الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الناس تراقب تصرفاتي وتحركاتي فيصيبني التوتر والقلق، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو إحالتي إلى الدكتور محمد عبد العليم - طبيب الأمراض النفسية .

سؤالي: إنني أشعر أن الناس تراقب تصرفاتي وتحركاتي، بالرغم من أنني لم أفعل شيئا خطأ؛ لأني أخاف الله وأخشاه، وأشعر أنني أتكلم دون أن أنطق، وأن الناس تسمع هذا الكلام، وإذا مررت بالشارع وتصادف وجود مجموعة من الناس يتحدث بعضهم مع بعض أحس بأنهم يتكلمون عليّ، وهذا يصيبني بالتوتر والقلق والاكتئاب، وإذا ما ذهبت لشراء أي شيء من أي مكان - جمعية أو مطعم -، أو أي شيء من هذا القبيل أحس أن الناس تراقبني، وأريد أن أذهب بسرعة، ويصيبني التوتر والقلق.

أفدني مأجورا إن شاء الله، ما هو تشخيص حالتي وما هو العلاج؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق.

أخي هنالك حالات تعرف بالحالات الزوارية أو الظنانية أو البارونية، وهي طيف من الحالات النفسية التي تتمثل في أن الإنسان قد تأتيه شكوك يسيء من خلالها التأويل، ويأتيه معتقد بأن الناس تتأمر ضده، أو هنالك من يريد أن يلحق به الضرر أو شيئا من هذا القبيل، وهذه الأفكار قد تكون مجرد لمحات فكرية، تأتي للإنسان يستطيع أن يصرفها برفضها وتحليلها وإخضاعها للمنطق، ومن ثم يقتنع بأنها غير صحيحة، هذه درجة من هذه الأفكار.

الدرجة الثانية هي أن تكون الأفكار أقوى، ويحاول الإنسان صرفها، قد يستطيع أن يصرفها أو لا.

أما الدرجة الثالثة فهي أن تكون هذه الأفكار مطبقة، أي مسيطرة بدرجة كاملة، ولا يقتنع الإنسان بأي منطق مخالف؛ لأنه يرى أنها حقيقة وفي هذه الحالة يعتبر الإنسان مريضا وغير مرتبط بالواقع، وأنه قد افتقد الاستبصار، وتكون حالته قد دخلت في ما يعرف بالمرحلة الذهانية البارونية العقلية الفصامية.

حالتك أخي أعتقد أنها بسيطة جداً، وغالباً مرتبطة بشخصيتك، وهنالك ما يعرف بالشخصية الظنانية، الذي أنصح به هو الذهاب ومقابلة الطبيب النفسي هذا أفضل كثيرا، والطبيب سوف يقوم بتوجيهك وإعطائك بعض الأدوية.

أما إذا لم تتمكن من الذهاب إلى الطبيب فأنا أقول لك حاول دائماً أن تجاهد نفسك، وأن تحسن الظن، عليك بالإكثار من الاستغفار، وأن تستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وأن تكون دائماً في صحبة الأخيار من الناس، وحاول أن تتأمل وتحلل علاقتك بالطبيبين والصالحين من الناس، وسوف تصل إلى قناعة أنهم بالفعل يستحقون أن يحسن الإنسان الظن بهم، وهذا يساعدك حتى في علاقتك مع الآخرين، أرجو أن يكون هذا مفيداً لك.

الشيء الأخير هو أن تتواصل اجتماعياً، وأن تكثر من التواصل الاجتماعي، وأن لا تنعزل أبداً، وأن تحاول أن تجد للناس العذر حين تأتيك هذه الأفكار واللمحات الظنانية - أنهم يتأمرون ضدك أو شيئا من هذا القبيل - أحسن الظن وهذا أمر مهم.

الجزء الأخير في العلاج هو أن تتناول أحد الأدوية المضادة للأفكار الظنانية، وهذه الجرعات في مثل هذه الحالات نصفها من أجل الوقاية فقط، وليست جرعات علاجية إنما وقائية، هنالك دواء متميز يعرف باسم رزبريادال Risporidal، والاسم العلمي هو رزبريادون Risperidone، يمكن أن تبدأ في تناوله بجرعة واحد مليجرام فقط ليلاً، استمر عليه لمدة شهرين، بعد ذلك ارفع الجرعة إلى (2) مليجرام ليلاً لمدة شهرين أيضا، ثم خفضها إلى واحد مليجرام ليلا لمدة ستة أشهر، وبعد ذلك يمكنك التوقف عن الدواء، وخلال فترة تناول الدواء يجب أن تقيم نفسك، هل هنالك تحسن أم لا يوجد تحسن، وعلى ضوء الناتج يمكن أن تسترشد بنا مرة أخرى أو تواصل مع طبيبك المعالج كما ذكرت لك.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً