الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الإحساس الدائم بالكئابة والحزن؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أتمني أن أجد حلاً لمشكلتي، وسوف أبدأ ببدايات المشكلة.

كنت خلال السنوات الماضية أدرس في الخارج، وعدت من حوالي سنتين، ومن بعدها انقلبت حياتي.

بعد عودتي بشهر حصلت على وظيفة جيدة، وبعد شهرين أصبت في ركبتي اليسرى بقطع في الرباط الصليبي، والجانبي، وبقيت تحت العلاج حوالي 8 أشهر، وخسرت وظيفتي السابقة، وأنا مهندس موقع، والحمد لله، تحسنت الإصابة ولم أجر العملية بعد، عدت لنشاطي ولكني ما زلت أعاني منها حتى الآن.

أيضاً قبل سفري كنت أعاني من زيادة الوزن، وخسرت الكثير أثناء الدراسة، ولكن بعد الإصابة ازداد وزني وازدادت حالتي النفسية والجسمية سوءاً، خصوصاً أن الدكتور طلب مني إنزال وزني للتخفيف على مفصل الركبة المصابة، لأن أعراض الخشونة بدأت تظهر.

منذ نحو السنة توفيت جدتي رحمة الله عليها، والتي كانت تسكن معنا، وبعدها انتقل كل أعمامي من العمارة إلى مساكنهم الجديدة، وأحس أن الدنيا تغيرت.

من حوالي 7 أشهر التحقت بوظيفة جيدة، ولله الحمد، وكنت سعيداً جداً فيها، ولكن بعد فترة بدأت أمل منها، حيث إنها لم تكن على حسب تطلعاتي وطموحي، فبدأت أصاب بالإحباط لشدة رغبتي إلى إكمال الدراسة، رغم أنني أعمل في مشروع أحسد عليه.

بعدها بدأت تظهر الأعراض التي أشكو منها، والآن تبدلت حياتي رأساً على عقب، علماً أنني ما زلت أعزبا وقاربت الثلاثين، وأحس أن هذا أحد المواضيع التي تسبب لي توتراً عندما يناقشني فيها أهلي أو أصحابي لصعوبة اتخاذ القرار.

قبل التحاقي بالوظيفة عانيت من الوسوسة، وتوهم المرض أن ضغطي منخفض وأن الزائدة ستنفجر بسبب وخز في البطن، فأخذني والدي للمستشفى وقال الدكتور هذا مجرد توتر وقلق، وتهيج في القولون، ووصف لي دواء دوجمتيل 50 ملج ارتحت بعده لفترة.

أعاني أيضاً من الأرق و من ضيقة وكتمة احيانا ولا ارغب في رؤية أحد أو عمل شيء، وتشتد علي قرب غروب الشمس وحتى آخر الليل، ولكنها تزول مع اليوم التالي.

خلال فترة الضيقة دائما أحس بالكآبة والحزن والرغبة في البكاء وعدم الرغبة في الحياة، وأيضاً تأتيني وساوس خصوصاً عند الضيقة أنني سوف أموت قريباً ولن أتزوج ولن يكون لي أسرة، وأصبحت أعاني من القولون العصبي بسبب هذا التوتر والضغط النفسي.

أحيانا لما أحس بالأعراض أقرأ سورة البقرة، أو استمع للرقية الشرعية وأثناءها أتثاءب، وأحس بحزن وخفقان، وأحياناً أبكي وبعدها ارتاح، وكان جبلا أزيح عني.

أرجو أن تفيدوني، فلا أعلم ما أعاني منه؟ هل هو مرض نفسي أو روحي أو كلاهما؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسماعيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بعد اطلاعي على رسالتك بكل تفاصيلها، أقول لك إنك مصاب بحالة نفسية طبية، ولا أعتقد أن الأمر يتعلق بالعين والسحر أو الحسد، واعترافي وقناعاتي بهذه الأمور الغيبية قطعي وأكيد ولا تردد فيه، لكن الذي يؤلمني كثيرًا أنه في هذا الزمان اختلط الأمر على الناس، وبدأ يُساء تفسير وتأويل الكثير.

الأعراض النفسية حين تُعزى إلى العين أو السحر أو الحسد أو خلافه، هذا أضر كثيرًا بصحة الناس، وأدخلهم في أوهام، ومن واجبنا كأطباء نفسانيين مسلمين أن نعزز ثقة الناس في عقيدتهم، وفي توكلهم على ربهم، وكذلك الأخذ بالأسباب، وأن يبحثوا عن الدواء، لأنه ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء وجعل له دواء.

المطلوب منك من الناحية الروحية – كما أسميتها – هو أن تعرف أنك في حفظ الله وفي معيته، ما دمت أنت تسير على طريقه، كن حريصًا على صلواتك، دعائك وأذكارك والتعاويذ الشرعية، وقراءة القرآن، هذا يحفظك إن شاء الله من شر الإنس والجن، وهذا يُقرن بأخذ الأسباب، وهي تناول العلاج الطبي النفسي.

حالتك من الواضح أنها تتمثل في قلق وسواسي اكتئابي مصحوب بالمخاوف، وهذه الحالات شائعة وكثيرة جدًّا، وحين أقول لك (قلق ومخاوف ووساوس واكتئاب) لا أعني أنها أمراض منفصلة أو جزئيات متطايرة من بعضها البعض، هي كلها منظومة واحدة وهي حالة اضطراب قلقي وجداني، ويجب أن تُفهم هكذا، وهي إن شاء الله تعالى سوف تعالج.

من المهم جدًّا أن تسعى لتجاهل هذه الأعراض، من المهم جدًّا أن لا تجد لها تأويلات وتفسيرات خاطئة، فهي حالة طبية نفسية. من الضروري أن تلجأ دائمًا إلى الاستخارة في الأمور التي تتردد فيها، الوسواس يقود إلى التردد، والتردد يقود إلى الوساوس، وهذا كله ينتج عنه المزيد من التردد والمخاوف واهتزاز الثقة بالذات.

من المهم جدًّا أن تدير وقتك بصورة صحيحة، وأن لا تمسك بهوامش الأمور، وأن تكون في جوهر الأمر، ثق بنفسك، كن إيجابيًا، احرص على وظيفتك، ويجب أن تدرك أنك رجل قيّم، وهذا من فضل الله عليك. نحن لا ندعو أحدًا لأن يسعى لانتفاخ ذاته أو يعطي نفسه ما لا تستحق، لكن في ذات الوقت عدم الاعتراف أو إدراك المقدرات الداخلية للإنسان هذا يعطله ويهز من ثقته في نفسه.

أنت تناولت الدوجماتيل كعلاج مساعد للقلق والتوتر، هو دواء جيد، لكن لا أعتقد أنه يكفي، أنت في حاجة لدواء محسن للمزاج مزيل للقلق والتوتر، وكذلك الوسواس ولا يزيد الوزن. الدواء الذي يحمل كل هذه المتميزات عقار يعرف تجاريًا باسم (بروزاك) هو مشهور جدًّا، له مسميات تجارية أخرى كثيرة، ولذا من الأفضل أن تسأل عنه تحت مسماه العلمي وهو (فلوكستين).

ابدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي عشرون مليجرامًا، يجب أن تتناولها بعد الأكل، وبعد شهر اجعلها كبسولتين في اليوم، هذه الجرعة العلاجية تستمر عليها لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، وهذه هي الجرعة الوقائية، بعد ذلك اجعلها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية الفاعلة الجيدة الممتازة، والتي أسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

من الناحية المعرفية الفكرية: لا أريدك أن تلتقط فقط ما هو سلبي في حياتك، هذا فيه أذى نفسي كبير، كل المشاكل التي ذكرتها هنالك من يعاني أكبر وأكثر منها قوة وشدة وحدة، والمشاكل في بعض الأحيان هي خبرات مفيدة، تجعل الإنسان ينطلق ويجدد ويقوي عضده ويرفع من همته ويكون نافعًا لنفسه ولغيره.

أرجو أن يكون هذا هو منهجك، وأسأل الله لك العافية، ونشكرك على ثقتك في إسلام ويب.

ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة هذه الروابط حول العلاج السلوكي للاكتئاب: (237889 - 241190 - 262031 - 265121).

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً