الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي ليس قيما على البيت مما أوقعنا في مشاكل..... فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع, وعلى جهودكم فيه.

أريد أن أستشيركم عن حالي, وأنا والله لم أخبر به أحدا قبل هذا, ولم أعرض مشكلتي قبيل هذه الشكوى, إنما عرضتها للبحث لها عن حل خلال استشارتكم, مشكلتي هي:

أنا فتاة ملتزمة, من أسرة متوسطة التدين, عندها بعض المحاذير الشرعية, وأنا أرى أن أساس ذلك هو أبي؛ لأن أساس البيت هو الزوج -أي الأب- لأنه قضبان البيت -كما يقال- فهو –للأسف- ليس الذي يقود البيت من أي جهة من الجهات, ولا يتحمل أي مسئولية, لا يمسك مصروف البيت, ولا يراعي مستوى أولاده من الناحية الدينية, ولا التعليمية, ولا الصحية, ولا النفسية, ولا حتى زوجته, أرى أنه إنسان يعيش لنفسه فقط, يأكل ولا يسأل هل أبناؤه وزوجته أكلوا أم لا؟ ماذا فعل أبناؤه في الامتحان؟

حتى أنه لا توجد عنده استقلالية, فهو يعتمد على غيره في أموره الشخصية, حتى أني رأيته مرة يستأذن أمي للذهاب للنوم, كما أرى أن أمي هي المسئولة المسئولية التامة عن البيت, وهي كارهة لذلك, حتى أنها أصيبت بمرض القلب, ثم الضغط, إلى جانب بعض الأمراض البسيطة, والغريب أن أبي أكبر إخوته, وأنه مر على زواجه أكثر من ثلاثين سنة, ولكن دون جدوى, ما عليه إلا أن يعمل ثم يضع المال لأمي لتتصرف فيه في أمور البيت, حتى أنه لا يتخلى عن مبدأ الاتكالية, فإن غابت أمي عن البيت لظرف أراه يمسك أحدا مسئولية البيت دونه, حتى وإن كان أصغر أبنائه, لا أدري ما فكرته في ذلك؟! كما أنه سريع الغضب, ولا يقبل الأعذار, كما أنه يتأثر بكلام من حوله جدا, وبدون تفكير ينفذه, وإن لم يكن في صالحه ولا صالح أسرته, كما أنني لاحظت أنه لا يوجد عنده صديق, بل هم زملاء عمل, زملاء دراسة, تنتهي العلاقة بانتهاء وقتها, كما أنه حريص كل الحرص على اقتناء الأشياء البسيطة التي لا قيمة لها, مثل: علب الحلوى الفارغة, وغيرها, ولا أدري ما سبب هذا؟! وهذا الأسلوب نتج عنه أنه لم يكن له قرار في البيت, حتى ولو كان الأمر بسيطا, إن استأذنته مثلا للذهاب إلى صديقتي يقول اسألي أمك, فما بالكم بالأمور الجليلة كأمور الزواج, وغيرها!

وفي زواج أخي أو أختي كان حضوره مثل المدعوين, بل إن من المدعوين من كان له دور أكثر منه, وفي قسيمة زواج أخي وأختي لم يكن دوره إلا الكتابة فقط, وهذا ما يؤلمني؛ حيث إنني أريد أبي مثل الآباء الآخرين, حنونا, يحتوي أبناءه, يخاف عليهم من الفتن في الدنيا, ومن النار يوم القيامة, حريصا على مستقبلهم, مهتما بمشاكلهم, وكم سأكون حزينة -وأنا في عمر الزواج- إذا تقدم خاطب وسأل عني وعن أسرتي ووجد أبي بهذه الصورة, فما موقفه إذن؟!
هل سيرضى أن يتمم الزواج أم سيخاف أن يكون مصيره مثل أبي؟!

وأنا والله غير مقتنعة أن تكون المرأة هي القيمة على البيت بدلا من الرجل, وما موقفي إذا عرف هذا الأمر عن أبي في فترة الخطوبة؟ّ كيف أوصل له وجهة نظري دون تجريح من الأهل؟! خاصة أن فترة الخطوبة لابد أن يكون المحارم بيننا.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنرحب بك أولا -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب, ونسأل الله أن يبارك فيك, وأن يحفظك من كل مكروه, وبخصوص ما سألت عنه فإننا بداية متفهمون ما تشعرين به من ألم, وما تعانينه نفسيا من وضع غير مستقيم تماما مع الهدف المأمول لكل فتاة، ولكن -يا أختنا- مع كل ما مضى لنا عتاب عليك, لقد ذكرت في والدك مثالبه, ولا أدري هل تناسيت محاسنه؟! وكم ضحى؟ وكم بذل من أجل إقامة هذا البيت؟ إن لكل والد جانبا خفيا لا يعلمه الأبناء: إما بحكم عدم القدرة على الاستيعاب -وهذا يكون في السنين الأولى- أو يكون بعدم الإحاطة بكل المعاناة التي يعانيها الأب، والدك الآن صار رجلا كبيرا تصيبه -ولا شك- بعض الآلام والأمراض, وربما لا تشعرون أنتم إلا ببعضها، وكان الأولى أن نذكر ما أحسن فيه الوالد, وهو كثير, وبعض ما يؤخذ عليه مما قد ذكرت بجوار الأبوة وما يفعله شيء قليل.

لقد ذكرت -أيتها الفاضلة- أن مما يؤلمك أنه إذا تقدم شاب وعلم أن والدك ليس قيم البيت كيف يكون حالك؟ وهذا تخوف ليس في محله -أيتها الفاضلة- فإن الزواج السليم هو ما توافر فيه الدين الخلق، والاختيار عادة يكون الجانب الأهم فيه هو صفات المرأة وخلقها ودينها، والزوج المتقدم لا يبني حياته على سلبيات موجودة في بيته, أو بيت زوجه, بل يبني حياته على ما ترجح عنده من طرق وآليات يستقيم بها بيته، فلا تشغلي بالك بمثل هذا الأمر بقدر ما تشغلي بالك بالدعاء إلى الله أن يرزقك شابا تقيا نقيا يتقي الله فيك.

كما أرجو منكم -أيتها الفاضلة- أن تعينوا أباكم, فالرجل من خلال وصفك مقبل على الستين من عمره, إن لم يكن قد تجاوزها, وهو يحتاج منكم إلى رعاية وعناية، ابدؤوا أنتم بالتقرب منه, وأخذ رأيه واستشارته، أبدؤوا أنتم بما عجز عن فعله، كوني له وإخوانك عونا على طاعة ربه، اجلسي مع إخوانك وعوضا عن أن تتذاكروا الأمور السلبية تحدثوا في إيجابياته.

وختاما الأمور تسير بقدر الله, فلا تنشغلي انشغالا كاملا بما قد يحدث من جراء بعض الأخطاء الموجودة, بل اجتهدي -أيتها الفاضلة- أن توثقي علاقتك بالله عز وجل, وأن تكثري الدعاء أن يصلح الله بيتكم, وأن يحفظ أباكم, وأن يشفي والدتكم، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان, وأن يرضيك به, إنه ولي ذلك والقادر عليه، ونحن في إسلام ويب سعداء بتواصلك معنا, وننتظر المزيد من رسائلك واستفساراتك, والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً