الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتثاءب كثيرا عند التحدث كثيرا وينقطع نفسي بسرعة، فما المشكلة؟

السؤال

السلام عليكم.

نقدم لكم جزيل الشكر على ما تفيدونا به وجميع الناس.
المشكلة أنني أشعر بكثرة التثاؤب عند التحدث كثيرا، وفي بعض الأحيان التوقف عن التحدث حتى أتنفس، ويلاحظ ذلك من أتحدث معه، وهذا يعني كما أعلم الحصول على الأوكسجين، وكذلك سرعة التنفس، وذلك عند بذل أي مجهود ولو بسيط، لا أعلم ماذا يعني ذلك؟ وماذا عليّ أن أفعل من فحوصات؟ وعند أية تخصص هل صدر أو قلب؟

مع العلم بأنني قمت بعمل فحوصات منذ حوالي تسعة أشهر على القلب، وأشعة على القلب، وتحاليل كاملة، فلم يوجد أي مشكلة في الدم أو القلب، وأثناء الأشعة ظهرت الرئة وقال لي الدكتور أنه يوجد بها أشياء بسيطة من التأثر من المدخنين.

مع العلم بأنني لا أدخن ولكن أجلس معهم في بعض الأحيان، أرجو منكم التكرم بإفادتي ماذا أفعل؟ وما هي المشكلة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا قال: " ها " ضحك الشيطان) رواه البخاري ومسلم.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" قال ابن بطال: إضافة التثاؤب إلى الشيطان بمعنى إضافة الرضا والإرادة, أي: أن الشيطان يحب أن يرى الإنسان متثائباً؛ لأنها حالة تتغير فيها صورته فيضحك منه، لا أن المراد أن الشيطان فعل التثاؤب.

وقال ابن العربي: قد بينَّا أن كل فعل مكروه نسبه الشرع إلى الشيطان؛ لأنه واسطته, وأن كل فعل حسن نسبه الشرع إلى المَلَك لأنه واسطته, قال: والتثاؤب من الامتلاء، وينشأ عنه التكاسل، وذلك بواسطة الشيطان, والعطاس من تقليل الغذاء، وينشأ عنه النشاط، وذلك بواسطة المَلَك.

وقال النووي: أضيف التثاؤب إلى الشيطان لأنه يدعو إلى الشهوات؛ إذ يكون عن ثقل البدن واسترخائه وامتلائه, والمراد: التحذير من السبب الذي يتولد منه ذلك، وهو التوسع في المأكل، والذي حذرنا منه نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله: (المعدة بيت الداء) ونصحنا النصيحة البالغة الموجزة: (..بحسب ابن آدم لقيمات يقمن بها صلبه).

قوله: " فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع " أي: يأخذ في أسباب رده, وليس المراد به أنه يملك دفعه، لأن الذي وقع لا يرد حقيقة, وقيل: معنى (إذا تثاءب) أي : إذا أراد أن يتثاءب.

وأما عن قولك بأنك تتوقف عن الكلام في وسطه حتى تلتقط أنفاسك والتي تتسارع عند بذلك لأي مجهود زائد ولو بسيط مما قد يصفه البعض بضيق في التنفس لقله نسبة الأكسجين الواصلة إلى الرئتين ثم الدم ومنه لباقي أنحاء الجسم، فهذا مما يدفعنا للكلام عن ضيق التنفس وأسبابه بإسهاب:

يختلف وصف ضيق التنفس من شخص إلى آخر، فالبعض يصفه بكتمة في التنفس أو عدم القدرة على أخذ نفس عميق أو ألم في الصدر؛ ولذلك فإن الخطوة الأولى تكون عند تقييم الحالة وأخذ الوصف الدقيق لضيق التنفس ووقت حدوثه ومدته، والعوامل التي تزيده أو تهدئه، وأي أعراض أخرى، وأما أسباب ضيق التنفس فأهمها ما يلي:

1- أمراض الجهاز التنفسي: تسبب العديد من الأمراض الصدرية ضيق التنفس، وأهمها الربو الذي يصحب عادة بسعال وصفير في الصدر, وكذلك أمراض التهاب القصبات المزمن عند المدخنين والمتقدمين في السن، وانتفاخ الرئة وأمراض الصدر الأخرى المسببة لضيق التنفس تشمل التليف الرئوي والجلطات الرئوية.

وتقييم هذه الحالات يلزمه عمل أشعة الصدر ووظائف الجهاز التنفسي، وغازات الدم لقياس نسبة الأكسجين, فهذه الفحوصات تحدد المسبب في أغلب الحالات، إلا أن القليل منها يلزمه عمل فحوصات متقدمة، مثل الأشعة المقطعية، ووظائف التنفس عند أداء المجهود، وعلى كل حال فبالكشف والأشعة التي أجريتها على الصدر قد تم استبعاد كل هذه الأمراض، اللهم إلا بعض آثار التدخين السلبي، والتي يجب أن تحرص كل الحرص على تجنبها مستقبلا بعدم مخالطة المدخنين وذلك لسلامة قلبك وصدرك.

2- أمراض القلب: وهي سبب رئيسي آخر لضيق التنفس, وهبوط القلب يؤدي إلى ضيق التنفس عند أداء المجهود، وتختفي عند الخلود للراحة، والحالات المتقدمة يكون لديها ضيق في التنفس عند الاستلقاء أو أثناء النوم، وتتحسن عند الجلوس, وإذا كان المسبب أمراض الشرايين التاجية فإنه في الغالب تصحب بأعراض أخرى مثل ألم في الصدر، وعدم انتظام في دقات القلب.

وإضافة إلى الفحص الطبي فإن عمل تخطيط للقلب يظهر إذا كان لدى المريض أمراض في شرايين القلب أو هبوط في القلب أو عدم انتظام دقاته، وكذلك صور الإيكو للقلب إن لزم، فإنها تبين قدرته على ضخ كمية كافية من الدم, وهناك العديد من الفحوصات الخاصة بأمراض القلب التي يتم عملها بعد الاطلاع على الفحوصات المبدئية مثل تخطيط القلب عند أداء المجهود أو تسجيل دقات القلب على مدى أربع وعشرين ساعة أو قسطرة القلب، وبما أنك قد قمت بعمل فحوصات منذ حوالي 9 شهور على القلب، وأشعة على القلب، وتحاليل كاملة لم يوجد اية مشكلة في الدم أو القلب فإنا نستبعد هذا السبب.

3- أمراض أخرى: حيث ينبغي عند استبعاد أي أسباب متعلقة بالقلب أو الرئتين عمل تقييم شامل للجسم للبحث عن أي سبب مثل فقر الدم، والذي ينتج عن نقص في كريات الدم الحمراء، وبالتالي نقص الأكسجين, وأمراض الكلى المزمنة أو الكبد المتقدمة تؤثر على مجهود الشخص المصاب، وتؤدي إلى ضيق في التنفس, ويتم عمل الفحوصات الخاصة بكل حالة حسب ما يظهره الفحص الطبي.

4- نقص اللياقة البدنية: فعندما يتبين أن الشخص المعني لا يمارس الرياضة بشكل منتظم وطبيعة حياته ونظامه اليومي لا تستدعي بذل أي مجهود ملحوظ، فإن نقص اللياقة البدنية يكون سببا رئيسيا لهذه المشكلة، وينصح الشخص المعني بأداء التمارين الرياضية بشكل مستمر لزيادة المخزون اللياقي، وخصوصا المشي والهرولة والسباحة، وسيلاحظ المريض أن لياقته تزداد تدريجيا، وأن ضيق التنفس يتلاشى مع مرور الوقت.

5- أسباب نفسية: في بعض الأحيان تبقى نسبة بسيطة من المرض لا يتم الوصول فيها إلى سبب عضوي لضيق التنفس، ولا يستطيع المريض أن يؤدي المجهود المعتاد بدون شكوى, وعند ذلك تدعى الحالة كضيق في التنفس بسبب دواع نفسية، وتستدعي حالة المريض تقييما من قبل طبيب نفسي متخصص، وخاصة إذا كانت الحالة مصحوبة ببعض الأعراض الأخرى مثل التثائب والتنهد المتكرر والإرهاق العام، والتعب لأدنى مجهود والزهق.

والله ندعو أن يمن عليك بدوام الصحة والعافية فإنه ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً