الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من التنميل بالأطراف عند الانفعال... فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ فترة أصبحت عندما أنفعل وأغضب وأبكي كثيرا يحصل معي تنميل (خدر) بالأطراف والوجه (خاصة حول الفم)، حصل هذا معي مرتين؛ حيث أنني في المرة الأولى (منذ ما يقارب أربعة أشهر) كنت منفعلة كثيرا (حزينة وغاضبة) وأبكي، أحسست بتنميل (خدر) حول فمي، ومن ثم أطرافي، ولم أستطع حتى تحريك أصابع يدي أو قدمي، وفي المرة الثانية (البارحة) أحسست بتنميل في أذني، إضافة لأطرافي، مع أنني كنت قادرة على تحريكها، وصاحب ذلك صداع شديد، وبقيت أبكي بصوت عالي حتى تعبت وخلدت إلى النوم.

منذ ذلك الوقت أصبحت أحيانا قليلة أشعر برعشة أو تنميل خفيف حول فمي عندما أكون غاضبة أو منفعلة بدون الأعراض الأخرى.

أتمنى أن تفيدوني؛ حيث أن هذا الأمر سبّب لي القلق والخوف فأنا لم يحدث معي هذا الأمر من قبل، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الانفعال الشديد وكذلك الغضب هي مسارات نفسية خاطئة للتعبير عما بداخل النفس، لكن حقيقة ليس في كل المواقف يستطيع الإنسان أن يتحكم في غضبه وفي انفعاله، بمعنى أن الغضب والانفعال بالرغم من أنها ظواهر إرادية لدرجة كبيرة لكن كثيرًا ما يفقد الإنسان مساره، لذا يبدأ لديه نوبات القلق وفورات الانفعال الشديدة، وهذه تكون مصحوبة بأعراض جسدية في معظم الأحيان، وهذه الأعراض الجسدية سببها أن الجهاز السمبثاوي يتأثر جدًّا في الجسم ويزداد إفراز مادة الأدرانين، وهذه تؤدي إلى أعراض جسدية مثل التنميل والخدر، وتجد أن الإنسان يتملكه الغضب للدرجة التي لا أقول يذهب عقله تمامًا لكن قطعًا حكمه على الأمور قد يختل بدرجة واضحة جدًّا، لذا يجب أن يكون الإنسان حريصًا أن لا يغضب، أن لا ينفعل، لا نقول أن لا يغضب أو لا ينفعل على الإطلاق، لأن هذا مخالف لسنن الحياة وللطبيعة البشرية، والغضب هو عاطفة إنسانية وكذلك الانفعال هو عاطفة إنسانية، لكن المهم الكيفية التي نعبر بها عن غضبنا، الكيفية التي ندير بها غضبنا وانفعالاتنا، هذا مهم جدًّا، لذا نجد في السنة النبوية المطهرة أن الإنسان إذا غضب إذا استشعر العلامات الأولى للغضب يجب أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، يجيب أن يغير من مكانه، يجب أن يغير من وضعه، فإذا كان جالسًا فليقف، وإذا كان واقفًا فليجلس، ويجب أن يشد من انتباهه بطريقة مخالفة جدًّا، وذلك بأن يتفل ثلاثًا على شقه الأيسر، هذا العلاج مجرب وهذا العلاج مفيد جدًّا، ولو استصحبه الإنسان بالوضوء وركعتين والاستغفار هذا أيضًا مفيد، هذا جانب.

الجانب الآخر: أنا أريدك أن تعبري عما بداخلك، هذا مهم جدًّا، الانفعالات ربما تتراكم لدى الإنسان، وهذه التراكمات تأخذ المسار السلبي وتظهر في شكل فورات ونوبات غضب وانفعال كما ذكرنا، فإذن الإنسان يجب أن يعبر عما بداخله أولاً بأول خاصة في الأمور التي لا ترضيه، التعبير عما بداخل الذات مهم ومهم جدًّا.

وكثيرًا ما تواجهنا في الحياة مواقف صعبة قد يصعب الإنسان تحملها، ولكن الصبر مطلوب، وفي هذه المواقف أيضًا من المطلوب أن يعبر الإنسان عن وجهة نظره في حدود الأدب والذوق، وهذا نسميه بالتفريغ النفسي أو التنفيس النفسي، وهذا يقلل كثيرًا من الانفعال والغضب.

أن يتذكر الإنسان ما هو إيجابي في حياته، هذا أيضًا يقلل من التفاعلات السلبية، يجب أن تبدل أيضًا منظومتك المعرفية النفسية الداخلية، وذلك من خلال أن تتصوري أنت أنك قد انفعلت وغضبت في وجه شخص آخر، لا شك أن ذلك سوف يؤثر عليه ولن يكون أمرًا محمودًا، فما بال هذا الأمر إذا وقع منك على الآخرين؟! .. أعتقد أن هذا منطق سليم جدًّا، فما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك، ويمكنك حتى أن تعيشي في خيالك هذه المواقف، أي إذا غضب عليك أحد الناس وانفعل وبدأ يصرخ ويشتم وهكذا، فما هو ردة فعلك؟ قطعًا ردة فعلك سيكون أيضًا في غضب وانفعال وهكذا، فالأمر إن شاء الله تعالى من خلال هذه التصورات والتمرينات ينقضي تمامًا.

أنصحك بأن تطبقي تمارين الاسترخاء، خاصة بالنسبة لهذه الأعراض النفسية والجسدية وهي التنميل والخدر والصداع الشديد، هذه كلها أعراض جسدية لكن منشأها نفسي، وممارسة تمارين الاسترخاء يفيد جدًّا، ولتطبيقها أرجو أن تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية إجراء هذه التمارين بصورة جيدة، وهنالك طريقة جيدة تعرف بطريقة جاكبسون، طريقة بسيطة وذات فائدة ممتازة جدًّا.

ممارسة أي تمارين رياضية تناسبك أيضًا هذا سوف يكون فيه فائدة كبيرة إن شاء الله تعالى، تذكر ما هو إيجابي دائمًا يفيد الناس في حياتهم.

بقي أن أنصحك بتناول دواء بسيط، معالج للقلق والتوترات والانفعالات السالبة، الدواء من الأدوية القديمة لكنه ذو فعالية كبيرة، ويعرف باسم (تفرانيل) واسمه العلمي هو (إمبرامين) أرجو أن تتناوليه بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا، تناوليها يوميًا ليلاً بعد الأكل، واستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر واحد ثم توقفي عن تناولها.

وهنالك أدوية أخرى كثيرة جدًّا، لكن التفرانيل دواء بسيط وفاعل وغير إدماني وغير تعودي، له أثر جانبي قد يحدث وهو أنه ربما يسبب جفافا في الحلق في الأيام الأولى للعلاج، لكن هذا يختفي بالاستمرار في العلاج.

جزاك الله خيرًا، وبارك الله فيك، ونسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا Asmaa

    شكرا لك يا دكتور على كل النصائح القيمة

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً