الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس الطهارة... ومعاناتي معها

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب كنت أغرق في المعاصي، ولا آتي الصلاة، ومؤخرا بدأت أحافظ عليها وألتزم بها، ولكن الوسواس داخلي يحاول أن يمنعني من أي شيء أقوم به مثل التشكك في طهارتي من البول أو التفكير، والتشكك في ذات الله تعالى -أستغفر الله العظيم- أو لهوي عن الصلاة بأي طريقة كانت، وأحاول أن لا أنصاع لـه، ولكن هذا يؤلمنى كثيرا، ويبعدني عن التركيز والخشوع في الصلاة، فينشغل ذهني أوقات الصلاة بأشياء كثيرة.

كما أنني أريد الاستفسار عن مواقيت الصلاة، بمعنى أنه إذا فاتتني صلاة العصر والمغرب لأي ظرف وجئت لقضائها قبل صلاة العشاء فهل أصلي المغرب أولا بنية الحاضر وبعد ذلك العصر بنية القضاء؟ أم أصلي العصر أولا وبعدها المغرب والاثنين بنيـة القضاء؟

أسأل الله منكم الدعاء لي بالتقوى والإيمان والهدايـة والخشوع في الصلاة.
جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مرحبا بك أيها الولد في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يتوب عليك وأن يثبتك على ما أنت فيه من الهداية والصلاح، وأن يذهب عنك ما تعاني منه من الوسوسة.

نصيحتنا لك أيها الحبيب تتلخص في الآتي:
أولا: جاهد نفسك لطرد الوسوسة عنك بقدر استطاعتك، وكن على يقين بأن هذه الوسوسة مما يبغضه الله تعالى ولا يحبه، وأن الله عز وجل لا يريد منك التشديد على نفسك والتضييق عليها بمثل هذه التصرفات التي تفعلها؛ فإن الله تعالى يقول: (ما جعل عليكم في الدين من حرج)، ويقول سبحانه: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، ويقول سبحانه: (والله يريد أن يتوب عليكم)، والآيات في هذا المعنى كثيرة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه) وحذرنا من الغلو والتنطع فقال: (إياكم والغلو في الدين)، وقال: (هلك المتنطعون هلك المتنطعون).

بهذا تعلم أيها الحبيب أنما يحاول الشيطان أن يزينه لك من الاحتياط لدينك أو الورع وتجنب النجاسات ونحو ذلك كله من تسويله وتزيينه ليجرك حتى تقع في شباك الوسوسة، وإذا سيطرت عليك هذه الوساوس أفسدت عليك دينك ودنياك، والعلاج من هذا كله الإعراض التام عن الوسوسة، وعدم الانجرار وراءها، وتجنب بناء الأحكام عليها، فإذا وسوس لك الشيطان بأن شيئا من النجاسة أصاب بدنك أو أصاب ثوبك فلا تلتفت إليه حتى تتيقن جازما أنه قد حصلت تلك الإصابة بالنجاسة يقينا تستطيع أن تحلف عليه، والتطهر من البول بعد التبول أمر يسير جدا، فإذا انقطع البول فاغسل فرجك، وبهذا قد تكون قد قطعت النجاسة عن نفسك، ويستحسن مع هذا أن ترش قليلا من الماء على سراويلك حتى إذا وسوس لك الشيطان بأن شيئا قد خرج منك تحيله على ذلك البلل الموجود في ثيابك، فإذا وسوس لك الشيطان بأن الوضوء قد انتقض بعد ذلك فلا تلتفت إليه؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم شُكي إليه أن الرجل يجد في بطنه شيئا ويشك أخرج منه شيء أم لا، فقال: -عليه الصلاة والسلام- لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا، أي لا يخرج من صلاته ويحكم بانتقاض وضوئه إلا إذا تيقن ثم ذكر بعد طريق اليقين بأن يسمع الصوت أو يشم الريح أو نحو ذلك، وإن لم يحصل ذلك اليقين فالأصل بقاء الطهارة.

هكذا الأصل طهارة البدن وأن النجاسة لم تصبه حتى نتيقن أن النجاسة قد وقعت عليه، والأصل عدم وجود شيء من النجاسة على الثوب حتى نتيقن أن النجاسة قد أصابته، وهكذا قل في باقي أمورك، أما التفكر في ذات الله فأنت منهي عنه، ومطلوب منك أن تتفكر في آيات الله وفي مخلوقاته؛ فهذا هو التفكر النافع، فانتهي عن التفكر في ذات الله، ولا علاج له إلا ذلك كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (فليستعذ بالله ولينته) وأنت غير مؤاخذ بما يلقيه الشيطان إليك من الوساوس، فقد حصل ذلك لبعض الصحابة فلما أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بكراهتهم لذلك قال: (ذاك صريح الإيمان) وأما الصلوات فالواجب عليك أن تحافظ على الصلوات الخمس في أوقاتها؛ لأن الله تعالى قال إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا، فجاهد نفسك لأداء الصلوات في أوقاتها المحددة، فإذا نمت عن صلاة أو نسيتها فبادر إلى قضائها بعد الاستيقاظ من النوم أو عند تذكرها إذا كان تركها بالنسيان، ولو جهلت يوما فعصيت الله تعالى وأخرت الصلاة عن وقتها فبادر إلى الله تعالى بالتوبة، واقض ما عليك من الصلوات، والقضاء يستحسن فيه أن يكون بالترتيب؛ لأن بعض العلماء يرى وجوب الترتيب، وإن لم ترتب فنرى أنه لا حرج عليك في ذلك، ولكن الأحسن أن ترتب خروجا من خلاف العلماء، فإذا أردت أن تقضي صلاة العصر وصلاة المغرب في وقت صلاة العشاء فابدأ أولا بالعصر ثم بالمغرب، ثم صل العشاء، وهذا إذا لم تخف خروج وقت العشاء، أما إذا خشيت خروج وقت العشاء فابدأ بصلاة صاحبة الوقت ثم اقض بعد ذلك ما عليك.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى أن يأخذ بيدك إلى كل خير، وأن يعينك على نفسك، وأن ييسر لك سبل التفقه في دينه وتعلم شرعه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً