الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفكيري الدائم بالزواج وعاطفيتي أثرت على دراستي وعلاقتي برفيقاتي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكركم كثيرا.. كثيرا على جهودكم ونسأل الله أن يجعلها الله في موازين حسناتكم.

مشكلتي أنني فتاة عاطفية للغاية، كنت منذ سن الخامسة عشر أحلم بأن أتزوج وذلك لأني عاطفية جدا وخاصة لما أصبح عمري 15 أو 16 فكان هذا الشعور قوي جدا، لكن لا أريد أن أحب شخصا لا يجوز لي ولا أريد فعل ما يغضب ربي كما أني كنت أوقن أني إذا تعرفت على شاب سوف أخسر رضا ربي وسوف أخونه ثم أخون والديّ اللذين تعبا في تربيتي، فكنت أنظر إليهما وأقول لا والله لن أخيبكما، ولن أسمح لأحد يتحدث عنكما بسوء بسبب سوء فعلي، ثم سأخسر كرامتي وعلى ماذا؟!

هل أخسرها على شخص في النهاية يلعب بمشاعري ليحقق أغراضه الدنيئة لذلك كنت أدعو بالزواج، وكنت أنخطب كثيرا لكن لم يحصل نصيب في كل المرات وكنت لا أيأس أبدا ولا أعرف طريقا لليأس فكلما شعرت بذلك الشعور ذهبت مسرعة أدعو ربي وأتيقن الإجابة والآن أصبح عمري 23 عاما زاد همي وتفكيري في الموضوع وأصبحت لا أستطيع المذاكرة ولا أستطيع التفكير في شيء آخر مع أني أعرف أن عمري ليس كبيرا لكن شعوري كبير جدا، فتأخر مستواي الدراسي بشكل كبير وملحوظ بعد أن كان الجميع يشير علي بسبب تفوقي وكنت أحرز أعلى الدرجات وكنت لا أعرف للكسل طريق والآن أصبحت درجاتي جدا هابطة ولا أذاكر إلا بالقراءة ولا أستطيع الاستيعاب ولا الفهم، فلم أعد استخدم عقلي وأشعر بفتور وأنه لا هم في الدنيا مثل هذا الهم، الآن أنا لا أدعو بصراحة كما كنت في السابق، والله أعرف أن ربي يجيب الدعاء وأعرف أن ربي قد صرف لي هذا الدعاء في أحد الأمور المعروفة لكن توقفت لأني أصبحت أشعر بأن هذا الموضوع ليس فيه خيرا لي، وإلا كان قد رزقني الله إياه في وقت أبكر من ذلك، لكنني مازلت أفكر في الموضوع وأحزن كثيرا عندما أرى كل صديقاتي متزوجات بل وأمهات (بارك الله لهن وزادهن) وأنا لا، لدرجة أني أصبحت ابتعد عنهن ولا أرافقهن، فكيف أنسى هذا الموضوع ولا أفكر فيه؟ وكيف أعود الطالبة المثالية الطموحة كما كنت؟؟ وكيف أسمع عن بقية زميلاتي ولا أشعر بالحزن؟؟ وهل ما أفكر فيه أن ذلك ليس خير لي صحيح أو لا؟؟ وكيف أرضى بقدري هذا؟ والحمد لله على كل حال.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ taghreed حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.

أهلا بك أختنا المباركة في موقعك إسلام ويب ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه وأن يبارك فيك .

أختنا الكريمة أريد أن أبدأ من نقطة الدعاء لأنها هامة، وخصوصا قولك بأنك لم تعودي كما كنت في السابق كثيرة الدعاء، أحب أن أنبه أختنا الفاضلة إلى أن الدعاء مطلوب على كل حال ، والعبد لا يعلم الغيب ولا يعلم ما في غد وما هو خير له وما هو شر له، والله أخبرنا أننا قد نحب ما يضر وقد نكره ما ينفع (عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم)، فقد يمنع العبد لمحبة الله له، لأن في العطاء ساعتها نقمة عليه، وقد يعطى العبد لعلم الله أنه أصلح له ، فالله عز وجل يختار لعبده الخير، وما من دعاء دعوت الله به إلا وهو مدخر بين ثلاث:

إما أن يعجل الله إجابته.
وإما أن يرفع الله عز وجل مثله من البلاء.
وإما أن يدخر للعبد بين يديه.

فما دمت قد دعوت الله وأخذت بالشروط التي ذكرها أهل العلم وهي:
1- الإخلاص لله عز وجل.
2- تجنب أكل الحرام لما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ".
3- إظهار التضرع لله عز وجل مع كمال التسليم له فيما يريد.
4- عدم العجلة، فلا يستبطئ الإنسان الإجابة، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن العجلة من أسباب منع الإجابة كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل". قالوا كيف يعجل يا رسول الله؟ قال: " يقول: دعوت ودعوت فلم يستجب لي".

فلا ينبغي لك أن تعجلي، بل سلمي واعلمي أن هذا هو الخير لك، ولعل الله ادخر لك في علمه من يسعدك في الدنيا والآخرة ، فلا تبعدي عن الدعاء وتدعيه بل ينبغي عليك أن تلحي على الله، فإن كل دعوة تدعي بها الله عز وجل فإنها عبادة تقربك إلى الله عز وجل.

وأما كيفية النسيان أو عدم التفكير فأنصحك بعدة أمور:
1- الرضا بقضاء الله وقدره ، ويعينك على الرضا أن تعلمي أن اختيار الله لك أفضل من اختيارك ، وإن الله ما يمنع العبد الصالح لهوانه، ولكن لما أعده له من خير.

2- التوجه إلى الممكن وعدم الإغراق في المستحيل، إن الشيطان أختنا الفاضلة يشغلك بسراديب الغيب، واستشرافه ومحاولة الإبحار فيه، هدفه من ذلك إبعادك عن الممكن وهو التفوق الدراسي، فلا تنشغلي بالغد ودعي الأمر على الله ، وانشغلي بالممكن ، فنريدك هذا العام الأولى في دراستك وليس ذلك على الله ببعيد.

3- أنت فتاة صغيرة ومتدينة ومتفوقة، والمستقبل أمامك إن شاء الله عز وجل كبير، فابدئي الاجتهاد ودعي التفكير.

4- يعينك على عدم التفكير: تنظيم وقتك، وتحديد الأولويات، والبدء بالأهم فالمهم، وكل هذا ينبغي أن يكون فيه شعارك إيجابيا: ثقي أن الله سيوفقك ما دمت قد أخذت بالأسباب.

5- أريد منك كذلك أن تنشغلي بالطاعة أكثر، وأن تكثري الدعاء أن يوفقك الله عز وجل ، وأن يختار لك، وأن يرضيك بالقضاء.

هدفك الآن ينبغي أن يحدد ولا مجال للانشغال عنه : هدفك هو رضا الله سبحانه، والتوفيق في الدراسة، لا تجعلي الشيطان يشغلك قط عن هذا الأمر، وثقي أن الله لا يخذل عباده أبدا فلا تعجلي.

وختاما أسأل الله أن يوفقك لكل خير وأن يصلح حالك وأن ييسر أمرك وأن يهديك الصراط المستقيم.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً