الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي أسباب التساهل في إطلاق ألفاظ القذف صراحة أو كناية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما هي أسباب تساهل الشباب في إطلاق ألفاظ القذف الصريحة والكناية؟ وكذلك ما هي طرق العلاج المقترحة للحد من هذا التساهل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنين وطن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مرحبًا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.

لا شك أيتها الكريمة أن حفظ اللسان من أعظم المقاصد التي جاءت بها هذه الشريعة، ليسلم الإنسان في دينه ودنياه وآخرته، وقد جاءت الأحاديث والنصوص الشرعية الكثيرة، وفيها التحفيز والترغيب في مجاهدة الإنسان نفسه ليحفظ لسانه، وليأتي بتلك الوعود الكثيرة، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - : (من يضمن لي ما بين لحييه وفخذيه أضمن له الجنة)، وقال عليه الصلاة والسلام في حديث معاذ: (ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم)، والنصوص في هذا المعنى كثيرة في كتاب الله وفي أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

من ثم كان لازمًا على الإنسان المسلم - رجلاً كان أو امرأة - أن يتحرز من الألفاظ التي يقولها، فرُبَّ كلمة لا يُلقي لها بالاً من سخط الله يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب، ورب كلمة من رضوان الله يتكلم بها يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم يلقاه.

سبب تساهل الناس في تكلمهم بما لا يجوز لهم شرعًا هو غفلتهم عن الآثار المترتبة على هذه الألفاظ في دنياهم وآخرتهم، فما يتذكر الإنسان عواقب ألفاظه وأن كل ما يتكلم به يُحصى عليه، كما قال سبحانه: { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} وأنه سيقف على هذه الحصيلة، فإن كانت خيرًا فرح بها وسر، وإن كانت خلاف ذلك تمنى أنها كانت أبعد منه مما بين المشرق والمغرب، كما قال الله عز وجل في كتابه الكريم: {يوم تجد كل نفس ما عملت من خيرٍ محضرًا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدًا بعيدًا}.

لو تذكر الناس هذه المعاني لتجنبوا الوقوع في مثل هذا الإثم، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات جعله النبي - صلى الله عليه وسلم – من السبع الموبقات، كما في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: وما هنَّ يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).

لو علم الإنسان منزلة هذا الإثم بين الآثام، وعلم أنه من الموبقات – أي المهلكات الكبار – وأنه من كبائر الذنوب، فإنه سيتوقف عند حدود الله تعالى وسيحسب حسابًا لكل كلماته.

مع هذا كله نحن نوصي المسلمين والمسلمات بأن يتجنب الواحد منهم مواطن الريبة والتهمة بقدر استطاعته، فيتجنب كل موطن قد يُتهم فيه، وهذا منهج النبي - صلى الله عليه وسلم – فإنه لما خرج يمشي مع زوجته ليوصلها إلى بيتها بعد أن زارته وهو معتكف في المسجد، مر به رجلان من أصحابه، فلما رأياه واقفًا مع زوجته أسرعا في المشي، فقال: (على رِسلكما، إنها صفية) ثم قال لهما: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فكرهت أن يقذف في قلوبكما شرًّا) أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - .

هذا أصل عظيم من أعماله - صلى الله عليه وسلم – وهو مَن هو في الدين والورع والابتعاد عن الشبهة، ولا يظن به من المسلمين إلا الخير، ومع هذا حرص - عليه الصلاة والسلام – على أن يُبعد عن نفسه التهمة والريبة، حتى لا يستغل الشيطان هذا الموقف فيوسوس به في قلوب بعض الناس، ونحن أحق وأولى بهذا السلوك منه - صلى الله عليه وسلم - فينبغي للمؤمن والمؤمنة أن يكون حريصًا عن الابتعاد عن كل موطن من المواطن التي تجلب له تهمة أو تكون سببًا للثلم في عرضه.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية الشاماني

    جزاكم الله خير على كل ماتفعلونه من اجلنـا..

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً