الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من عصبية زوجتي وتعاملها معي، ما توجيهكم؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
بداية شكراً لكم على هذا الموقع الراقي، وجعله الله في ميزان حسناتكم

أنا شاب متزوج منذ سنة ونصف تقريباً، ليس لدي أطفال، أعاني من عصبية زوجتي وعنادها المفرط لي كثيراً، وبغضها لأهلي دون وجه حق، مع العلم والله يشهد أن أهلي أناس طيبون جداً جداً، وأنا شخص لا أحب المشاكل وأتجنبها كثيراً، لكن زوجتي سامحها الله تخلق المشاكل الواحدة تلو الأخرى بحجة أو أخرى، وقد جربت شتى الطرق في التعامل معها، ولكن دون جدوى.

علماً أني أحترمها كثيراً، ولم أقصر بحقها بأي شيء، مع ظروف دخلي المحدود، ومع العلم أني متأكد جداً من حبها لي، لكن عصبيتها وتصرفاتها معي لا تطاق.

أعينوني أعانني الله وإياكم، وأرشدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ماهر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه أما بعد: فإنا نسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يصلح لنا ولك النية والذرية، وردد معي قول الله تبارك وتعالى: {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا}.

يسعدنا أن نتوجه لك بالشكر، ونريد أن نؤكد لك أن هذا واجب وشرف لنا أن نكون في خدمة أبنائنا وبناتنا وإخواننا وأخواتنا، ونسأل الله أن يستخدمنا في طاعته، ونكرر شكرنا لك، ونسأل الله أن يجعلنا عند حسن الظن، وأن يعيننا جميعًا على كل أمر يُرضيه.

أرجو أن تعلم – ابني الكريم – أن هذه الزوجة التي تعاني من عصبيتها وعنادها لا شك أن لها جوانب مشرقة، وأن فيها إيجابيات، ومن الذي ما ساء قط، ومن له الحسنى فقط؟! نذكرك بداية بقول النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر)، فأرجو أن تقيم هذا الميزان أولاً، وتضع ما عند هذه الزوجة من إيجابيات، وما فيها من محاسن في كفة، ثم تضع إن شئت بعد ذلك ما عندها من سلبيات في الكفة الأخرى، لتقيم العدل وتقيم الميزان الذي يُرضي الله تبارك وتعالى، ولا يخفى عليك أن المرأة وكلنا ذلك الذي فيه من العيوب وفيه من الإيجابيات، وهكذا هي طبيعة الإنسان، والعبرة في ذلك كما قالوا: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، وكفى بالمرء نبلاً أن تُعد معايبه.

لذلك هذه نظرة ينبغي أن تكون في البداية ونتمنى أن يعينك الله تبارك وتعالى على إصلاح الخلل، ونريد أيضًا أن نبيّن أن من المهم للزوج وللزوجة أن يقبل الشريك كما هو، وألا يُظهر له هذه العيوب والجوانب السلبية، وأن يتفادى ما يثير عصبية الطرف الآخر، إذا كان الرجل عصبياً فإن المرأة العاقلة ترصد المشاكل التي تتسبب في عصبية زوجها ثم تتفاداها، وإذا كانت الزوجة هي عصبية فإن الرجل يرصد المسائل التي تجعل هذه الزوجة تغضب وتخرج عن طورها، فيتفادى هذه الأشياء، والقاعدة في ذلك كما قال أبو الدرداء لزوجته ليلة بنائه بها: (إذا غضبتُ فرضّني، وإذا غضبتِ رضّيتُك، وإلا لم نصطحب).

رغم أننا نؤكد لك أن العصبية والعناد من الأمور المزعجة جدًّا للزوج، وخاصة وأنه سيأتيكم بإذن الله أطفال، ولكن أرجو أن تتعامل مع المسألة بمنتهى الهدوء، وأرجو أن تتجنب أيضًا خلط الأوراق في بعضها، فأسباب هذه العصبية قد تكون معروفة بالنسبة لك، وقد تكون غير معروفة، فإن كانت معروفة فعليك كما مضى معنا أن تتفاداها، وإن كانت غير معروفة فعليك أن تصبر وتحسن التعامل معها، وتحاول أن تنقل لها المشاعر النبيلة من أهلك تجاهها، والعكس كذلك، فلا تشعر أهلك أنها تتضايق منهم، ولا تشعرها كذلك أنهم غير راغبين فيها، واحرص على أن تقيم ميزان العدل، فإن هذا الشرع الحنيف يأمرك أن تحسن إلى زوجك ويأمرك أن تحسن إلى أهلك.

أسعدنا وأعجبنا أنك لا تحب المشاكل، وأنك تتجنب المشاكل، ولكن هذه الزوجة التي تزعم أنها تخلق المشاكل - وهذه الأنواع موجودة في النساء – فكن أنت العاقل، وكن أنت الذي يمتص هذه الإشكالات، ويعطي كل مشكلة حجمها المناسب، وحقها وحظها من الاهتمام.

عليك أن تواصل كذلك الإحسان لزوجتك، فلا تقصر في حقها، واحرص على أن تحاول أن تسوسها وتداريها، فإن المرأة خُلقت من ضلع أعوج، والإنسان يحاول أن يميل مع الشارع الأعوج، ويحاول أن يقدم معه التنازلات، وإذا كنت ولله الحمد متأكدًا من حبها لك فإن هذا أيضًا مما يطمئن على هذه العلاقة، ويبين لك أن هذا الذي يحدث ما هو إلا سحابة صيف، فنوصيك بالدعاء والتوجه إلى الله تبارك وتعالى.

أرجو أن تتعرف كذلك كما قلنا على أسباب هذه العصبية وهذا العناد، وهذا سيظهر لك من خلال حوارك معها، من خلال رصدك الأمور التي تجعلها تغضب ولا ترضى، من خلال التفاهم معها حول بعض الأساسيات في الحياة الزوجية.

وصيتنا لك بتقوى الله تبارك وتعالى، وصيتنا لك بكثرة الدعاء والتوجه إلى رب الأرض والسماء، وصيتنا لك كذلك بأن تكثر من الاستغفار، ووصيتنا لك كذلك أن تجتهد في الإحسان لهذه الزوجة، ووصيتنا لك كذلك أيضًا في أن تحاول معالجة هذه المشاكل بحكمة، وأرجو أن تصطحب ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة بها عوج، وأنك إذا استمتعت بها على عوج، وإن ذهبت تصلح العوج، فإصلاح الضلع كسره، وكسرها طلاقها.

نسأل الله أن يديم عليك النعمة وأن يستخدمها وإياك فيما يرضيه، وأرجو أن تعلم كذلك أن فترة سنة ونصف غير كافية لاكتشاف الكثير من الأمور، فأنتم لازلتم في المراحل الأولى، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يستخدم الجميع في طاعته، وأن يصلح لنا ولك النية والذرية، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاح هذه الزوجة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا عمر البراهيم

    انا اعاني من زوجتي

  • مصر صلاح

    انا لست مقتنع تماماً لان اقسم بالله مافيش فايده في الزوجه العصبيه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً