الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ذكر بعض التصنيفات المختلفة من الأدوية لمعالجة الاكتئاب والنظرة التشاؤمية للحياة

السؤال

أعيش الحياة منتظراً نهايتها؛ فالحياة أصبحت بالنسبة لي عبئاً، أتمنى الخروج منها بسلام دون إهانة، لم أعش حياتي بسعادة أبداً، طفولة بائسة في بيئة قذرة، خائف من الأطفال في سني لسوء أخلاقهم وأفعالهم الشاذة المقززة، والتي أتقزز منها حتى الآن، لا أدري لماذا وضعني الله في هذه البيئة وعرضني لأذى هؤلاء؟ وعلى هذا نشأت خائفاً منطوياً، أشعر دائماً أني أقل من الآخرين، وأني خلقت لأكون أقل، فهذه نظرتي للحياة، وأفكر كثيراً في أيام الطفولة، بل أحياناً أعيش داخلها.

تحسنت منذ بضع سنوات على اللسترال، ولكن آثاره الجنسية تخيفني، فقررت استعمال الفافرين، ولكنه أثر على النوم سلباً وعلى الشهية، وأحياناً الجنس، مع العلم أني متزوج، فبماذا تنصحوني؟ وما هو الدواء الذي أستطيع الاستمرار عليه بقية هذه الحياة، وأخفها من حيث الأعراض الجانبية؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بدر الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد قرأت رسالتك أكثر من مرة، وأزعجني كثيراً هذه الصورة التشاؤمية والسوداوية التي وضعتها حول الحياة، فكلامك عن بيئة التنشئة التي عشت فيها فيه الكثير من الظلامية، وفي الحقيقة أنت حصرت نفسك فيما سماه العالِم السلوكي الكبير (آرون بك) بالتفكير السوداوي الانتقائي الصفوي السالب، بمعنى: أن الإنسان ينتقي أفكاراً سلبية، وهذه الأفكار قد تكون قائمة على أحداث حقيقية، ولكن لسبب ما يجعل هذا الفكر المتشائم يحرك كل حياته.

أخي الفاضل: بالطبع أنت لا تُلام على ذلك، ولكن قصدتُ بأن أذكر لك هذه المعلومة العلمية، راجياً من الله تعالى أن يعطيك البصيرة الكاملة بأن تنظر في الجوانب الإيجابية في حياتك وهي كثيرة، بالرغم من أني لا أعرفك، ولكني على ثقة تامة أن لديك أشياء طيبة وجميلة في حياتك.

الذي أرجوه منك هو أن تعيد النظر في طريقة تفكيرك بهذه الصورة السلبية، وانظر إلى الجوانب المشرقة في حياتك، ربما تعتقد أنني قد بالغت حين قلت لك: الجوانب المشرقة، لكنها كثيرة في الحياة، وأنا دائماً أقول لنفسي: إن الواحد منا ما دام قد خُلق في هذه الأمة المحمدية العظيمة، فهذا في حد ذاته أمراً ليس بالهين، بل يجب أن يكون منطلق تفكيرنا، فهذه البداية الإيجابية، وبعد ذلك تأتي الظروف الحياتية: الزوجة، الذرية، الصداقة.

ثم هناك أمور أخرى يجب أن تحمد الله تبارك وتعالى عليها صباحاً ومساءً، كأن جعلك تنفع نفسك وتنفع الآخرين حتى ولو كانت في الأمور البسيطة، وأن تنام بهدوء، وأن تُرزق لقمة من الطعام تتناولها وأنت مرتاح البال.. هذه كلها أمور يجب أن تتفكر فيها.

إذن: أرجو أن تغير من هذا الفكر السلبي المشوه، فالحياة جميلة وطيبة، -وإن شاء الله تعالى- هذا الوضع الذي عشته في طفولتك يكون دافعاً لك من أجل إسعاد نفسك وإسعاد الآخرين كذلك.

بالنسبة للعلاج الدوائي، هنالك أدوية طيبة جدّاً وممتازة، وأعتقد أن عقار (إفكسر Efexor) والذي يُعرف علمياً باسم (فنلافاكسين Venlafaxine) سيكون دواءً مناسباً لحالتك؛ وذلك لتميزه في علاج الاكتئاب النفسي، وأنت محتاج أن تبدأ بجرعة خمسة وسبعين مليجراماً يومياً لمدة شهر، بعد ذلك ارفعها إلى مائة وخمسين مليجراماً يومياً، وهذه هي الجرعة العلاجية الكافية بالنسبة لحالتك، علماً بأن هذا الدواء يمكن تناوله حتى ثلاثمائة مليجرام في اليوم، ورأيي أن تستمر على هذه الجرعة لمدة عامين، بعدها يمكن أن تخفض الجرعة إلى خمسة وسبعين مليجراماً لمدة عام، وبعدها قد لا تحتاج لتناوله.

الإفكسر يتميز بفعاليته وسلامته، ولكن يُعاب عليه أنه ربما يكون مكلفاً نسبياً من الناحية المادية، فإذا كان هذا الأمر مزعجاً لك فلماذا لا ترجع إلى أحد الأدوية القديمة الطيبة والجيدة، والغير مكلفة مثل التفرانيل؟ وأنا قناعاتي قوية جدّاً بهذا الدواء، بالرغم من تواجده في الأسواق منذ حوالي خمسة وأربعين عاماً.

جرعة التفرانيل هي أن تبدأ بخمسة وعشرين مليجراماً يومياً لمدة أسبوع، بعدها ترفع إلى خمسين مليجراماً يومياً لمدة أسبوع أيضاً، ثم اجعلها خمسة وسبعين مليجراماً لمدة أسبوع أيضاً، ثم مائة مليجرام، وهذه هي الجرعة العلاجية المفيدة في حالتك، والتي يمكن أن تتناولها بمعدل خمسين مليجراماً صباحاً وخمسين مليجراماً مساءً، وتستمر عليها لمدة عامين مثلاً، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة بمعدل خمسة وعشرين مليجراماً كل ثلاثة أشهر حتى تتوقف عن الدواء.

هنالك دواء يعرف تجارياً باسم (وليبيوترين Wellbutrin)، ويسمى علمياً باسم (ببربيون Bupropion)، وهو متوفر في مصر، يتميز بأنه أيضاً من أدوية الاكتئاب الجيدة جدّاً، وهو يعزز كثيراً المقدرة الجنسية لدى الرجل، وبالنسبة للذين يشتكون من زيادة الوزن أيضاً، فهذا الدواء لا يؤدي إلى زيادة الوزن، لكن يعاب عليه فقط أنه في نسبة قليلة لا تُذكر ربما يؤدي إلى نشاط صرعي إذا كان الشخص لديه الاستعداد، لذا نقول: يجب أن لا يتناوله الذين لديهم تاريخ لنوبات صرعية، أو لديهم تاريخ للصرع في أسرهم.

جرعة الوليبيوترين هي مائة وخمسون مليجراماً يومياً، ترفع بعد أسبوع إلى ثلاثمائة مليجرام يومياً، ثم إلى أربعمائة وخمسين مليجراماً يومياً، وأيضاً يمكن الاستمرار عليه لمدة سنتين، بعدها يمكن أن تخفض الجرعة.

الآن يوجد دواء جديد لا أعرف إن كان وصل مصر أم لا؟ اسمه (فالدوكسان Vldoxan)، هذا الدواء دواء متميز، من صنع شركة (سيلفر) الفرنسية، وهو يعمل بصورة مختلفة تماماً عن بقية الأدوية الموجودة لعلاج الاكتئاب؛ حيث إنه يعمل من خلال الموصل العصبي الذي يعرف باسم (مليتونين)، وجرعة الفالدوكسان هي خمسة وعشرون مليجراماً مرة واحدة في اليوم، وبعد شهر يمكن أن ترفع إلى خمسين مليجراماً يومياً، وهذه هي الجرعة العلاجية القصوى، والمدة يمكن أن تكون عامين، ثم تخفض إلى خمسة وعشرين مليجراماً يومياً لمدة عام، ثم يتم التوقف عنه.

حاولت أن أعطيك هذه التصنيفات المختلفة من الأدوية، لترى ما يناسبك فيها، وهي دليل على أن الأدوية كثيرة وجيدة وفاعلة.

أنصحك بممارسة الرياضة، وأن تنظم وقتك بصورةٍ صحيحة، وأنصحك بصحبة الصالحين والأخيار، وأن تتخذهم قدوة ونموذجاً في الحياة، وعليك بأن تكون دائماً في معية الله، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وجزاك الله خيراً.
=========
لمزيد من الفائدة يمكنك أخي أن تطلع على هذه الاستشارات:

(1131 - 234086 - 259784 - 264411 - 267822 - 248493).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً