستيقظت تكون حالتي أشد ما يكون، أحس بضيق شديد، وأن الحياة كلها كئيبة، والكون ضيق، أصبحت دائماً أبكي، يئست من كل شيء، حتى العبادة أصبحت روتيناً يومياً، أدوية فقط، لم يعد يهمني شيء، مع أني كنت أخاف الله، وحريصة على الصلاة، صرت أحسد الناس، وأشك في الناس، وأحس أن الكل يكرهني، والكل كاذب، ولا يوجد محبة بين الأهل والأقارب، وأن الكل يكره الآخر، وللعلم – يا دكتور – فقد كنت فتاة اجتماعية دائماً، ومرحة وسعيدة، لكن لا أدري لماذا انقلب حالي فجأة؟

الآن أنا في الصف الأول الجامعي، ينتابني شعور دائماً يحبطني بأنني كبيرة في السن، ولا يمكنني عمل شيء مثل السابق، ودائماً أردد أنني أريد أن أعود طفلة أو أعود إلى الوراء، إذا هممت أن أفعل شيئاً يأتيني شعور بالاكتئاب والضيق، ويحطمني بأني إنسانه كئيبة ومستحيل أن أعود كما كنت سابقاً، لا أعرف كيف أقول لك كل ما بداخلي!

أنا إنسانة محطمة يائسة، فقدت شخصيتي، سئمت من حياتي، كلي أمل أن تجد لي حلاً، والله إني أفكر أن آكل مجموعة من الأدوية كي أنام ولا أستيقظ أبداً، إما أن أموت أو يحدث لي شيء خطير!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Alma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هوّني عليك، فهذا الذي تعانين منه هو نوع من الكدرة النفسية، وهذه درجة بسيطة إلى متوسطة من الاكتئاب، وأعرف أن الاكتئاب يسبب الكثير من الألم النفسي، ويفقد الإنسان الحساسية بطعم الحياة، ويجعله سلبياً في تفكيره، ولكن أؤكد لك أن الاكتئاب يمكن أن يعالج، وهذه النوبة نوبة بسيطة، وقد لا يكون هناك أي سبب لها.

من أهم سبل العلاج أن لا تكوني انتقائية وتتخيلي فقط الأفكار السلبية، انظري إلى الحياة وإلى نفسك بصورة يكون فيها شيء من الإنصاف والموضوعية، كم هي الأشياء الجميلة التي لديك، وكم هي الأشياء الإيجابية التي لديك، لا شك أنها كثيرة، وإن كانت بسيطة في نظرك يمكن أن تبني عليها، وذلك من أجل أن تعيشي حياة سعيدة ومستقبلاً يحدوه الأمل والرجاء.

أيتها الفاضلة الكريمة: من أسوأ ما يتسبب فيه الاكتئاب النفسي هو الفكر السلبي المشوه، والذي كثيراً ما ننتقيه ونختاره اختياراً، لا أقول ذلك تحت إرادتنا الكاملة، ولكن الذي تحت إرادتنا أن نتغير إيجابياً، وذلك بأن نحقر الفكر السلبي وأن نتجاهله، وأن نبني فكراً جديداً، وأنت - الحمد لله - في بدايات الشباب، لك أهل، ولك أسرة، وتتمتعين بصحة جسدية ممتازة، وحتى الصحة النفسية لا رأى بأساً عليها، وأتتك المشاعر الجميلة سابقاً، وهذا يدل أن جوهر الأمر وأصله لازال سليماً، وهذه نوبة عابرة حطميها وتخلصي منها من خلال التفكير الإيجابي.

أرجو منك إدارة الوقت بصورة جميلة، لا تجعلي الشيطان يضلك عن الطريق، قاومي الشيطان واستعيذي بالله منه، واحرصي على الصلاة وتلاوة القرآن، وعلى الدعاء وعلى الذكر، وعلى مصاحبة الطيبات من النساء والصالحات، واشعري بأهمية الوقت وإدارته بصورة طيبة، والاطلاع في الكتب المفيدة، ورفهي عن نفسك بما هو مشروع، وأنت الآن في الصف الأول الجامعي، وإن شاء الله تعالى بشيء من الاجتهاد والتركيز والتفكير الإيجابي، تستطيعين أن تنجزي إنجازاً أكاديمياً عظيماً يساعدك نحو مستقبلك الباهر.

هذه الأفكار السخيفة التي تأتيك من أنك تريدين أن تتناولي أدوية حتى تنامي ولا تستيقظي، هذا ليس شعوراً طيباً، فاستعيذي منه ومن الشيطان الرجيم، وهو شعور عابر، وكما قلت لك اجعلي حياتك مفعمة بالإيجابية.

أريد أن أنقل لك بشرى سعيدة، وهي أنه الآن توجد أدوية ممتازة جداً وفعالة تقضي على هذه المشاعر الاكتئابية، بشرط الالتزام بتناول الدواء، أفضل وأحسن دواء لك هو العقار الذي يعرف باسم سبرالكس، بعد تشاور مع أسرتك أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة 10 مليجرام ليلاً بعد الأكل، وبعد شهرين ارفعي الجرعة إلى 20 مليجرام يومياً، وهذه الجرعة العلاجية يجب أن تستمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى 10 مليجرام يومياً لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها 10مليجرام، أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على 20 مليجرام، واستمري عليها لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أنصحك أيضاً بممارسة الرياضة؛ لأن الرياضة تحرك الكثير من المواد الكيميائية الداخلية التي عرف عنها أنها تؤدي إلى الاسترخاء وراحة النفس.

أسأل الله لك العافية والشفاء، وأنا على ثقة تامة أنه بتناولك للدواء والإرشادات المذكورة سوف تتغير وتتبدل حياتك، ويصبح فكرك إيجابياً ونفسك راضية رضية وسعيدة.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر ندى

    ربي معاك لي راكي تعاني بيه اكبر الم ما كاش لي يحس بيك هذا مرض نفسي اصعب من المرض العضوي

  • ليبيا علاء

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    انصحكم ما تاخدون الدواء لانه مره مضر على المخ يسبب تلف داكرة واوهام وجنون والعياد بالله

  • السعودية Ahmad

    انا مثلها اكره كل شي حتى حياتي وحتى اهلي وعيال عمي ماحبهم وماحب اخرج من البيت ومااحضر المناسبات مستحيل تنحل الا الموت

  • رومانيا نور

    لما لاتستخدم الرقيا واكثر اصابات العين والحسد تؤثر ع النفسيه

  • السودان الاء

    جزاك الله خير وربنا يقدر الناس علي فعل الخير

  • Meriem

    السلام عليكم..
    ربي يعافيك أختي، أنا أيضا أعاني من نفس المشكلة، ولكن يجب علينا أن نحاول ولا نستسلم لأفكارنا السلبية.. ربي يعافينا إن شاء الله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً