الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع معاناة الألم النفسي الشديدة من الاكتئاب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أمي في ال (55) من العمر، وهي تعاني منذ (15) سنة من مرض نفسي لم يعرف الأطباء حتى الآن تحديده، أهو اكتئاب أم قلق؟! فقد تنقلت طيلة هذه السنوات بين (4) أطباء وأصبحت تعاني كثيراً.

كذلك مهما حدث من أحداث سعيدة فهي لا تفرح ولا تشعر بها، ومن أكثر الأشياء التي ألاحظها أنها تبالغ وتضخم الأمور كثيراً، ويصيبها الهم لأتفه الأسباب.

أرجوكم ساعدونا، فهي اليوم حالتها أسوأ من سيئة، فهي تشعر بعذاب داخلي وحرقة في صدرها، وحزن وغم طوال الوقت، مع العلم بأنه والحمد لله لا يوجد أي مشاكل، وكلنا بخير، بل على العكس أحوالنا كلها جيدة جداً، والحمد لله، والعلاقة بينها وبين والدي ممتازة.

إنها تعاني من حزن شديد طوال الوقت، ولا تستطيع تحمل أي شيء، مع الشعور بالمسئولية، والذنب يلاحقها لأتفه الأشياء، فهي تشعر بأنها المسؤولة عن أي شيء غير جيد يصيبنا، مهما كان سخيفاً، وهي دائماً في حالة قلق وتوتر وانتظار لشيء سيئ سيحدث، بالإضافة إلى نوبات بكاء شديد من دون أي سبب وفجأة.

أما الأدوية التي أخذتها طيلة (15) عاماً فهي:
(فافرين) جيد ولكنه سبب لها وجع رأس شديد، فأوقفه الدكتور.

كذلك سيبرام: أكثر الأدوية التي ساعدتها، ولكن بعد سنتين لم يعد يعطي نفس المفعول.
وبسبار مع السيبرام كان جيداً.
وكذلك أنافرانيل: أعطى نتيجة، ولكن مع عوارض جانبية كثيرة.
والليثيوم: لم يناسبها أبداً بل عذبها كثيراً لمدة سنة، ولاميكتال مع الانافرانيل: أعطى نتائج، ولكن ليست مرضية أبداً.

آخر دواء كان (بروزاك): أصابها بنوبات حزن شديدة جداً، وساءت حالتها، فطلب منها الدكتور إيقافه، واليوم نحن في حيرة، ماذا نفعل؟ هل لا يوجد حل؟ وهل حالتها صعبة إلى هذا الحد؟

أرجوكم ساعدونا، فقد فقدنا الأمل في الأطباء من كثرة التجارب، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Samira حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا أعتقد أنه توجد مشكلة كبيرة حول التشخيص، حيث إنه لا يوجد اكتئاب بدون قلق، ولا يوجد قلق بدون اكتئاب، الأعراض التي ذكرتها وهي الصورة التشاؤمية والسوداوية التي تسيطر على فكر والدتك، وكذلك افتقادها للفعالية وشعورها بالذنب، هذه أعراض من صميم الاكتئاب النفسي، والاكتئاب النفسي يكون متداخلاً مع القلق النفسي، لذا هنالك حالة تشخيصية تسمى بالقلق الاكتئابي، ولكنني حقيقة أميل كثيراً أن الوالدة وحسب عمرها وطبيعة الأعراض التي ذكرتها هي تعاني في الأصل من اكتئاب نفسي، وهذا هو جوهر العلة، أما القلق فهو شيء إضافي.

أيتها الفاضلة الكريمة: أعتقد أنه من الضروري جدّاً أن تساعد الوالدة من خلال إشعارها بأهميتها وبكينونتها وبمقامها، أنا أعرف تماماً أنكم تهتمون بهذا الجانب، ولا قصور -إن شاء الله- ولكني وددت أن أحتم عليه.

ثانياً: دائماً حاولوا أن تستشيروها في الأمور الحياتية، هذا أيضاً يعطيها الشعور بأنها إنسان مرغوب فيه، وأنه لا زال لديها دور في هذه الحياة.

ثالثاً: يجب أن تساعد، وتُذكر دائماً بالإيجابيات الموجودة في حياتها، ولا شك أن لديها أشياء جميلة، وكما تفضلت وذكرت أنه لا توجد لديها مشاكل، لكن الاكتئاب دائماً يجعلها تفكر بصورة سلبية، وهذه الأفكار السلبية المشوهة حين تستحوذ على الإنسان تنسيه كل الجماليات التي في حياته.

أرجو أن تساعدوها أيضاً على بناء شبكة من العلاقات الاجتماعية مع من هم في عمرها.

سيكون من الجميل أن تكون لكم حلقة في المنزل لتلاوة القرآن، تشارك فيها الوالدة، حتى ولو مرة في الأسبوع، هذه الأشياء ذات قيمة كبيرة من الناحية العلاجية بالنسبة لمرضى الاكتئاب.

أرجو أيضاً أن تهيئوا لها بعض البرامج الاجتماعية، بأن تخرج لزيارة صديقاتها، بأن تشارك في المناسبات الاجتماعية، هذا كله يفيدها كثيراً جدّاً.

أرجو أيضاً أن تبدأ الوالدة في بعض البرامج الرياضية كالمشي مثلاً، المشي يجدد الطاقات النفسية بصورة إيجابية جدّاً، ويمكن إقناعها أنها في حاجة لرياضة المشي؛ لأن المشي بجانب المساعدة النفسية سوف يجنبها أيضاً -إن شاء الله- هشاشة العظام، وهي قابلة لهذه العلة في هذا العمر.

بقي أن أقول لك: بالنسبة للعلاج الدوائي، لا شك أن الوالدة في حاجة إلى العلاج الدوائي، وأنا أعتقد أن عقار سبرالكس والذي يسمى علمياً (استالوبرام) سيكون مفيداً لها، وجرعة البداية هي عشرة مليجرام، تتناولها بعد الأكل، يفضل تناولها نهاراً، لكن بعض الناس يشتكون من النعاس الذي قد يسببه الدواء، لذا نقول إذا حدث أي نعاس أو شعور زائد بالاسترخاء فتناول الدواء ليلاً سيكون هو الأفضل.

تستمر على جرعة العشرة مليجرام لمدة شهر، بعد ذلك ترفع إلى عشرين مليجراماً يومياً، وتستمر عليها لمدة خمسة أشهر، ثم تخفضها إلى عشرة مليجرام يومياً وتستمر عليها لمدة سنتين، وهذه ليست مدة طويلة أبداً، فهي في حاجة من وجهة نظري لهذه المدة العلاجية، وبعد ذلك يمكن أن تخفض جرعة الدواء إلى خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – وتستمر على هذه الجرعة الصغيرة لمدة شهر، بعد ذلك يمكن أن تتوقف عن الدواء.

بجانب السبرالكس هنالك عقار يعرف باسم (سوركويل) واسمه العلمي هو (كواتبين) هذا الدواء بجرعة صغيرة يعتبر مدعماً أساسياً لعلاج مثل هذا النوع من الاكتئاب، والجرعة المطلوبة في حالة الوالدة هي خمسة وعشرون مليجراماً، تتناولها ليلاً، ربما تحس بشيء من النعاس في بداية العلاج، لكن هذه الخاصية سوف تنتهي بالاستمرار على الدواء.

المدة المطلوبة هي أن تستمر على السوركويل لمدة ستة أشهر، بعد ذلك يمكن أن تتوقف عنه.

إذن السبرالكس هو العلاج الرئيسي، والسوركويل هو العلاج المساعد، وكلاهما من أفضل ومن أسلم الأدوية وليس لها آثار جانبية ضارة بإذن الله تعالى.

أسأل الله لها الشفاء والعافية، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على اهتمامك بأمرها.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فلسطين hvd[ ulv,

    انا نفس المشكله الا انني افقد القدره على الصلاه ايضا ارجو من الله ان يسامحني

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً