الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أخشع في صلاتي وأمتلك الصفات الحميدة؟

السؤال

السلام عليكم.

أشكركم على اهتمامكم بنا، فأقل الأشياء قد تضلنا عن طريق الله سبحانه وتعالى، وقد راسلتكم لأني أعاني من مشكلة كبيرة تؤثر على حياتي.

فأنا لطالما حلمت أن أتغير للأحسن -والحمد الله-، قرأت كتباً كثيرة لتطوير الذات، وفي الكتاب الأخير الذي قرأته وجدت الخطوة الأولى لطريق الامتياز وهي التقرب من الله عز وجل، فعلاً صممت أن أتبع هذا الطريق.

أصبحت أصلي الفجر -والحمد الله-، وأقرأ أدعية الصباح والمساء، لكن مشكلتي تكمن أني أجد صعوبة في الخشوع في الصلاة، وهذا ما يؤلمني كثيراً، إضافة إلى ذلك أعاني من التسرع، وأحس أني لا أزن كلامي في بعض المواقف، فحلمي أن أصبح فتاة ملتزمة تتصف بأخلاق حميدة.

وأخيراً أتمنى أن تقدموا لي بعض الأدعية للهداية، وأيضاً للتميز والاتصاف بالخصال الحميدة، اللهم اهدنا وسددنا يا كريم.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يسرى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فمرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا واستقامة.

لقد أصبت ووفقت للخير حين علمت بأن الخطوة الأولى في طريق التميز والنجاح هي التقرب إلى الله عز وجل، فإن الإنسان إذا كان قريبًا إلى الله حبيبًا إليه فتحت أمامه أبواب التوفيق على مصارعها، فإن الله عز وجل وعد أولياءه وأحبابه المتقين بأن يجعل لهم من كل همٍّ فرجًا ويسهل لهم العسير، قال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب} ووعدهم بالحياة الطيبة ووعدهم بالحفظ والصيانة، كما أنه سبحانه وتعالى وعد المتقين فقال: {واتقوا الله ويعلمكم الله} وقال: {يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا ويكفّر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم}.

فنور البصيرة ونور العلم وجلب الأرزاق، كل هذه ثمار للتقوى، فقد أصبت في سلوكك في هذا الطريق، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا.

ونحن نوصيك بأن تتخذي من الصديقات من يعينك على الثبات على هذا الطريق فتتعرفي على الفتيات الصالحات الطيبات، وكذا النساء الصالحات الطيبات، فتكثري من مجالستهنَّ وحضور مجالس العلم والذكر، وستجدين نفسك -إن شاء الله- تتقدمين يومًا بعد يوم.

وما حدث -أيتها الكريمة- من مواظبتك على صلاة الفجر - والحمد لله - وقراءة أذكار الصباح والمساء، هذه من أجمل المبشرات التي تبشر بتحقيق النجاح، فهذا نجاح كبير، فإن المواظبة على صلاة الفجر في وقتها والإكثار من ذكر الله تعالى دليل الخيرية، فإن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر، وقد وردت فيها أحاديث أيضًا تدل على أنها ثقيلة على نفوس كثيرة، فما دمت قد تغلبت على هذه الخطوات فهذا مبشر إيجابي كبير يدل على أنك -ولله الحمد- ستقطعين مسافات طويلة في طريق التوفيق إذا ما قررت أن تجاهدي نفسك وتواصلي السير في هذا الطريق.

وأما الخشوع في الصلاة فإنه خلق مكتسب يمكنك بالتدريج -إن شاء الله- أن تكتسبيه شيئًا فشيئًا، فله أسباب، ولكن مع هذا نقول لك احذري من أن يُيئسك الشيطان من إحسان العبادة والخشوع فيها بدعوى أنك لا تخشعين، فإن الخشوع سيحصل -إن شاء الله- كلما جاهدت نفسك في ما تحبين بالأخذ بأسبابه، وعلى فرض أنك لم تحصلي الخشوع الكامل فإن المحافظة على الصلاة وأدائها في وقتها ولو نقص فيها شيء من الخشوع خير وأعظم من التهاون والتكاسل في الصلاة، فاحذري أن يدعوك الشيطان إلى التكاسل والتفريط في الصلاة تحت شيء من هذه المبررات.

والحلم والوقار أيضًا يُكتسب بالتدريج، كما قال صلى الله عليه وسلم: (الحلم بالتحلم)، يعني أن تجاهدي نفسك وتحاولي تطبيق هذا الخلق عمليًا، ولا بأس بأن تجاهدي نفسك على الأقل أن تؤدي موقفًا واحدًا من المواقف المزعجة الكثيرة التي تعرضت لها فتجاهدين نفسك في تحقيق الحلم فيه إذا غضبت، وهكذا كلما حصل لك موقف تتذكرين فضائل الحلم والعفو والصفح، وأن الله سبحانه وتعالى حليم يتعامل مع عباده بالحلم والمسامحة، فإذا طبقت هذا عمليًا مرة واحدة في اليوم أو مرة واحدة في الأسبوع في أول الأمر؛ فإنك ستجدين بأن هذا الخلق يزداد معك شيئًا فشيئًا.

وقد أصبت حين استشعرت الحاجة إلى الدعاء ولا سيما الدعاء بالهداية، فإن الله سبحانه وتعالى أوجب علينا أن نسأله هذه المسألة وأن ندعوه بهذه الدعوة وهو سؤال الله الهداية، ولهذا فرض علينا أن نقرأ الفاتحة في الصلاة ونحن على الأقل نقرأها سبع عشرة مرة في اليوم والليلة - أي في ركعات الفرائض – ونحن ندعو الله تعالى كل يوم لا يقل عن سبع عشرة مرة {اهدنا الصراط المستقيم} وما هذا إلا لشدة حاجتنا لهداية الله تعالى، فإن الهداية مراتب فوقها فوق بعض، وكلما ازداد الإنسان هداية ازداد حاجة إلى أن يُهدى إلى هداية أبلغ من الهداية التي كان عليها، ولهذا نحن نوصيك بالإكثار من دعاء الله تعالى بالهداية، وهناك أدعية مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال الله تعالى الهداية، منها ما يقول الإنسان (اللهم اهدني) كلما علم النبي صلى الله عليه وسلم عليًّا رضي الله تعالى عنه هذه الدعوة، قال: قل (اللهم اهدني وسددني)، وعلم الحسن رضي الله تعالى عنه أن يقول في الوتر: (اللهم اهدني فيمن هديت)، وكان عليه الصلاة والسلام يدعو فيقول: (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى).

فهذه دعوات بالهداية مباشرة، فالإنسان يسأل ربه الهداية فيقول (اللهم اهدني، اللهم إني أسألك الهدى والتقى، اللهم اهدني فيمن هديت) ينبغي أن تكثري من هذه الدعوات ما استطعت، وكذلك الدعوة بالخصال الحميدة، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (اللهم اهدني لأحسن الأعمال والأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيء الأعمال والأخلاق لا يصرف عني سيئها إلا أنت) فينبغي أن تكثري أيضًا من الدعاء بهذه الكلمات. ومن الأدعية الجامعة قول الله سبحانه وتعالى قبل ذلك: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}، فكل حسنة تدخل في هذا الدعاء، سواء حسنات الدنيا أو حسنات الآخرة.

وتحري بدعواتك أوقات الإجابة كالدعاء في حال السجود، والدعاء بين الأذان والإقامة، والدعاء دبر كل صلاة لاسيما النافلة، والدعاء في آخر الليل، والدعاء في آخر ساعة من يوم الجمعة ما بين العصر والمغرب، نسأل الله تعالى أن يزيدنا وإياك هدىً وصلاحًا وتُقى.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً