الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابتليت بشدة الغضب والذي أدى بي إلى ارتفاع ضغط الدم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابتليت بشدة الغضب عندما يدور الحديث عن مواضيع معينة، وكنت عندما أغضب ينشف ريقي، وتبرد أطرافي، قبل قرابة أسبوع غضبت غضبة شديدة من أحد إخوتي، ثم كما هو طبيعي زادت نبضات القلب، ولكن بعد ذلك صرت أشعر بشيء في صدري، وبدرجة أكبر في الجهة التي يميل إليها القلب، وصارت تأتيني نوبات صداع، وبالأمس زادت نبضات قلبي، ومع تزايدها زاد الصداع، حتى إني شعرت أني سأفقد الوعي، لكن ذلك لم يحصل، ثم ذهبت إلى المستشفى وقاسوا الضغط فوجدوه (150/90) وأجروا لي تخطيطا، وقالوا لي إن النتيجة طيبة.

أنا أشعر بارتفاع ضغط الدم، بمعنى أني أحس بالنبض، وخصوصا إذا استلقيت على الفراش، وقد كنت من قبل لا أحس به إلا إذا وضعت يدي على صدري، وأيضا لدي برودة وتنمل (خدر) في الأطراف.

أشيروا علي، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هوّن على نفسك، فإن الحالة الانفعالية الشديدة التي دخلت فيها هي التي جعلتك تستشعر وتحس بالنبض، ونتج عن هذه الحالة انشدادات عضلية ظهرت في شكل صداع وألم في الصدر، جعلك تظن أنه قد لحق بقلبك مكروه، والبرودة والتنميل وخدر الأطراف هي أيضًا من سمات القلق الانفعالي.

حالتك مفسّرة جدًّا ونشاهدها كثيرًا، لذا نقول لك لا تغضب، وتذكر أيها الفاضل الكريم أنه (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب) كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، يعني ذلك أن القوي ليس قوي الجسد ويصرع الناس، إنما القوي هو الذي يملك نفسه ويتحكم فيها عند الغضب، ويكون ذلك بأن نعرف كيف ندير الغضب وندير انفعالاتنا.

الغضب هو تفاعل إنساني طبيعي لابد أن يحدث، فلا يوجد أحد لا يغضب، لكن المهم هو كيفية إدارة الغضب: الإنسان حين يغضب يستغفر الله تعالى، يتوضأ، يغيّر مكانه ويغير وضعه، ويتفل ثلاثًا بجانب شقه الأيسر، ويستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، هذا أخي الكريم يصرف الانتباه تمامًا عن الغضب، ويخفض موجاته ولا شك في ذلك.

من الضروري أيضًا أن تتجنب الانفعالات السلبية من خلال التعبير عن الذات، التفريغ النفسي، والذي نقصد به أن يعبر الإنسان عما بداخله أولاً بأول ولا يحتقن، هذا يساعد الناس كثيرًا في أن تغلب المشاعر الاسترخائية على مشاعر التوتر والانفعال.

بالنسبة لضغط الدم: هنالك من يتحدث عن ما يسمى بضغط الدم العصبي، أي أن الإنسان حين الانفعالات يزداد لديه إفراز مادة الأدرنالين، وهذا قد يؤدي إلى ارتفاع في الضغط، وهذه حقيقة لا نستطيع أن ننكرها، لكن إذا تكرر ارتفاع الضغط هذا فمن الضروري جدًّا مقابلة طبيب الأمراض الباطنية، لأن هذا قد يكون مؤشرًا بوجود ارتفاع فعلي في ضغط الدم، وليس فقط مرتبطًا بالانفعالات ونوبات الغضب والتوتر.

الذي أنصحك به هو أن تراقب موضوع ضغط الدم، وحاول أن تمارس الرياضة، خاصة رياضة المشي، وأن تتدرب على تمارين الاسترخاء، لأن هذه أيضًا مفيدة جدًّا، ولتعلمها يمكنك أن تتحصل على كتيب أو شريط أو تتصفح أحد المواقع على الإنترنت.

بقي أن أصف لك دواء مضادًا للقلق والتوتر، الدواء بسيط جدًّا يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول)، ويعرف علميًا باسم (فلوبنتكسول)، هو لا يحتاج لوصفة طبية، والجرعة التي تبدأ بها هي حبة واحدة يوميًا، وقوة الحبة هي نصف مليجرام، تناولها لأربعة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة صباحًا وحبة مساءً لمدة شهر، ثم حبة واحدة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

باتباعك -إن شاء الله تعالى- لهذه الإرشادات سوف تجد أن الحالة التي أنت بها تبدلت وأصبحتَ أكثر استرخاءً وارتياحًا بإذن الله تعالى.

لابد أخي الكريم أن تتدرب على كيفية التفريغ النفسي، وطبق ما ورد في السنة المطهرة فيما يخص إدارة الغضب، واستثمر وقتك بصورة جيدة، فأنت طالب ماجستير، وأمامك الكثير الذي يمكن أن تقوم به، واغتنم خمسًا قبل خمس، فأرجو أن توجه طاقاتك نحو الإنجازات والإضافات الإيجابية وليست الانفعالات.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً