الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرغام الوالدين الفتاة على الزواج من شخص وأثره على الحياة الزوجية

السؤال

السلام عليكم.

فتاة متدينة، تقدم لخطبتها صديق أخيها، وأرغمت على القبول به لكثرة الإلحاح عليها من قبل أهلها، بعد مرور الوقت أفصحت عما في قلبها وبرفضها له، خاصة وأن أهلها لم يسألوا عن الشاب، عن دينه وخلقه ورزقه، لكن أخاها وأمها لم يقبلوا كلامها، وهي الآن مرغمة على الزواج به، وهي صابرة على هذا الأمر، وتشكي أمرها لله الواحد القهار.

أرجو منكم تذكير الوالدين من الحذر في الوقوع في مثل هذه الأخطاء والمحرمات، بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Bellouz حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد قالت فتاة من الأنصار للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (أن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته وأنا كارهة) فرد النبي -صلى الله عليه وسلم- نكاحها، وفي رواية (جعل أمرها إليها) فقالت الفتاة: (لقد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن يعلم الناس أن ليس للآباء في الأمر شيء).

ومن هنا يتضح أن أمر الزواج والبت فيه خاص بالفتاة والفتى، فلا تزوج بكر حتى تستأذن ولا ثيب حتى تستأ مر، ورغم أن الشريعة جعلت الزواج عن طريق الولي، واهتمت بهذه المسألة، إلا أن دور الأولياء دور إرشادي وتوجيهي، وليس لهم أن يتدخلوا إلا إذا كان الزوج عاصيا لله، بمعنى أنه لا تستطيعون الرفض إلا إذا كان الزوج بعيدا عن الدين، وليس لهم كذلك أن يجبروها على أي رجل ولو كان صالحاً، لأن مسألة الزواج تقوم أساساً على الرضى والقبول، والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.

ونحن هنا ندرك أن القرار بيد الشاب والفتاة، فقد يكون الشاب مناسبا ولكنها لا تجد في نفسها ميلا إليه، وقد يكون الشاب ابن عمها لكنها لا تجد في نفسها ميلا إليه، وهذا ما أشرنا إليه في البداية.

ولا يخفى على أمثالك أن مسألة الزواج لا تصلح فيها المجاملات، ومن هنا فنحن ندعوك إلى التعامل مع المشكلة بمنتهى الحكمة والهدوء، وقولي للوالدة أنت والدة ومن واجبي أن أكون باره بك، ولكني لا أريد هذا الشاب، وقولي لها لقد سألت العلماء وقالوا لي لا تأخذي الشاب إذا لم تكوني مرتاحة وراضية عن دينه وأخلاقه، ثم اجتهدي في إرضاء الوالدة، فإذا لم تقبل منك فلست عاقة ولا إثم عليك.

ولكن إذا اتضح لك أن الشاب صاحب دين وأخلاق ووجدت في نفسك ميلا إليه بعد سماع الخير عنه فاعلمي أن في القبول به بر بالوالدة وتطييب لخاطر الأخ، ومن حق أي فتاة أن تتعرف على دين وأخلاق من يتقدم إليها.

ونحن نقول لأولياء البنات لا يجوز تزويج الفتاة من فاسق عاص، ومن يزوج بنته من فاسق فقد قطع رحمها وظلمها وأساء إليها وخان الأمانة التي وضعها الله في عنقه.

وأرجو أن تعلمي أن الرزق مقسوم، وأن المهم بعد الدين والأخلاق هو همة الشاب وسعيه في طلب الرزق وبذله لأسبابه وجديته في عمله، هذه هي الأمور المطلوبة، وإذا كان هناك فرصة للتواصل مع إخوان الشاب، فيمكن إظهار ما في نفس له عن طريق محارمه، لأن في هذا الأمر ظلم لك وله.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً