الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أجريت لي عملية قيصرية تركت آثارا,... فهل أتخذ إجراءات تجاه ذلك؟

السؤال

السلام عليكم

قمت بإجراء عملية قيصرية حديثا منذ 20 يوما, وما زلت أشعر بالتعب, واكتشفت أن الدكتورة قد أجرت جرحا آخر غير الأول, مع العلم بأنه يجب فتح نفس الجرح السابق, وهذا شيء غريب, وكنت قد أجريت في المرة الأولى القيصرية التجميلية -أي بدون أي قطب, ولا تترك أي أثر سوى خط رفيع لا يظهر -وكنت قد اتفقت مع الدكتورة أن يكون الجرح كالجرح الأول دون قطب, فأخبرتني أن العملية تجرى بالليزر، وأن القطب لم تعد تستعمل, وفوجئت بأن العملية بالقطب وليس تجميلية، وتركت آثارا كبيرة.

سؤالي: هل يمكنني تقديم شكوى قانونية ضد هذه الدكتورة, فأنا منزعجة جدا مما قامت به.

أرجو الرد بسرعة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عمار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله على سلامتك, ونسأله عز وجل أن يديم عليك وعلى طفلك موفور الصحة والعافية.

أحب أن أوضح لك -يا عزيزتي- بأن العملية القيصرية الثانية غالبا ما تكون أصعب من الأولى, وهذا ينعكس بشكل مؤكد على منظر الجرح الخارجي.

بعد العملية الأولى لا تعود الأنسجة تحت الجلد ولا العضلات في البطن كما كانت عليه, وحتى عضلة الرحم تصبح أرق, ومتليفة في منطقة القيصرية الأولى, وكل طبقات الجرح قد تحتاج إلى وضع غرز أكثر وأعمق للحصول على ندبة متينة لا تتمزق في الحمول القادمة -لا قدر الله- .

كقاعدة طبية جراحية: عندما تتكرر الجراحة في نفس المكان-وهذا ما يحدث في العملية القيصرية- يصعب للأنسجة أن تشفى بنفس الطريقة التي حدثت في المرة الأولى, ولذلك قد يضطر الطبيب أو الطبيبة أن يستأصل جزءا من الأنسجة القديمة المتليفة, والتي ستعيق الاندمال إن بقيت؛ ليحصل على حواف للجرح نشطة وفعالة, تسمح بالتئام الجرح بشكل قوي, ويبدو بأن هذا ما حدث مع الطبيبة حيث إنها اضطرت لقص بعض الأنسجة المتليفة من الندبة القديمة في الجلد, والتي قد يكون منظرها طبيعيا ظاهريا, لكنها لا تصلح للالتئام, وقامت بتقريب الحواف, وفي هذه الحالة قد لا تتمكن من تقريب حواف الجرح إلا عن طريق وضع الغرز الخارجية.

إذن -يا عزيزتي- لا أعتقد بأن شكل الجرح كان نقصا في كفاءة الطبيبة في عمل الجراحة, ولكنها أرادت أن تضمن اندمال الجرح بشكل قوي؛ لأن الغرز التي توضع تحت الجلد إن كانت الأنسجة فيه متليفة أو كانت مشدودة قد تتعرض للتمزق بسرعة, وبالتالي إلى حدوث الالتهاب, فيتم هنا اللجوء إلى الغرز الخارجية.

كقاعدة طبية أخرى هامة أقول: بأنه يجب أن يتم الاستغناء عن الناحية الجمالية إن كان على حساب قوة واندمال الجرح.

بالطبع عند إجراء الخياطة في أي جرح, وفي أي مكان من الجسم, تتم الموازنة بين ما هو أفضل لصحة المريضة, فلا يجوز التضحية بالحالة الصحية على حساب الناحية الجمالية أبدا؛ لأن أي تمزق في الجرح قد يؤدي إلى حدوث التهاب, وتأخر في اندمال الجرح, وربما خراجة, أو أكثر من ذلك, لا قدر الله.

أعتقد بأن خطأ الطبيبة كان في أنها أكدت لك بأن الخياطة ستكون تجميلية, وهذا خطأ بالطبع, وكان عليها أن تقول لك بأن الخياطة قد تكون تجميلية, وقد لا تكون, حسب وضع الأنسجة عندك, وهذا يتم تحديده خلال العملية فقط، وحتى شكل الشق الجراحي قد نضطر أحيانا إلى تغييره خلال العملية.

في بعض العمليات القيصرية مثلا, وبعد أن يتم عمل جرح العملية بشكل معترض, نجد أنفسنا مضطرين إلى عمل شق آخر عمودي وطويل في جدار البطن, بالإضافة إلى الشق الأول, وذلك لأمر طارئ, أو للحاجة إليه لإنقاذ الطفل, أو لصعوبة الوصول إلى الرحم إن وجدت التصاقات في البطن مثلا.

إن جرح القيصرية الخارجي لا يعكس حالة الأنسجة من الداخل, ففي كثير من الأحيان تكون العملية تجميلية, وبدون آثار خارجية, لكن تكون هنالك التصاقات شديدة في الداخل تمنع الوصول إلى الرحم من المكان المعتاد في العملية الثانية.

قصدت من كلامي أن أوضح لك, وأهون عليك, وأن أجعلك في الصورة العملية الحقيقة للوضع, فالعملية القيصرية هي بالأساس عملية ولادة, تهمنا فيها صحة الأم أولا, وصحة الجنين ثانيا, ونحاول عملها بطريقة تترك أخف ما يمكن من الآثار, لكن ليس على حساب صحة الأم, أو قوة الجرح الذي يعتبر من صحة الأم, ويعتبر جزءا هاما من نجاح العملية.

احمدي الله على سلامتك وعلى سلامة طفلك, وهذا هو الأساس, وحتى لو شعرت بأن الطبيبة كان بإمكانها فعل ما هو أفضل, فتذكري دوما بأن الطبيب أو الطبيبة يتمنى لمريضه دوما الأفضل, ولا يقصد إيذاءه أبدا, وتذكري بأن ديننا الحنيف, ورسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم قد علمنا صفة التسامح, وحسن الظن في الناس, وأظن -بل وأنا متأكدة- من أنك تتحلين بهذه الصفات الجميلة.

أسأل الله عز وجل أن يديم عليك وعلى طفلك ثوب الصحة والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق جبار عكين

    معلومات جيدة وهامة ...

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً