الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الألم الذي بيدي اليسرى وفي فكي هل هو نفسي أم عضوي؟

السؤال

السلام عليكم.

أولاً: أنا كنت أعاني من ونوبات هلع ووسواس الموت منذ 6 سنوات، ولكنه خف تدريجياً, وأصبح يأتيني كل شهر فترة ويذهب.

يعني عندما أقرأ أن أحدا مات بسكتة يأتيني الوسواس، وأجلس أفكر أني سأموت بنفس الطريقة, يعني مثلا: امرأة ماتت وهي تتوضأ، خفت وصرت أتوضأ بسرعة خوفا من أني أموت مثلها، أو مثلاً شخص مات بتاريخ معين بسكتة، أبقى خائفة إلى أن يمر هذا التاريخ وهكذا.

في هذه الفترة رجع لي هذا الوسواس، والسبب أني ذات مرة كنت جالسة وكان الوقت قريب الفجر، وفكرت لو مت أين سيذهب أولادي؟ وكيف سيحرمون من بيتهم؟ وجلست أبكي، وبعدها أتاني ألم بيدي اليسرى وبفكي، علما بأن الألم الذي بيدي اليسرى معي منذ فترة، ودائما ما يسبب لي وسوسة، ولكن هذه المرة الألم مستمر معي، وهذا الذي أخافني، حتى بالجمعات أفكر بيدي وسبب الألم، حتى بالصلاة وبكل وقت يوترني.

عندما أبحث في النت أجد بعض المواضيع من موقعكم وبعض المواقع تقول أنها ذبحة صدرية، فصرت أخاف بشدة وبالذات أني أخاف من السكتة، وأتأثر بقوة بأي أحد يموت بالطريقة هذه.

عندما كانت تأتيني حالات الهلع سألت أخي عن أعراض السكتة، وقالها لي أي قبل 6 سنوات، وإلى الآن راسخة ببالي، وأي ألم بجهة اليسار يسبب لي توتراً وقلقاً.

ذهبت لدكتور عظام وقال لي: إن سبب الألم خشونة بالطريقة ولكني لست مقتنعة بتشخيصه، وقبل 3 أشهر شعرت بألم بيدي، ولكن بمجرد أن ذهبت للدكتور وقال لي شدي يدك؛ زال الألم حتى أدوية الدكتور لم أستخدمها.

هل الألم الذي بيدي اليسار مع فكي نفسي؟ أم أنه شيء عضوي يجب أن أعالجة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سالي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فالذي أود أن أوضحه لك أن كل الأعراض التي وردت في رسالتك تدل أن حالتك حالة نفسية بسيطة، وتنطبق عليك معايير ما نسميه بقلق المخاوف الوسواسية، وهذه واضحة من مسمّاها، يكون هنالك قلق ويكون هنالك وساوس ويكون هنالك مخاوف، ولا يعني هذا أنه يوجد لديك ثلاثة تشخيصات مختلفة، إنما هو تشخيص واحد ويأتي تحت أمراض القلق وليس أكثر من ذلك.

أحد أعراض القلق الأساسية هو أن نجد أن الإنسان الذي يعاني من مثل هذه الحالات يصعب إقناعه بأن حالته ليست عضوية، وقد ترسخ في عقول الناس ووجدانهم أن أي ألم في الصدر خاصة إذا انتقل إلى الفك أو اليد اليسرى هو دليل على مرض القلب أو أنه سوف يكون عرضة لذبحة قلبية، هذا المفهوم ترسخ؛ لأن الناس معظمهم أصلاُ يعيشون في شيء من عدم الطمأنينة في هذا الزمان، ثانيًا: بالفعل أعراض الذبحة القلبية أو الصدرية يكون فيها ألم في الصدر ولكن يكون ذا طبيعة خاصة، ويكون في اليد اليسرى أو في الفك.

الذي يحدث هو أن القلق يؤدي إلى ما نسميه بالتأثير الإيحائي على الإنسان، والأمور التي توجد في عقله الباطن من خوف حول الموت وحول الذبحة القلبية هذه تؤدي إلى ظهور هذه الأعراض الجسدية، لذا أفضل تفسير للتشخيص لهذه الحالات أن نسميها بحالات النفسوجسدية، أي أن السبب الرئيسي هو سبب نفسي ولكن الأعراض أيضًا قد تأخذ الطابع العضوي وإن لم يوجد أي مرض عضوي أو جسدي، فأرجو أن تطمئني تمامًا أن حالتك حالة نفسية بسيطة.

والعلاج يتمثل في الآتي:

أولاً: اذهبي إلى الطبيب الباطني وقومي بإجراء الفحوصات الطبية اللازمة، وهذه هي القاعدة الجوهرية الصحيحة التي ننطلق منها في مثل هذه الحالات. نحن نستطيع أن نقول إن النتائج إن شاء الله كلها سوف تكون سليمة مائة بالمائة، لكن الإنسان لا يقتنع إذا لم يفحص نفسه، وعليه قومي بالذهاب إلى طبيب الأسرة أو طبيب باطني أو أي طبيب تثقين فيه ليقوم بإجراء هذه الفحوصات العامة، ويقوم بالفحص السريري، ويقوم بإجراء تخطيط للقلب، هذا في حد ذاته سوف يمنع من الإكثار من التردد والتنقل بين الأطباء.

ثانيًا: أريدك أن تراجعي طبيبك مرة واحدة كل ستة أشهر، وذلك من أجل الكشف الصحي الروتيني.

ثالثًا: يجب أن تسعي لتغيير مفاهيمك، فأولاً أنت معترفة أنها وساوس، والوساوس يا أختي الكريمة لا تعني أن الإنسان يعاني من ضعف في شخصيته أو قلة في إيمانه، بل على العكس تمامًا أصحاب الوساوس دائمًا نجدهم من أصحاب القلوب الرحيمة، ومن الطيبين ومن الخيرين، ومن أصحاب القيم الدينية والاجتماعية العالية.

أنت إن شاء الله على خير وفي خير، كل المطلوب منك هو أن تحقري هذه الوساوس، وأن لا تسترسلي معها في أي نوع من الحوار، أوقفي الفكر بصده، وبرفضه وبلفظه، وبأن تعرفي أن هذه وساوس.

رابعًا: أنت بفضل الله تعالى لديك إيجابيات كثيرة في حياتك، لديك الأسرة، لديك الذرية، هذه أشياء عظيمة في الحياة، فيجب أن تتخلصي من التفكير السلبي من خلال إسقاط الأمور الإيجابية على كيانك ووجدانك، وسوف تنتقلي إن شاء الله تعالى لواقع جديد.

خامسًا: أنا أرى أنك في حاجة لعلاج دوائي مضاد للقلق والمخاوف والوساوس، وهنالك أدوية كثيرة ومعظمها معروفة لدى الأطباء حتى غير النفسانيين.

من أفضل الأدوية التي سوف تفيدك العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس) واسمه العلمي هو (استالوبرام) يمكن تناول هذا الدواء بجرعة خمسة مليجراما – أي نصف حبة – ليلاً، تناوليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ارفعيها إلى حبة كاملة (عشرة مليجراما) وهذه تعتبر جرعة صغيرة أيضًا، لكنها الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك، فأنت لست في حاجة لجرعة أكبر، تناولي هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضيها إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

وهنالك علاج آخر إضافي وليس أساسيًا لكنه مفيد يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول) واسمه العلمي هو (فلوبنتكسول) أريدك أن تتناوليه بجرعة نصف مليجراما – أي حبة واحدة – تناوليها ليلاً مع السبرالكس لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناول هذا الدواء واستمري على السبرالكس كما أوضحت لك.

أسأل الله لك العافية والشفاء، واعرفي أن الموت لا يزيد في عمر الإنسان ثانية ولا ينقصها مثل ذلك، وأنت في حرز الله وفي حفظه، قال تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً