الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل المحادثة مع الشباب عبر النت بقصد تقوية اللغة فقط أمر خاطئ؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة وبركاته..

بداية أود أن أشكركم على هذا الموقع الرائع، وجزاكم الله خيراً.

أنا طالبة جامعية، عمري 21 سنة، ملتزمة -ولله الحمد- ولم يسبق لي أن كلمت شابا على الهاتف، ولم أقم أي علاقة مع شاب، أصلا أنا لا أحب ذلك، وأخاف ربي قبل كل شيء، لكنني في الفترة الأخيرة قمت بالاشتراك في مواقع التعارف مثل الفيس بوك و wayn وهدفي التعرف على فتيات أستطيع من خلالهن تقوية لغتي الإنجليزية، ولكن بعض الشباب قاموا بإرسال طلب إضافاتي، وأنا وافقت على أساس أنه لا أحد يعرفني، وأتحدث بالإنجليزية معهم، فهل ما أقوم به خاطئ؟ أقصد هل محادثة الشباب على الإنترنت أمر خاطئ؟

مع العلم أني لا أخبرهم عن اسمي الحقيقي، ولا أي معلومات شخصية، وهم يرسلون إليّ أرقام هواتفهم وإيميلاتهم ولا أهتم لها أبدا.

أرجوكم أفيدوني، لأني أشعر بعدم الراحة عندما أحادثهم، ولكن أكلمهم بهدف تقوية إنجليزيتي لا أكثر.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يزيدك فضلاً وعفة وحياءً وإيمانًا وثباتًا، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.

بخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة-: فإنه مما لا شك فيه أن الشبكة العنكبوتية المعروفة بالإنترنت فيها فوائد كثيرة، وأن خيرها أكثر من شرها، إذا كان الإنسان على بصيرة بمحتوياتها، وإذا كانت لديه القدرة على التحكم في نفسه وصيانتها من أن تضعف أمام الإغراءات المتوافرة فيها، والتواصل أو الجانب الاجتماعي في الإنترنت جانب موسع، والعلاقات فيها تتسع وتتمدد، وهناك فعلاً مواقع رائعة للأخوات المسلمات يقمن من خلالها بدعوة غيرهنَّ من الفتيات، كما أن هناك المواقع العامة كما ذكرت أنت فيما يعرف بالفيسبوك أو غيره، وهناك كم كبير حقيقة من الحوار يدور ما بين الفتية والفتيات والشباب والشابات، لكن الأمر الذي يُزعج حقيقة أنه إن كانت البدايات حسنة، وإن كانت النية صادقة، وإن كان الهدف مشروعًا، إلا أن تواصل الشباب مع الشابات غالبًا ما يبدأ بطريقة حسنة ومشروعة من حيث نوعية الكلام، ولكنه لا يلبث أن يتحول إلى أشياء لا تُرضي الله سبحانه وتعالى، وقد يُفسد على الناس دينهم وأخلاقهم، وذلك لأن الذي تتحدثين معه لا تعرفين عنه شيئًا.

كما أنك الآن تقولين أنك لم تخبريهم باسمك الحقيقي، ولا أي معلومات عنك، فكل واحد يحرص على أن يُخرج أفضل ما لديه أو يتزين به وإن لم يكن فيه، فمثلاً إذا وجد عمرك مثلاً – تقولين سني مثلاً واحد وعشرون سنة – يقول أنا سني ثلاث وعشرون، يعني قريب منك في السن، ثم بعد ذلك يبدأ يتجمل لك ورويدًا رويدًا يحدث نوع من الاستلطاف ونوع من الراحة في التحدث مع هؤلاء الشباب، ثم لا تلبث الفتاة إلا أن تجد نفسها وقد تعلقت بواحد من هؤلاء، وأصبحت تنتظره وينتظرها، وإذا لم يتصل فإنها تحزن لعدم اتصاله وتظل تنتظره ساعات طوال، وبذلك تضيع زهرة عمرها وشبابها في أشياء أصبحت غير مشروعة.

من هنا فإني أقول لك ابنتي الكريمة الفاضلة: إذا كنت تستعملين هذا الجهاز مع أخواتك الفتيات فقط والنساء فلا مانع من ذلك، شريطة أن يكون لهدف كما ذكرت تقوية لغتك الإنجليزية إن كان ذلك ممكنًا، أو الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، أو طلب العلم الشرعي الذي قد يتوفر في هذه الوسيلة بسهولة أكثر من غيرها خاصة للفتيات.

أما الكلام مع الشباب حتى وإن كانوا صالحين فأرى أنه شرٌ يترتب عليه شرور عظيمة وكثيرة، وانحراف أخلاقي وسلوكي، فإني أسمع من الشباب أن هناك علاقات محرمة تقع من خلال هذا التواصل الاجتماعي، وأن هناك أشياء تقولها الفتاة لمن تتحدث معه، لا يمكن أن تقولها في الواقع، إلا أنها بذلك تكون قد كسرت حاجز الحياء لديها، فهي مثلاً لا تتكلم الكلام الخاص هذا مطلقًا في حياتها، تجدها تتكلم بحرية لأنه لا يعلم أحد من هي ولا يعرف من هي، ولا يعرف اسمها الحقيقي، وبذلك تتجرأ على الكلام الفاحش والبذيء والساقط، وقد يحدث هناك ما يعرف بالعلاقات الجنسية المحرمة من خلال الكلام وتزيينه، وكذلك أيضًا بعض الصور التي قد تُضاف والأفلام التي قد يُضيفها البعض أو يُرسلها للطرف الآخر، فأرى أن هذه كلها شرور سوف تترتب على التواصل الذي كان في أوله يقوم على هدف سامٍ، إلا أنه ما يلبث أن يتحول إلى شيء محرم شرعًا.

بناء على ذلك فإني أقول يا بنيتي – إذا كان ولابد فلا مانع من التواصل فقط مع الفتيات والنساء، وإن كنت أيضًا أتحرز وأتحفظ على التواصل مع الفتيات، لأنه مع الأسف الشديد يُخبرني بعض الإخوة أن هناك شباب يتكلمون بأسماء بنات ويدخلون المواقع هذه بأسماء فتيات، ويظلون يتكلمون مع الطرف الآخر على أنها بنت تتكلم مع بنت، وقد يكون هي بنت تتكلم مع ولد، وتقيم معه علاقة محرمة في نهاية الأمر.

أقول بارك الله فيك: أنا أفضل حقيقة عدم استعمال الإنترنت في التواصل لا مع الرجال ولا مع النساء، وإن كان ولابد فلا مانع من التواصل من خلال الغرف النظيفة التي يُشارك فيها الأخوات فقط في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، مثل منتدى الحور العين أو غيره من المنتديات الراقية، التي يكون الكلام فيها نقيًا وليس فيه علاقات خاصة موجودة، وإنما يكون الكلام واضحًا وضوح الشمس في كبد السماء نهارًا، والأطراف تعرف هدفها، ولذلك لا تتجاوز هذا الهدف إلى إقامة أي علاقات شخصية خاصة.

أما ما يتعلق بالتحدث مع الشباب حتى وإن كان الكلام حول الإسلام فأنا أقول هذه بدايات قد يكون في أصلها فيها قدر من الإباحة، ولكنها لا تلبث أن تتحول إلى علاقات محرمة، وليس كل من يدخل إلى هذه الأماكن نيته سليمة، مع وجود حسن الظن أيضًا، لكن فيه شبهة، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يحوم حول الحمى يوشك أن يقع فيه.

لا يخفى عليك أن كلام الفتاة مع الفتى سواء أكان مباشرة بالمواجهة أو كان عبر التواصل من خلال الجوال أو الهاتف أو الإنترنت أو الرسائل النصية، فإنها كلها منضبطة بضوابط شرعية، والأصل عدم جوازها، ولذلك أقول لك لا يستدرجك الشيطان ولا تصدقي كلام أي أحد بأنه يريد الخير، وأنه رجل فاضل وعفيف، وأنه فقط هدفه كهدفك أبدًا، لأن معظم الشباب الذين يدخلون هذه المواقع قد يكون في أول أمرهم حسن النية ولكن لا يلبث الأمر أن يتحول إلى شيء لا يُرضي الله سبحانه وتعالى، إلا من رحم الله تعالى.

أسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً