الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يتعامل زوجي مع ابنته بقسوة مما دفعني للتفكير بالطلاق، ماذا أفعل ؟

السؤال

أسعد الله أوقاتكم
وشكراً لهذا الموقع الرائع

أنا متزوجة من قريب لي، زواج تقليدي، مع العلم أني جامعية وهو لم يكمل الابتدائية, ولكن مدح لي أهلي به وعن أخلاقه ولثقتي بقرارهم وافقت وتزوجنا وكانت حياتنا طبيعية لمدة سنتين, حتى بدأت مشكلتي عندما أنجبت طفلتي ذات ال 5 سنوات الآن.

منذ أن كانت بالشهر الثاني من عمرها وهو يضربها كل فترة بشكل عنيف (بدون استخدام شيء) ويعاملها معاملة قاسية وبجفاء تام ولا يبدي أي حنان أو حب تجاهها، وفي كل مرة أتدخل لأحمي طفلتي من ضرباته تتضخم المشكلة أكثر ونبدأ بالصراخ والمشاجرة، مع العلم جربت كل الطرق في النقاش معه ولكنه يجد أنه دائماً على حق وأن الطفلة تكرهه وتحاول غيظه.

تقبلت الإهانات كثيراً وفي كل مرة يعتذر ولكن بأسلوب المجاملة ولأنه يحتاجني فقط, لا لأنه يحب ابنته أو حتى من أجلها، مع العلم أني مغتربة ولا أستطيع أن أدخل أحد بمشكلتنا.

لقد فقدنا الاحترام لبعضنا وفقدنا الحب، ماذا أفعل؟

إنني أصبر عليه كثيراً, وبصراحة له عيوب كثيرة وأنا لا أحب تجريحه، وكل مرة يعتذر وأقبل اعتذاره ليعيد الكرة بعد فترة؟

هل أتركه يضربها وأقف متفرجة؟
أم أنفصل عنه لسعادة ابنتي؟

شكراً لكم .

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نيرمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.

مرحبًا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.

نحن ندرك أيتها الأخت ونحس بمشاعر الحزن التي تنتابك عندما ترين فتاتك الصغيرة وهي تُضرب من قبل والدها، ولكننا نذكرك أيتها الأخت العزيزة أن فطرة الإنسان التي فطره الله عز وجل عليها حبه لولده وبنته، ومن ثم لا ينبغي أبدًا أن تغفلي عن هذه الحقيقة، وهي أن فطرة هذا الأب داعية إلى حبه لهذه البنت، وإن كانت مظاهر هذه المحبة قد تكون خافية، وقد لا يُحسن بعض الناس التعامل مع الصغير، فربما كان لعدم فهم زوجك للتربية حسناً وصحيحاً أثره في تعامله مع ابنته، فكثير من الناس يفهم أن الغلظة مع الطفل والشدة هو الأسلوب الأمثل في تربيته لتحسين تصرفاته، فيقصد بذلك ترويعه وتخويفه من بعض التصرفات، وهذا فهم خاطئ لاسيما في هذا السن الذي تعيشه هذه البنت.

من ثم لا نأمل أبدًا أيتها الأخت بأن تفكري في الطلاق والانفصال عن زوجك لهذا السبب، فهو ليس سببًا داعيًا لمثل هذا القرار الكبير، فتفريق الأسرة وكون هذه البنت تعيش بعد ذلك عن والدها في جو أسري غير متلائم، كل هذه الأضرار والمساوئ أعظم مما أنت فيه الآن.

إذن فأملنا أن تصرفي الفكر تمامًا عن هذه الفكرة والتفكير فيها، ويبقى بعد ذلك أيتها الأخت أن تُحسني الظن لزوجك وأن تحملي تصرفاته معك على المحمل الحسن، فإذا اعتذر إليك ينبغي أن تحملي هذا الاعتذار على أحسن المحامل، وأنه فعلاً يعترف بتقصيره بإساءته، وأن تتجنبي إساءة الظن وأنه لا يفعل ذلك إلا لحاجته، فإن الظن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم أكذب الحديث، وقد نهانا الله عز وجل عن إتباع الظنون التي لا تُبنى على شيء، فقال سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم}.

حتى تطيب الحياة بينك وبين زوجك ويعود الود والاحترام ينبغي أن تتأدبي بهذا الأدب القرآني وأن تهتدي بهذا الهدي النبوي العظيم، وهو إحسان الظن وحمل تصرفات زوجك على المحمل الحسن، إذ أنك لم تشقي عن قلبه حقيقة.

اعتذاره أيتها الأخت مهما كانت إساءته شيءٌ ينبغي أن يُشكر عليه ويُحمد عليه، فإن العرب تقول (دية الذنب الاعتذار).

أما عن تصرفاته مع ابنته فالأمر هينٌ سهل، فإنه بحاجة أن يُذكّر أيتها الأخت بأن ضرب الطفل في هذا السن اعتداء عليه وهو ضعيف لا يملك لنفسه قوة ولا حولاً، ولا يستطيع أن يدافع عن نفسه، ومن ثم فالاعتداء عليه بالضرب والإيلام محرم، فينبغي أن تذكريه بأسلوب هادئ، وتتحري أوقات هدوئه لتناقشي معه هذا الأسلوب والسلوك، وأن الظلم ظلمات يوم القيامة، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم كما حذر الله عز وجل في كتابه من الظلم والاعتداء، وظلم الصغير بلا شك أشد من ظلم غيره، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة) أي الصغير والمرأة، فإن الإنسان كلما كان ضعيفًا كان ظلمه والاعتداء عليه أشد قُبحًا عند الله تعالى.

الزوج بحاجة إلى أن يُذكّر بهذه المعاني العظيمة، وأن ضرب البنت والاعتداء عليها بإيلامها ليس هو الأسلوب الصحيح في تربيتها، لاسيما وأنها أنثى، فإن طبيعة البنات الاستجابة للتوجيهات بالكلام والترغيب والترهيب.

حسن جدًّا أيتها الأخت أن تطلعيه على بعض ما كُتب في التربية، وما يقال أيضًا من محاضرات التربويون في كيفية التعامل مع الأطفال وتقويم سلوكهم، فإنه بإذن الله تعالى إذا بصّرته بهذه الحقائق وإذا فهم هذه الحقائق واطلع على هذه القضايا سيتعدل سلوكه مع ابنته.

نسأل الله تعالى أن يصلح حالكم كله، وأن يقر أعينكم بهذه البنت الصغيرة، وأن يديم جمع شملكم.

نشكر لكِ تواصلك مع إسلام ويب، هذا ومن الله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا مريم

    نصيحة لك أختي، إن كان يضرب ابنته منذ كانت رضيعة فلا تنتظري أن يرحمها و هي طفلة أو كبيرة، يجب أن توقفيه عند حده و لو بالتهديد بتركه أو بإبلاغ الشرطة، لأنها صغيرة و لا تستطيع الدفاع عن نفسها و لو تركته يفعل ذلك و لم يتغير مع الوعظ و النصح و التهديد، فإما سيرتكب فيها ما لا تحمد عقباه أو ستكبر حاقدة عليك و عليه و ستبحث خارجا عمن يعوضها عما فقدت من حنان و حماية و لو بالحرام و ما أكثر الذئاب. أنقذي ابنتك و حاولي إبعادها عن كره والدها لها و تربيتها تربية حسنة، و إن كان ذلك سيكلفك جهدا مضاعفا لسد مكانه نوعا ما، و لا تتكلمي عن والدها بسوء أبدا أمامها أو تخبريها أنه يكرهها أو شيء من هذا القبيل، بل أوجدي له الأعذار دائما و أخبريها أنه يحبها و قدمي لها هدايا على أنها منه. عوضك الله و إياها خيرا و جعلها قرة عينك و أصلحها لك يا رب. لا تخافي أختي، إن الله معك إن كان ما قلت صحيحا.
    أتكلم عن تجربة مماثلة، لكنني انصعت لنصائح الصبر و التوجيه و النصح حتى حصل ما لا يحمد عقباه ...

  • أمريكا مسلم

    مع كل احترامي لما قاله الشيخ الموقر، لكن الحل الذي طرحه لا يمت للواقع بصلة. و كأن كل الرجال تسمع للنصح و الأشرطة و الكتب الدينية! لو كان الاعتداء يحصل على شخص كبير لقلنا هذا الكلام، لكنها طفلة، و هذا الآدمي لم يرحم صغر حجمها أو ضعفها، و يضربها و هي رضيعة؟؟؟ بالله عليكم حتى الحيوانات لا تعذب صغارها! هذا الشخص مريض نفسيا و يجب أن يعالج! من ليس لديه رحمة بفلذة كبده لا يترجي منه خير، و هل تتوقعون أن مختلا كهذا سيجدي معه نصح أو ترهيب أو ترغيب؟ أمثال هذا الشخص مكانه السجن أو المستشفى. و ما ذنب الطفلة لتتحمل همجية و ضرب من يسمى والدا لها؟ لعله كرهها لأنها ولدت أنثى. و العجيب أن الأم لا تزال تسأل هل تتركه أو تطلب الطلاق، و الأعجب هو قول الشيخ "لا تتخذي قرارا كبيرا أي الطلاق من أجل أمر هين و سهل" الذي هو الاعتداء على الطفلة. و الله أنا أرى أن الهين هو الطلاق و الكبير هو ضرب البنت بقسوة! يا أختي خذي ابنتك و اطلبي الطلاق و ارحلي، فقد جربت النصح و حتى التهديد، و كل مرة يعيد الكرة، فماذا تنتظرين مثلا؟ معجزة؟ زمن المعجزات ولى! و الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. لا تقفي مكتوفة الأيدي سلبية تتفرجين عليه يعذب ابنتك، ستحقد عليه و عليك أيضاً لأنك لم تحمها منه. لا تكوني امرأة ضعيفة، ابنتك بحاجة لحمايتك فلا تخذليها، يكفي أنها خذلت في أبيها.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً