الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفضته لأني لا أعرفه والآن أصبحت أرغب به، فما النصيحة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله,,,

باختصار أريد أن أطلب مشورتكم لمساعدتي؛ حيث إنكم من مددتم يد المساعدة.

تقدم لخطبتي شاب على دين وخلق, إمام مسجد، ومن الأشراف بمكة, يكبرني بسنة فقط, قابلت أمه وأخواته، وجلست مع أخواته مرة واحدة من قبل وأعجبت بأخلاقهن جدا، وأمي في البداية فرحت جدا بهم؛ لأنها تعرف أمه وطيبتها أكثر مني، وتعرف حسن أخلاقها, لكنها قالت لي :الرأي رأيك,أما أنا فلا أعرفه, لا أعرف طبعه, ولا شكله, إلا أنهم قالوا لي بأنه بدين جدا, فطلبت من أمي أن تأخذ بمشورة جدي, وأخوالي ـ إخوانها من أبيها ـ حيث إن لهم صلة قرابة بهم, وأبي متوفٍ وإخواني صغار, مدحوه لها لكنهم لم يبدو أي رأي فيه, فزاد ترددي، وهم لم يعطونا مهلة سوى أسبوعين, فاستخرت الله، وما زلت مترددة, وعندما طلبوا الرد كنت مترددة جدا، فرفضته مع أن مواصفاته هي ما أرغب به في زوج المستقبل، والآن بعد رفضي له صرت أرغب به, خصوصا أنني الآن عرفت أشياء كثيرة أعجبتني فيه, تمنيت لو أخبرني أحد بها من قبل, فازداد تعلقي به, وقالت أمي بعد ذلك: ندمت أننا رفضناهم, وأنا أعلم بأن ما اختاره الله لي فيه الخيرة.

فماذا تنصحونني الآن؟ وجزاكم الله عني خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المجد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمنّ عليك بزوج صالح طيب مبارك، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة - من أنه تقدم لخطبتك شاب على دين وخلق, ويعمل إمامًا لمسجد من مساجد مكة، وهو من أشرافها، وقابلتِ أهله واسترحتِ لهم، إلا أنك عندما عرضت الأمر على أقاربك لم يُعطوك رأيًا قاطعًا؛ مما جعلك مترددة، واضطررت أمام هذا التردد إلى رفضه، مع أن مواصفاته -كما ذكرتِ- هي التي كنتِ ترغبين أن تكون في زوج المستقبل، وما زلت إلى الآن ترغبين فيه، خاصة بعد أن عرفت أشياء كثيرة أعجبتك فيه، تمنيت لو أخبرك بها أحد من قبل، فازداد تعلقك به، وندمتِ أنك وأمك أقدمتما على رفضه، وأنت تعلمين أن ما اختاره الله لك هو الخير، فماذا سيكون الحل الآن؟

أقول لك -أختي الكريمة الفاضلة-: أولاً هناك عدة وسائل لتغيير هذا الأمر:

الأمر الأول: لا مانع من الإيعاز لبعض أصدقائه أو إخوانه أو المقربين منه أن يتقدم مرة أخرى، على أن الأمر ليس من قبلكم، يعني إذا كان هناك أحد من أقاربك المقربين منه يعرفه، من الممكن أن تتم مخاطبته, وأن يُقال له: تقدم مرة أخرى, سيقول: رفضوني, فيقول له: أنا سوف أمهد لك الطريق, وبهذه الطريقة من الممكن أن يتقدم مرة أخرى، وهذا لا حرج فيه؛ لأن هذا الأمر من الممكن إصلاحه.

وإذا كان الإسلام قد ظهرت فيه نماذج رائعة يخطب فيها الرجل لابنته، فهذا أهون؛ لأنه - على سبيل المثال - عندما تقدم سيدنا عمر - رضي الله تعالى عنه - ليعرض ابنته حفصة على أبي بكر, وعلى عثمان, واستحى أن يعرضها على النبي صلى الله عليه الصلاة والسلام، إلى غير ذلك، فهذا إن دل فإنما يدل على أنه يجوز للرجل أن يعرض مولِّيته أو ابنته على الرجل الصالح, هذا أولاً.

ولكن الأمر الآن أسهل؛ لأن الأمر ليس عرضا كاملا -كما فعل سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه- وإنما هذا نوع من التلميح، فأنا أقول: نبحث عن أخٍ من أسرتك ثقة, أو من أقاربكم يعرف الرجل معرفة جيدة، فيسأله: ماذا فعلتَ، وما أخبار الزواج, كأنه لا يعرف شيئًا، فيقول: تقدمت لبيت فلان ورفضوني, فيقول له؟: مستحيل أن يرفضوك، لأنه لو علموا عنك حقيقتك لقبلوك, وبهذه الصورة يأتي الأمر من هذا الباب، يقول له: تقدم مرة أخرى, أو يقول: ما رأيك أن أكلمهم أنا مرة ثانية, وفي تلك الحال من الممكن -إن شاء الله تعالى- أن يعود إليك مرة أخرى، وأن يجمع الله بينكما بقدرته جل جلاله.

والأمر الثاني: ترك الأمر لله سبحانه وتعالى -كما ذكرتِ-، والدعاء، والتوجه إلى الله عز وجل إذا كان فيه خير أن يرده الله عليك؛ لأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وتعلمين أن الله جل جلاله قدر المقادير قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، كما أخبرنا النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه. ومن هذه المقادير: الأزواج, فثقي وتأكدي أنه إذا كان لك فيه من نصيب فسوف يطرق الباب مرة أخرى -بإذن الله تعالى-.

وبما أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فنحن نتوجه بطلباتنا إلى الله جل جلاله عن طريق دعائه, والاستغاثة به أن يقدر لنا الخير؛ لأن الذي يغيّر المقادير هو الله تبارك وتعالى وحده، ولا يمكن لأي قوة مهما عظمت أن تغير من المقادير شيئًا، ولكن الذي يغيّر هو الله سبحانه وتعالى، كما قال: {يمحو الله ما يشاء ويُثبت} فإذا أردنا أن نغير شيئًا فنتوجه إلى الله، ولقد علمنا الله تبارك وتعالى الوسائل التي بها يتم التغيير, وعلى رأسها الدعاء، وهذا ما قاله النبي صلوات ربي وسلامه عليه بقوله: (لا يرد القضاء إلا الدعاء) فعليك بالدعاء, والاجتهاد في الدعاء, مع البكاء, والإلحاح على الله تعالى، ولا مانع أن تقومي مثلاً بالطواف حول الكعبة؛ لأن الطواف من مواطن إجابة الدعاء وهو صلاة أيضًا، خاصة وأنه لا يوجد هناك زحام في مكة الآن، فمن الممكن أن تقفي بين الملتزم وأن تتوجهي إلى الله بالدعاء بأن يمنّ الله تعالى عليك بهذا الأخ إذا كان فيه من خير لك في دينك ودنياك.

وكذلك أيضًا تشاركك الوالدة الدعاء؛ لأن دعاء الأم لا يُرد، فاجتهدوا -بارك الله فيكم- في الدعاء، واعلمي أنه إذا كان فيه من خير فسوف يرده إليك مردًا جميلاً دون إراقة وجه, ودون استعمال أي أسلوب من الأساليب المزعجة, أو التي تجعلك تتنازلين عن كرامتك كفتاة مسلمة تحبين الله ورسوله.

أسأل الله أن يقْدُر لك الخير كله، وأن يمنَّ عليك بالزوج الصالح الطيب المناسب, الذي يكون عونًا لك على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً