الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز لي مخالفة والداي و ترك عملي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عزباء، وبعمر 25 سنة، تمّ تعييني مؤخّرا كأستاذة في مدينة مغايرة لمقرّ إقامة عائلتي، وتوجب عليّ قبول العمل استجابة لإرادة والديّ، ولكنني وجدت فيه كثيرا من المشقّة و المسؤوليّة، إضافة إلى أنه يتعيّن عليّ اتباع برنامج دراسي معيّن و نظام إداري معيّن، أعترض على كثير من الأمور فيها، فمثلا في برنامج تدريس مادّة الفرنسية التي أدرّسها حثّ للتلاميذ على حبّ الدّنيا والتمتّع بها و اللّهو وغيره ( كمحاور كاملة تهتمّ بالمسرح والسيرك والموسيقى...)، بل أجد فيه صورا لا يليق بمسلم أن يراها، إضافة إلى الأفكار المسمومة التي ينقلها الكتاب المدرسي أحيانا بطريقة غير مباشرة.

باختصار لا أرى في هذا البرنامج ما ينمّي لدى الأطفال الهويّة والأخلاق الإسلاميّة، وهو ما جعلني في وضع محرج، وفي صراع مع نفسي ومع النظام الدراسي الذي أوجب علينا المسئول التّقيّد به إلى حدّ ما رغم اقتناعه بضرورة تغييره.

الإشكال أنّ حصص عملي مضغوطة بحيث أنني بالكاد أجد الوقت لإعادة صياغة الدّروس بما يناسب المبادئ الإسلاميّة، لأنني لازلت أستاذة مبتدئة بل وأتلقّى تكويني البيداغوجي في كيفيّة التّدريس بالتّوازي مع التّدريس نفسه!

النّظام المفروض عليّ كأستاذة مبتدئة يبدو لي جائرا ويحدّ من حرّيّتي الدّينية، حتّى أنيّ أخشى على علاقتي بربّي وأخشى أنني في فتنة.

أودّ ترك العمل، لكن والدي يفرضانه عليّ، وأخشى عصيانهما، خاصّة وأني إذا تركته أبقى في البيت وهو ما يعترضان عليه قطعا، فهل يجوز لي مخالفة والدي وترك عملي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أهلا بك أختي الفاضلة في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك بحفظه، وأن ييسر لك الهدي والتقى والعفاف والغنى.

أيتها الفاضلة: إن رسالتك تنبأ عن امرأة محبة لدين الله عز وجل، راغبة فيما عند الله -نحسبك كذلك- ونسأل الله أن تكوني كذلك وزيادة، وعليه فاعلمي أيتها الفاضلة أن هذا الطريق لابد أن يبتلى فيه المؤمن، كما قال تعالى: {ليبلوكم أيكم أحسن عملا} وقال تعالى: {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}.

الابتلاء أمر قائم ليعلم فيه المحسن من غيره، وعليه فنوصيك أولا بالصبر واحتساب الأجر عند الله عز وجل.

أما موضوع التدريس فلا شك أيتها الفاضلة أن بلادك تمر الآن بمرحلة انتقالية، وما يدرس الآن مخالف للدين، وحتما سيتغير إلى الخير، فأملي في الله خيرا، وحتى إذا لم يتغير على المستوى القريب فبقاؤك فيه عند أمن الفتنة أولى من بقاء غيرك ممن لا دين لهم ولا خلاق، وعسى الله أن يفتح بك قلوبا مغلقة، وأن يجري الخير علي يديك ولو كان قليلا، أو يوقف شرا على يديك.

استخيري الله عز وجل، واستمري في التدريس بهذه النية: (تقليل الشر ما أمكن) فبوجودك ووجود مثيلاتك من أهل الصلاح أمر يقوي دين الناشئة، وخروجكن من الميدان أمر يزيد الشر لا محالة، ويفتح الباب للمفسدين ليبنوا أجيالنا كما يريدون.

أسأل الله أن يبارك فيك وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً