الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية يقلل من ذكاء ابني؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد أصيب ابني، وعمره لم يتجاوز الثامنة عشرة؛ نظرا لإدمانه على استعمال الكمبيوتر يوميا، بمعدل7 ساعات في اليوم، وهذا انعكس على جهازه العصبي، وأصبح لا ينام بانتظام؛ مما سبب له أرقا لمدة زمنية، ثم أصبح يعاني من المرض الذي يلقب (trouble bipolaire) في سبتمبر الماضي، وقد بدأت في علاجه عند الطبيب، ومنح له الدواء (Tegretol Abilify)، وبدأت حالته بالتحسن، ورجع لمزاولة دراسته.

هل هذا المرض يقلل من ذكائه؟
هل يستمر مدى الحياة بتناول الدواء؟
ابني يصلي، ومجتهد في دراسته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأتفق معك أن التعاطي مع الكمبيوتر أصبح يمثل مشكلة كبيرة، ونعرف أنه في عام 1994م، وصفت الطبيبة الأمريكية (كمبرلي يونج) حالة مرضية إدمانية هي إدمان الإنترنت، والمعايير التي وضعتها كانت معايير دقيقة جدًّا، وهي الآن يُستفاد منها في التشخيص: هل هذا من إدمان الإنترنت أم لا؟

ومن المتفق عليه أن أي شخص يتعاطى مع الإنترنت أكثر من ثمانية وثلاثين ساعة في الأسبوع ربما يعاني من إدمان الإنترنت.

بالنسبة لابنك الفاضل: حالة الأرق التي أتته -لا شك- أن الإجهاد النفسي قد كان سببًا في ذلك، ربما يكون انغماسه المتواصل مع الكمبيوتر ساهم في ذلك، لكن التشخيص الذي ذكرته، وهو ما يسمى بالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، هذه العلة في كثير من الأحيان قد لا تكون مرتبطة بمسبب مباشر، وقد تلعب العوامل الوراثية سببًا رئيسيًا، وفي بعض الأحيان لا نجد أي مسبب.

الأدوية التي أُعطيت لابنك وهي: (التجراتول)، و(الإبليفاي) هي من أفضل الأدوية المثبتة للمزاج، والتي تعالج الحالة التي يعاني منها ابنك، وأنا أطمئنك أن هذه الأدوية أدوية فاعلة، أدوية سليمة، أدوية ممتازة، ومن الضروري جدًّا أن يتابع ابنك مع الطبيب، وأن يواصل استعمال الدواء.

الذي أؤكده لك أن المرض لا يقلل أبدًا من ذكائه ما دام خاضعا للعلاج، ومتبعا التعليمات الطبية، لكن إذا أتته نوبات مرضية -لا قدر الله- فهذا سوف يشوش كثيرًا تفكيره، ويؤدي إلى إجهاد نفسي، وهذا قطعًا سوف يقلل من مقدراته المعرفية، لكن هذه الانتكاسات غالبًا لا تحدث إلا في حالة إهمال الدواء.

بالنسبة لسؤالك: هل يستمر مدى الحياة بتناول الدواء؟

الإجابة لا، لكن يجب أن يستمر على الأقل لمدة ثلاث سنوات متواصلة، بعد ذلك يمكن أن يقوم الطبيب بالتوقف التدريجي للدواء.

الأبحاث تشير أن ستين بالمائة من الذين يتبعون هذا المنهج العلاجي لا تأتيهم انتكاسات، لكن أربعين بالمائة قد تأتيهم انتكاسات، وفي هذه الحالة يعاد استعمال الدواء مرة أخرى، وتكون مدة العلاج على الأقل خمس سنوات، ويظل الشخص تحت المراقبة الطبية، وإذا أتته نوبة ثالثة لابد أن يواصل العلاج مدى الحياة.

البُشْرَيات طيبة، فهذه الحالات أصبحت تعالج بصورة ممتازة، كن حريصًا، وضع الضمانات الكافية أن ابنك سوف يواصل العلاج؛ لأنه أصيب بهذه الحالة وهو في عمر صغير فلم تكتمل مهاراته حتى الآن، وحدوث نوبات متكررة ليس من مصلحته، فكن حريصًا على تناوله للدواء، وإن شاء الله تعالى لن تأتيه أي نوبات أخرى، والله خير حافظا، وأنا سعيد أن ابنك يصلي ومجتهد في الدراسة، فهذا شيء جميل جدًّا، أرجو أن تحفزه وتشجعه، وساعده أيضًا على إدارة وقته بصورة صحيحة، وليس من الضروري أن يصرف نفسه وجهده كله للدراسة، لا، من حقه أن يرتاح، من حقه أن يمارس الرياضة، من حقه أن يروِّح عن نفسه، هذا كلها أمور معلومة ومفيدة، وهي تساعد في تطوير المهارات الحياتية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً