الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخمول قتلني وتقلب المزاج أرهقني ... فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري 24 سنة، يشهد الله أنني أحبكم في الله، فأنتم تقدمون خدمات جليلة -جعلها الله في ميزان حسناتكم-.

مشكلتي باختصار هي: أنني منذ أن تخرجت من الثانوية، وكنت عاطلا عن العمل, تعودت على الجلوس في البيت حتى الآن -ولي 4 سنوات- مما سبب لي الاكتئاب، والخمول الشديد، والإرهاق حتى أنني –واللهِ- أتحسر وأتمنى أن ترجع أيام دراستي في الثانوية، أيام النشاط, فأنا الآن كسول، ومتقلب المزاج، مرة أحس نفسي نشيطا في فكري, وعند النهوض أحس بخمول, ولا أريد سوى الجلوس, وعند زيارة موقعكم الكريم - وفقكم الله على هذا الموقع- وجدت من أسباب الخمول الغدة الدرقية, وأسبابا كثيرة, وقررت أن أعمل فحص الدم، والغدد, وعملت الفحص -والحمد لله- سليم, ولكن الخمول، والكسل يصاحبني، وتقلب المزاج، فتجدني مرة غاضبا، ومرة فرحا, وهكذا.

وأحس باكتئاب, لا أرغب بالخروج من البيت، وعند الخروج أنظر إلى الناس فأحزن على نفسي, وعلى الوضع الذي وصلت إليه, وأحس بضيق في صدري.

للعلم أنه كانت تصيبني رهبة, وأحس أن قلبي تتسارع نبضاته، ويعرق جبيني, ولكني -الحمد لله- تغلبت عليه, وعندما أخرج لم تعد تأتيني هذه الحالة, ولكن الخمول ذبحني، وتقلب المزاج أرهقني!

فهل أنا مصاب بمرض نفسي؟

لأن هذا الموضوع يقلقني، وأنا سوف أذهب لمنطقة غير مدينتي للدراسة, فهل أذهب؟ أخاف أن أذهب, ويستمر معي الخمول والكسل, وإذا تقدر -جزاك الله خيرا- أن تصف لي حبوبا تذهب عني الكسل والخمول, أو تقلب المزاج, فلقد ضاق صدري من جلسة البيت، حتى أني –واللهِ- كلما أجلس أتنهد، ويزفر صدري ويضيق.

نفسيتي تعبت, وأصابني الاكتئاب, وأتذكر أصحابي الذين كانوا معي في الثانوية, وقد تخرجوا من الجامعة الآن, وأنا كما أنا لم أتغير، وإن خرجت سيطر علي الخمول، وأريد العودة للبيت.

هل تنصحني بأن أذهب للمدينة الأخرى للدراسة؟ أشعر بالحزن على نفسي, أحس نفسيتي تعبت وجاءني الاكتئاب بعد وفاة والدي -رحمه الله- فلقد تعبت كثيرا مما زاد علي التعب, والخمول, والنظرة السوداوية للحياة, فهل أنا مصاب بمرض نفسي؟

وهل سيستمر هذا الخمول والكسل وتقلب المزاج معي للأبد؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك, وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

ليس هنالك من سبب يجعل هذا الخمول والكسل، وتقلب المزاج يستمر معك طول الحياة، أنا أرى أنه ظرفي -إن شاء الله تعالى- وعابر, لكن هذا لا يعني أن الخمول والكسل سوف يذهب وحده، لابد أن تتخذ قرارك بأن تتخلص من هذا الخمول والكسل، والتغير لابد أن يبدأ منك أنت.

نحن نقدر عسر المزاج الذي تعاني منه, لكن هذه الأسباب نعتبرها نسبياً أسباب واهية، عسر المزاج، القلق، التوتر، المخاوف، كثير من الناس يعاني منها, لكن في مثل عمرك لا أعتقد أن الإنسان يجب أن يكون كسولاً، بل على العكس تماماً يجب أن يكون نشيطاً، وفاعلاً ينفع نفسه, وينفع غيره.

والذي أريده منك أن تتخذ القرار، أنك سوف تترك هذا الكسل, وهذا الخمول جانباً، غيِّر نمط حياتك, وأول وسائل التغير هي أن تقيم نفسك تقييماً جيداً، لا أقول لك: حاسب نفسك حساباً قاسياً، لكن معاتبة النفس هنا ضرورية, ومهمة كدافع ومحفز للتغير، والذي لا يحاسب نفسه, ويطلق لها العنان، ويترك الهوى والتكاسل يقرر مسيرته، فمصيره هذا ليس صحيحا، الله تعالى حبانا بالطاقات النفسية الداخلية, وكذلك الجسدية، وفي عمرك لا شك أنها عالية, ومتوفرة, وهذه الطاقات وهبها الله لنا لنستفيد منها, وهي سبيل التغير.

أول الخطوات التي تتخذها بعد تغيير نفسك فكرياً هو أن تضع جدولا لإدارة وقتك، أول خطوة تتخذها هي النوم المبكر، يجب أن تنام ليلاً في وقت مبكر، وتأخذ قسطا كاملا من الراحة، وتستيقظ لصلاة الفجر، وهنا سوف يبارك لك في الصباح، وسوف تجد الطاقات موجودة، وبعد ذلك تشرع في أن تخرج من المنزل لتبحث عن عمل، أو لتتواصل مع صديق، أو للسعي في أمور الدراسة، بالرغم من أنك قلت إنك ستذهب إلى مدينة أخرى، ثم تذهب وتصلي الظهر، وتأتي بعد ذلك للمنزل، ولا مانع من القيلولة البسيطة, وهكذا.

والوقت إن أدير بهذه الطريقة فلا يمكن أن يأتيك النشاط, وتأتيك الطاقات، وأنت لا تتخذ أي خطوات من جانبك، أنت لست مريضا، حتى القلق والاكتئاب البسيط الذي تعاني منه لا يبرر أبداً هذا النوع من الخمول, والنشاط هو علاج أساسي لتحسين المزاج, وإزالة الخمول.

الخطوة الأخرى الذي عليك أن تتخذها وبجدية هي ممارسة الرياضة، مثل رياضة المشي, والجري, ولعب كرة القدم ، أي وسيلة رياضية متيسرة بالنسبة لك فيجب أن تلتزم بها, وأن تطبقها, وهي سوف تحسن كثيراً من أدائك الجسدي, وكذلك النفسي.

الخطوة الرابعة: اجعل لنفسك أهدافا والتزامات يومية، والتزامات على المدى البعيد، موضوع الدراسة هو أمر جيد، وليس هنالك ما يمنع أبداً أن تذهب إلى مدينة أخرى للدراسة، لكن يجب أن تعرف أن الواجبات الدراسية معروفة وواضحة، ولا تتحمل الخمول والتكاسل، ويجب أن يكون عمل اليوم في اليوم نفسه، وأن تسعى لأن تكون من المتميزين, وهذا هدف أساسي, ويجب أن تكون عندك العزيمة والاستعداد لذلك، وأن تأخذ الأمور بجدية أكثر.

ومن المهم جداً أن تكون لك صداقات، ونماذج طيبة في الحياة من المتميزين، والمفلحين، والمتفوقين، والنشيطين، وهم -الحمد لله تعالى- كثر جداً.

خطوة أخيرة يمكن أن تساعدك وهي: لا مانع من أن تتناول عقارا يحسن من مزاجك, ويدفع -إن شاء الله تعالى- طاقاتك بصورة جيدة وإيجابية.

الدواء يعرف باسم (بروزاك), وهو معروف جداً لتحسين المزاج, وحين يتحسن المزاج -إن شاء الله- تزيد لديك الدافعية. والطاقات النفسية والجسدية، وجرعة (البروزاك), والذي يعرف علمياً باسم (فلوكستين) هي كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر, ويفضل تناول الدواء بعد الأكل، وبعد ذلك اجعل الجرعة كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أخيراً أقول لك -وهذه يجب أن تكون أولاً-: عليك بالدعاء، وأن تستعيذ بالله من الهم والغم, والعجز والكسل.

وللمزيد من الفائدة طالع الخطوات لعلاج الخمول والكسل سلوكيا : ( 17601 - 265226 - 2111546 - 2111490)

بارك الله فيك, وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أم عمر

    جزاكم الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً