الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أرضي والدي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب في التاسعة عشرة من عمري, أعيش مع أبي وزوجته, توفيت أمي وأنا في الثانية من عمري, وكان والدي الأب والأم بالنسبة لي, وهو حقيقةً أحن إنسان علي, ودائما كان وقته لي وحدي, فبمجرد أن يعود من عمله يتفرغ لي في كل شيء, حتى أنه أهمل أصدقاءه الذين أذكر جيدا أنهم كانوا يدعونه للخروج معهم, لكنه كان يرفض لكي لا يتركني, ورغم حنانه الذي أشعر به دائما إلا أنه بمجرد أن أخطئ -ولو خطأ صغيرا- يوقع عليّ أشد العقاب, ويستمر فترة طويلة في عقابه لي, وأنا كثيرا ما كنت أخطىء وأخالفه, لكن شدة عقابه لي جعلتني لا أشعر بالذنب عندما أخطئ, فكنت أشعر أني أخذت ضعف جزائي, لكني مع الوقت أدركت أنه يجب علي طاعة والدي كما أمرني الله, رغم أنني أحيانا أتحدث إليه بأسلوب غير مهذب, ولكني سرعان ما أشعر بالخطأ الذي فعلته.

و كنت في نهاية الحوار أعتذر له عما قلته, وهو متسامح, ويقبل اعتذاري مهما فعلت, وهذا أسلوبه دائما معي, وعندما بلغت السادسة عشرة من عمري ؛ أخبرني أبي أنه يرغب بالزواج, ووجد من تناسبه, وأنا لم أعترض أو أغضب فهذا حقه.

بعد زواجه بشهرين تقريبا حدثت مشاكل بيني وبين زوجته, فهي دائما تتدخل فئ أموري الشخصية, وكنت أطلب منها بأدب عدم التدخل في حياتي الخاصة؛ فتغضب وتشكوني لأبي, وقالت له مرة: إنني أخبرتها أني لا أريد السكن معها في منزل واحد, مع أنه لم يحدث ذلك.

انزعج أبي, لكني حاولت إقناعه بأني لم أقل هذا الكلام, فلم يصدقني, وهذا لأول مرة, فهو دائما يصدقني في كل شيء, وأنا لم أكذب عليه أبدا في حياتي, طلب مني عدم الإساءة لزوجته, وقال لي: لو أسأت إليها فكأنك أسأت لي أنا.

حاولت أن لا أتحدث معها في أي شيء؛ حتى عندما تتدخل في أموري أرد عليها بحاضر وعلى رأسي, لكني بعدها شعرت أن أسلوب والدي تغير معي كثيرا عمّا كان عليه قبل ذلك, وكأنه غاضب مني, وعندما أسأله عن سبب غضبه مني يقول: لا يوجد شيء.

أنا أقول ربما يكون متضايقا من شيء ما, ولا يريد أن يتحدث عنه, فلم أجد أمامي سوى أن أدعو الله أن يخفف عنه, و يصرف عنه السوء, و يهديه للخير في الدنيا والآخرة.

بعد أن انتهيت من الصلاة تعمدت رفع صوتي لكي يسمعني وأنا أدعو له, فجاء و قبلني سريعا, ثم عاد دون كلام, وأنا مازلت في حيرة, مما جعلني أشعر بالضغط, وأن زوجة أبي هي السبب في هذه المشاكل -والله أعلم-, فشعوري بالضغط وغضبي من زوجة أبي جعلني أنفعل في الحديث معها, وساء أسلوبي وأنا أرد عليها.

وكالعادة ذهبت سريعا تشكو لأبي, ولا أعرف ماذا قالت له, فجاء إلي غاضبا جدا, و قال لي: أنت لم تنفذ ما طلبته منك, أنت لست رجلا, ولن آخذ برأيك بعد هذا الفعل.

ازدادت معاملته لي سوء, ومازال حتى الآن على أقل وأتفه الأسباب يتهمني أني مخطئ, ويوجه لي كلاما جارحا وشتائم, ويضربني أحيانا, حتى أني قلت له منذ أيام قليلة كلاما -أنا حقا نادم عليه-, فقلت له: زوجتك هذه هي السبب في كل المشاكل, وأنت تسمعها وتصدقها في كل شيء دون تفكير, وهذا ليس تصرف إنسان طبيعي.

لا أعرف كيف صدر مني هذا الكلام, فأنا لم أتجرأ يوما على والدي, بعدها حاولت أن أعتذر له, لكنه رفض أن يسمع لي, وقال لي: أنا لن أرضَ عنك بعد الذي قلته, حتى لو مسحت التراب الذي أمشي عليه.

كلمته هذه تعذبني, فهو فعلا غير راضٍ عني, وأنا لا أستطيع العيش بغير رضاه, و لا أعرف كيف أرضيه.

عذرا لإطالتي, وأتمنى أن أجد عندكم حلا لمشكلتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ hossam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإننا ندعوك إلى تكرار المحاولات بعد التوجه لرب الأرض والسموات, ونبشرك بأن الوالد سوف يرضى؛ لأن الوالد عطوف، وأرجو أن تحتمل زوجة الوالد لأجله.
(ومن أجل عين تكرم ألف عين)

وننصحك بأن تقترب من الوالد, وتبالغ في إكرامه وبره, حتى تفوت الفرصة على كل من يريد أن يباعد بينك وبينه, وتجنب ذكر زوجة الوالد بسوء, وأبشر فإنه لن يضيع أجرك عند الله, وسوف يأتي اليوم الذي تتضح فيه الحقائق, واطلب مساعدة الأعمام والعمات, وأدخل أعز أصدقاء الوالد من أجل أن يصلحوا بينك وبين الوالد, بشرط أن يكون الوالد ممن يقبل الوساطات.

وأنت -ولله الحمد- تتفق معنا أن الوالد يستحق كل إكرام؛ لكونه والدا, فكيف إذا كان والدك قد قام بدور الوالدة -رحمها الله-.

وأرجو أن تعلم أن الإنسان إذا أدَّى ما عليه, واجتهد في إرضاء والده, ولم يرضَ عنه, فإن الله غفور رحيم, وهو القائل بعد آيات بر الوالدين في سورة الإسراء:
"ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفوراً "
وأنت تُشكَر وتُؤجَر على هذه المحاولات, وعلى هذا الحرص على إصلاح ما بينك وبين والدك.

وهذه وصيتنا لك: بتقوى الله, ثم بكثرة اللجوء إليه؛ فإن قلب الوالد وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها سبحانه كيف يشاء.

كما أرجو أن تشغل نفسك بالمفيد, وابتعد عن زوجة والدك, وابحث لنفسك عن رفقة صالحة, ومرحباً بك.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الأردن احمد

    وبدعاء تدوم النعم
    عليك بدعاء

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً