الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبت عدة فتيات ثم فسخت مما أثر على نفسيتي ... أرشدوني

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ/موافي عزب (حفظه الله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب قاربت على الثلاثين من العمر، خطبت قبل ذلك ثلاث مرات، وفسخت الخطبة لعدم اقتناعي التام بهن، أو لأسباب أخرى، وذهبت لرؤية عشرات الفتيات, وعندما أوافق ترفض هي، وما آلمني نفسيًا أنني أنا الذي فسخت الخطوبات الثلاث.

حقيقة أنا حزين على حالي، وما وصلت إليه، وحزني هذا ليس بسبب تأخر زواجي، ولكن بسبب ممارستي للعادة السرية منذ أكثر من عشر سنين، وإدماني لهذه العادة، ووهن بدني وضعفه، أخاف أن يكون عدم توفيقي في أمر زواجي واختياري لزوجة المستقبل في هذا السن عقوبة بسبب ممارستي لهذه العادة السيئة؛ لقول الله تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) -أسأل الله تعالى العفو والعافية-.

مع العلم أن من أقاربي من هم أصغر مني سنًا، وقد تزوج وأنجب، أسأل الله أن يبارك له، وأخي أيضًا أصغر مني في السن وخطب وسيعقد، ويتزوج قريبًا جدًّا إن شاء الله, أسأل الله أن يتم له أمر زواجه، وأن يبارك له، أنا لا أَغِير منهم، ولكني أفرح لهم, وأدعو لهم، ولكنَّ الأهل والعائلة كانوا يتوقعون أن أتزوج قبلهم، حتى أني لم أتوقع أن يتزوجوا قبلي، وقدَّر الله وما شاء فعل، ولكن الأهل ينظرون لي نظرة شفقة، وما كنت أحب أن ينظر لي أحد هذه النظرة، ونظرتهم وكلامهم يؤلمني نفسيًا.

إلى متى سأظل على هذا الحال من ممارستي لهذه العادة السيئة، والألم النفسي؟! أنا أحسن الظن بالله، وأقول: إنه لو كان الزواج سيصلح حالي لما منعه الله عني، ولكني أقول: إن الله يُعِدُّني لتحمل هذه المسؤولية العظيمة.

وما عند الله لا ينال إلّا بطاعته ،حتى أني لو تزوجت، وأنا على هذه المعصية، سأكون خائفًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معاصيه فاعلم أنه استدراج), أو كما قال.

أرجو نصيحتكم ، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمرحبًا بك -أيها الأخ الحبيب- في استشارات إسلام ويب, نسأل الله تعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة، وأن يعينك على نفسك، ويجنبك شرّها.

لقد أصبت -أيها الحبيب- حين أدركتَ بأن ما عند الله تعالى لا يُنال بمعصيته، ومن ثَمّ فنصيحتنا لك أن تجاهد نفسك أولًا للتغلب على هذه العادة القبيحة بقدر الاستطاعة؛ فإنها مضرة لك في دينك, وبدنك, ودنياك، ولن تجني من ورائها خيرًا، وهي في الحقيقة لا تطفئ ما فيك من الشهوة، بل تزيد نار الشهوة اشتعالًا، مع ما تجلبه لك بعد ذلك من أنواع الأضرار، ولذلك فنصيحتنا لك أن تخاطب نفسك بخطاب العقل، وتنظر في العواقب السيئة لهذه العادة، وسنرفق لك بعض الاستشارات السابقة التي ذُكرت فيها بعض هذه العواقب، ونحن على ثقة تامة -أيها الحبيب- بأنك إذا عزمت, واستعنت بالله سبحانه وتعالى على ترك هذه العادة, فإنك ستتمكن من ذلك -بإذن الله-.

وحاول أن تأخذ بالأسباب التي تعينك على ذلك، ومن أهمها:
- أن تشغل نفسك بالنافع من أمر دين, أو دنيا؛ فإن النفس إن لم تُشغل بالحق شغلت صاحبها بالباطل.

- ومن ذلك أيضًا أن تتجنب الانفراد, والخلوة بنفسك بقدر الاستطاعة.

- وأن تمارس بعض الأعمال الرياضية التي تُذهب بعض قوة بدنك.

- ومن أنفع الوسائل: الإدمان للصوم, والاستمرار عليه؛ فإنه وجاء، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - .

- ورأس هذه الأدوية بلا شك -أيها الحبيب- أن تأخذ بالأسباب للزواج؛ فإنها نصيحة النبي -صلى الله عليه وسلم – لكل شاب قادر عليه، فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر, وأحصن للفرج).
ونحن لا نرى أبدًا أي مشكلة -أيها الحبيب- في زواجك، ولا ينبغي أبدًا أن تسمح لمشاعر الإحباط, واليأس أن تسيطر عليك، فأنت شاب في مقتبل العمر، وبلا شك فإن كثيرًا من الفتيات يتمنين الزواج بك، ومن ثَمّ فلا ينبغي أبدًا أن تشعر بإحباط, أو يأس من أن تجد الزوجة المناسبة.

ولابد من الأخذ بالأسباب -أيها الحبيب- فحاول أن تبحث عن الفتاة المناسبة من خلال قريباتك, وزميلاتهنَّ, ونحو ذلك، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أنه لابد من التوسط في طلب الصفات التي تريدها في مَن ستكون زوجة لك، وعلى رأس هذه الصفات - وينبغي أن تكون مقدَّمة لديك – أن تكون المرأة ذات خلق ودين يُرضَى، ولا بأس عليك في أن تشترط قدرًا من الجمال تسكن إليه نفسك، وحسبًا يكافئ ما أنت عليه؛ فهذه مقاصد تُطلب في المرأة، ولكن لا ينبغي أبدًا أن تكون مثاليًا في هذه الطلبات؛ بحيث لا تجد من الفتيات من تصلح لأن تكون زوجة لك، وإذا وقع اختيارك على فتاة، ورفضت فكن على ثقة دائمة بأن الله عز وجل أرحم بك من نفسك، وأنه أعلم بما يصلحك في المستقبل، فربما حرصت أنت على شيء، وصرفه الله عز وجل عنك؛ لعلمه سبحانه وتعالى بمصالحك، وقد أخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم بما يُسلِّينا إذا ما حصل لنا شيء من ذلك، فقال جل شأنه: { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.

فوصيتنا لك: أن تحسن علاقتك بالله تعالى بالتزام فرائضه, والابتعاد عما حرمه عليك، وأن تحسّن ظنك به سبحانه وتعالى، وتكثر من دعائه بصدق واضطرار أن يرزقك الزوجة الصالحة، ونحن على ثقة بأنك إذا سلكت هذا الطريق فإن الله تعالى سيجعل لك من أمرك يُسرًا, وسيرزقك الرزق الحسن، فأكثِرْ من استغفار الله تعالى؛ فإنه من أعظم الأسباب الجالبة لرزقه، فقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ* وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}.

وللفائدة راجع أضرار العادة السرية: (385824312 - 260343 - 2102179)، وكيفية التخلص منها: (227041 - 1371 - 24284 )، وحكمها الشرعي: (469- 261023 - 24312)، وكيف تزول آثارها: (17390 - 287073 - 2111766 - 2116468).

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يقدر لك الخير حيث كان، ويبلغك آمالك، إنه جواد كريم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً