الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حاجة الإنسان إلى من يسمع همومه ويطلع على مشاكله النفسية

السؤال

السلام عليكم
هذه أول مرة أكتب عن مشكلتي.

أنا الآن أرتجف من الخوف من أن يراني زوجي وأنا أكتب، زوجي إنسان متعلم ولكن يضحك عندما أقول له: أنا أشعر بأني بحاجة إلى طبيب نفساني، ويقول:بلا هبل. حتى أني مرة قلت لأختي عن مشكلة عندي، شعرت بأنها نظرت إليَّ بنظرة غريبة لا تصدق ما تسمع، هذا لأنه لا يظهر عليّ، لا أعرف من أين أبدأ.

أشعر بأن جبلاً على ظهري من الهموم والمتاعب أريد أن أزيحه، أشعر بأن مشاكلي مثل الطبخة المليئة بالمكونات، أنا لا أثق في أحد لكي أنفس له عما بداخلي، ولكي أكمل شرح مشكلتي أحتاج إلى كتابة كتاب أو مجلدات لكي أوفي الغرض، أشعر بأني إنسانة ضائعة، لا أجد أحداً يسمعني، أهلي برغم قربهم مني أشعر بأني مغتربة، دائماً أبحث عن مشاكل في الاستشارات لعلي أجد أحداً مثلي، هناك تشابه وهناك من وصف لهم أدوية، لكن هذا صعب عليَّ؛ لأني أخاف أن يكتشف أحد ذلك وينبزني بالمريضة نفسياً، هذا لأني أسمع من زوجي ومجتمعي ذلك، أنا أريد أن أتواصل معكم باستمرار لكي أعرض مشكلتي كاملة، وأرجو منكم تقبل ذلك.

أنا أم لأربعة أطفال، المشكلة أنهم يبدون في الجسم كأطفال أصغر من سنهم بسنة، وهذا دائماً يذكرني به الناس عندما أخرج معهم، وهم أذكياء وجميلون -والحمد لله-.

أما زوجي فهو يكبرني بثمان سنوات، ليس قبيحاً، هو قصير، وتزوجته غصباً، عندما يرتب نفسه أجده جميل، وهو حنون، وهذا ما حبّبني فيه.
أنا إنسانة أصلي وأخاف الله، ودائماً ضميري يؤنبني، أنا الآن أتعلم في الجامعة، ودائماً في ضغط من التعليم والأولاد، ومرض ابنتي، ولدي قلق من مواجهة الناس، وهذ الشيء من بداية زواجي؛ إذ أني تعرضت لانتقادات من قبل أهل زوجي من بعض الزلات في الكلمات، وهذا لأني إنسانة خجولة جداً وحساسة، وهذا ما يضايقني وأكرهه في نفسي دائماً، أبرر أفعالي للقريب والغريب، وبطيئة في عملي، وهذا ما يقوله المقربون، وفي الغالب عندما أسمع انتقاداً من قبل الناس ليس لي، لكن أقول هذا الشيء موجود عندي، أشعر دائماً أني أقسو على نفسي، وأشعر أن الناس توثر فيّ كثيراً، ودائماً أبحث عن مدح الناس لي، ولا أشعر بالرضى والفخر في نفسي، دائماً أقول يجب التواضع.
لم أنته من عرض مشكلتي، وأود أن أتواصل معكم لكي أرتاح، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aml حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن ينفعك وينفعنا جميعاً بما يقدم في هذا الموقع.
بالصورة المبدئية أستطيع أن أقول لك ومما ورد في رسالتك أن مفاهيم الناس عن الطب النفسي تتفاوت، فهنالك ما زال يرسم الطب النفسي في صورة قبيحة جدّاً، ويعتبره نوع من الوصمة الاجتماعية، ولكن بفضل الله تعالى هذه المفاهيم تغيرت لدى الكثير من الناس.
حين تطلبين من زوجك أنك تريدين مقابلة الشخص المختص يجب أن تضعي بعض النقاط الواضحة له والتي سوف تقنعه، وهو مثلاً أنك تعانين من عدم الاستقرار النفسي، لديك شيء من الحساسية، هنالك عسر في المزاج، وأنت تطلبين المساعدة، وهذه لا تتوفر إلا من خلال الطبيب النفسي، وأن الطبيب النفسي لا يذهب إليه الآن فقط الذين يعانون من الاضطرابات العقلية، وفي نفس الوقت أشعري زوجك أنه قد بذل كل ما يمكن من أجل أن تعيشي في صحة نفسية ممتازة وبارتياح، ولكن ربما تكون العوامل البيولوجية التي تميزك تغلبت على الظروف الحياتية وجعلتك تشتكين من هذه الأعراض.
أعتقد أن طرح القضية بهذه الصورة ربما يقنع زوجك ومن حولك.
بالنسبة لحالتك: الحمد لله تعالى أنت كما وصفت الحالة وإن كانت بصورة موجزة، ولكن أعتقد أن هنالك مؤشرات أساسية تدل على أنك بالفعل شخصية حساسة وقلقة بعض الشيء، ومستوى اليقظة النفسية لديك مرتفع مما جعلك لا أقول تسيئين التأويل، ولكن ربما تعيقك بعض الأمور والزلات البسيطة في الحياة، هذا يعتبره البعض نوع من الهشاشة النفسية الطبيعية التي تختفي بمرور الوقت والزمن.
من أكبر الصعوبات التي قد يواجهها الإنسان هو أن ينسى الأشياء الطيبة والجميلة في حياته ويجعل الفكر السلبي يسيطر عليه.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنت صاحبة نعم كثيرة، رزقك الله تعالى الزوج، ولديك الذرية، ومهما كانت هناك بعض النواقص حول هذه المكونات الأسرية إلا أن إيجابياتها أكثر، فيجب أن تتأملي وتتمعني في ذلك.

بالنسبة لحجم الأطفال وسنهم، هؤلاء الأطفال أصحاء، وهذه الاختلافات البسيطة في الوزن أو الحجم أو الشكل يجب أن لا تعيريها اهتماماً أيتها الفاضلة الكريمة.
حين قرأتُ الكلمات الأولى حول هذا الموضوع -أي حول أبنائك- أتاني اعتقاد أنهم ربما يعانون من قصور في هرمون النمو، ولكن بعد أن واصلت الاطلاع على رسالتك لم أحس ذلك أبداً، فهذه الأمور يجب أن لا تعيريها اهتماماً، يجب أن لا تجسميها، يجب أن لا تضخميها، وزوجك حاولي دائماً أن تكوني على وفاق معه، يجب أن يكون هنالك اللطف، يجب أن يكون هنالك جرعات كبيرة من المودة والاحترام والسعي نحو استقرار الأسرة، ولا شك أنه سوف يساعدك في أن تكوني أنت أيضاً في حالة استقرار نفسي.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنت ذكرت أشياء كثيرة عن نفسك، وصفت نفسك بالخجولة والحساسة، وأنك بطيئة في عملك، وأنك ليس لديك القدرة لتقبل الانتقاد أو شيء من هذا القبيل، كما أن تأثير الناس عليك كثيراً.
أنا حقيقة أريدك أن تغيري هذه المفاهيم كلها جميعاً، هذه الأمور نسبية، ومتى ما أثر الإنسان على نفسه إيجابياً، بمعنى أنه وضع صورة ذهنية وجدانية داخلية حول نفسه هذا يزيد من قلقه ومن اهتزاز ثقته بنفسه؛ لأن مدخلات الفكر هي مدخلات سلبية، ولكن الإنسان الذي يتجاهل الصغائر ويحكم على نفسه بأفعاله وإنجازاته ويركز على إيجابياته لا شك أنه سوف يحس بالكثير من الرضى والاستقرار النفسي.
أيتها الفاضلة الكريمة: الحمد لله تعالى أنت محافظة على صلاتك، والقرب من الله تعالى هو خير معين للإنسان فاحرصي على ذلك، كوني متفائلة، كوني إيجابية، وأنا أرى أنك ربما تستفيدين كثيراً من أحد الأدوية البسيطة جدّاً المحسنة للمزاج والتي تقلل من الوساوس والقلق، الدواء يعرف تجارياً باسم (بروزاك) واسمه العلمي هو (فلوكستين)، إذا وافق زوجك لا مانع من أن تتحصلي عليه وهو لا يحتاج لوصفة طبية، والجرعة المطلوبة في حالتك كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ويفضل أن يكون تناول الدواء بعد الأكل.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق سهرالشمري

    اللة يكون بعونك اسأل اللة أن يريح قلبك وأقول لكي لاتعيري اهتمام لكلام الناس لأنهم لايرضيهم العجب.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً